تنور الطين والخبز
Clay bread oven
تتذوق طعم الخبز البيتي الحار ..وهو خارج لتوه من التنور ..والاجمل لو كان التنور طينيا ..فالطعم سيكون مختلفا ومميزا ..فقديما لم يكن للرغيف الاجنبي او حتى المحلي المباع مكانا في بيوتنا ...وكنا نلتف حول المائدة ونثور ان لم يكن الخبز البيتي يتصدر المائدة ...وفي ظل انتشار المخابز ليس في كل منطقة بل في المنطقة الواحدة قد يوجد اكثر من خمس الى ست مخابز .. بدأ الناس يعتمدون على الخبز المصنع فيها رغم نحافته المفرطة وطعمه الذي يدل على ان عجينه لم يختمر جيدا ..خصوصا وان عدد الموظفات قد زاد ...وحتى لو لم يزيد فقد ادركت النساء بان التعرض لنار التنور تفقدهن الحيوية الموجودة في البشرة وتسرع من الشيخوخة وتكثر من انتشار النمش ...ولهذا ابتعدن عن الخبز البيتي واعتمدن اعتمادا كليا على الصمونة ذات الحجم الاقتصادي والخبز الغير مختمر ولياكل الزوج ولا يحق له الاعتراض ..ولكن يبدو ان بعض النساء فضلن العودة الى تجربة الخبز البيتي وحتى الموظفات منهن ...بل وبدات ربة البيت التي تعد بيتها في البيت تفتخر بذلك وبانها تعد خبزا بيتيا يرضي زوجها وكل الموجودين في البيت ..وعن تلك التجربة حدثتنا السيدة (سلمى ناجي ) المعلمة في احدى المدارس وهي جدة الا انها لا يبدو عليها ذلك تقول: ـ كنت وزوجي قد تم تعييننا في قضاء الحر وهناك كنت معلمة شابة وحيدة لا سوق قريب ولا احد يمكنني الاعتماد عليه لذا فقد اضطررت الى الاعتماد على نفسي بدون معونة احد ..وقد طلبت من جارتي الريفية تعليمي طريقة العجن واعداد الخبز وبدات بداية بسيطة ومن ثم اصبحت استمتع وانا اعد الخبز ..ومن ثم تركت ذلك لفترة بعد ان انتقلنا للمدينة حيث توفر المخابز والافران ززواعتمدت وعائلتي لفترة على ا نسشتريه منها ولكننا لم نكن نستذوق الطعام ...وبدا زوجي يطالبني بالعودة الى اعداد الخبز بنفسي وقد عدت فعلا رغم كوني موظفة الا اني رتبت وقتي وصرت اخبز مرتين في اليوم لأنني اقوم بارسال بعضا من خبزي الى اولادي المتزوجين في بيوتهم ..حتى يستطعموا الطعام ..وانا اجد بان على المراة ان تعد خبزها في بيتها لان اعداد الخبز فيه متعة وكذلك فان ربة البيت التي تخبز بنفسها لن تتعرض للاحراج ان زارها ضيوف مفاجئين او احتاجت الى خبز اضافي. كان اعداد الخبز البيتي مقتصرا في البداية على النساء الريفيات ..الا ان الاقبال على شراء التنانير قد زاد في الفترة الاخيرة حتى من قبل نساء المدن بل وعدن بعضهن الى تنور الطين ..والعودة الى التنور الطيني لم يكن من اجل استعادة التراث بل بسبب امة الوقود .. تقول (فاطمة ) وهي موظفة شابة في احد المصارف : ـ اضطررت الى شراء تنور طيني بعد توصيات كثيرة وحصلت عليه بصعبوة لعدم توفر النوعيات الجيدة منه اليوم ..وذلك كي اوفر في الغاز السائل الذي يستهلكه التنور الغازي بكثرة ..وبدأت اجمع الحطب الذي احتاجه واخبز في التنور الطين الذي يتمتع خبزه بطعم استثنائي ..ولكن المشكلة تكمن في ان مرضى الربو والتهاب القصبات والحساسية لا يمكن ان يخبزوا في تنور الطين بسبب الدخان المتطاير منه نتيجة لحرق الحطب او اي مواد ترمى فيه ...ولا اخفي بانه رغم الطعم اللذيذ للخبز البيتي المعد في تنور الطين الا اني اتمنى ان يتوفر الغاز اكثر حتى اتمكن من العودة الى التنور الغازي .وتشير الى انها لا ترغب بشراء الصمون التجاري او خبز المخابز الاهلية كونه لا يتمتع بصفات الخبز البيتي وهو يؤذي المعدة لأنه غير مختمر ..وتكمل قائلة : ـ لست الموظفة الوحيدة التي تخبز بنفسها بل اكثر زميلاتي والموظفات اللواتي اعرفهن في دوائر اخرى يعتمدن على انفسهن في اعداد الخبز ..لاننا ادركنا بان الطعام اطيب معه وبان ربة البيت الممتازة هي التي تعد خبزها بنفسها. بينما يؤكد (ابو علي ) وهو صاحب محل لبيع التنانير الغازية بان الاقبال على شراء التنور قد زاد عن فترة الثمانينيات من القرن الماضي والتسعينيات ايضا ..فرغم تحسن الوضع المعاشي للناس الا انهم يفلون الخبز البيتي ...وذلك لعدم التزام اصحاب الافران والمخابز بالشروط اللازمة لاعداد رغيف الخبز .. الطلب على الخبز كثير لذا فقد يبقى بعض العجين احيانا في قيد التخمر ولا يكتمل مما يفرز طعما غير محبب في الخبز وانا شخصيا اكدت كثيرا على عمال المخبز على ضرورة الاهتمام بتخمير العجين حتى لا نفقد زبائننا ..كما واننا نضطر الى خلط انواع الطحين لاننا لو قمنا بوضع اجود نوعية فقط فلن نتمكن من استحصال ربح جيد .وهذه طبيعة عمل جميع المخابز ...لاننا ايضا نعاني من ازمة تجهيزنا بالنفط اللازم ...وغلائه .وما غلاء رغيف الخبز الا نتيجة لغلاء الوقود . يبدو ان المستقبل سيشهد عودة كبيرة واكبر من الحالية للخبز البيتي ..ان بقي اصحاب المخابز على حالهم تلك ..وقد نشهد مستقبلا مسابقات في اعداد الخبز البيتي كما تتباهى اليوم الكثير من الموظفات باجادتهن لعملية اعداد الخبز .