قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في خطبته لشهر رمضان :
يا عليُّ أبكي لما يستحلُّ منك في هذا الشهر، كأنّي بك وأنت تصلّي لربّك، وقد انبعث أشقى الأوَّلين شقيق عاقر ناقة ثمود، فضربك ضربة على قرنك فخضّب منها لحيتك
البسي يا مهجتي ثوب السواد فعلي الكرار قد
آن الحداد ضربة هدت أساقيف العماد
أطفئوا بالحقد أنوار الرشاد مأجورين
لا لعنة الله على ابن ملجم الشقي
قل لابن ملجم والاقدارغالبة هدمت ويحك للاسلام اركانا
قتلت افضل من يمشي على قدم واحسن الناس اسلاما وايمانا
وأعلم الناس بالقران ثم بما سن الرسول لنا علما وتبيانا
صهر النبي ومولاه وناصره اضحت مناقبه نورا برهانا
وكان منه على رغم الحسود له مكان هارون من موسى بن عمرانا
ذكرت قاتله والدمع منحدر فقلت سبحان رب العرش سبحانا
قد كان يخبرنا (أن) سوف يخضبها شر البرية اشقاها وقد كانا
نادى جبرائيل بين السماء والأرض: تهدمت والله أركان الهدى، وانطمست والله نجوم السماء وأعلام التقى، وانفصمت والله العروة الوثقى، قتل ابن عم المصطفى، قتل الوصي المجتبى، قتل علي المرتضى.. قتل سيد الأوصياء .. قتله أشقى الأشقياء
بشر الإمام علي عليه السلام من قبل النبي صلى الله عيه وآله وسلم بأنه يفوز بالشهادة في سبيل الله.. وكان ينتظر ذلك اليوم حتى جاء يوم أحد وما حل بالمسلمين من مصائب فتأسف الإمام أمير المؤمنين على حرمانه الشهادة في ذلك اليوم فقال له النبي: إنها من ورائك…فكان ينتظرها على شغب..
ويوم الخندق لما ضربه عمرو بن عبدود على رأسه كانت الدماء تسيل على وجهه الشريف فقام رسول الله صلّى الله عليه وآله يشد جرحه ويقول له: أين أنا يوم ضربك أشقى الآخرين على رأسك ويخضب لحيتك من دم رأسك؟؟
وخطب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في آخر جمعة من شهر شعبان وذكر ما يتعلق بشهر رمضان، فقام علي عليه السلام وقال: ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟ فقال: يا أبا الحسن أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عز وجل، ثم بكى النبي فقال عليه السلام: ما يبكيك؟ فقال: يا علي أبكي لما يستحل منك في هذا الشهر! كأني بك وأنت تصلي لربك وقد انبعث أشقى الأولين والآخرين شقيق عاقر ناقة ثمود، فضربك ضربة على قرنك فخضب منها لحيتك، قال الإمام: وذلك في سلامة من ديني؟ فقال: في سلامة من دينك… الخ
وكان الإمام (عليه السلام) كثيراً ما يخبر الناس بشهادته واختضاب لحيته الكريمة بدم رأسه، وحينما أتاه عبد الرحمن بن ملجم ليبايعه نظر علي في وجه طويلاً فقال: أريد حياته ويريد قتلي، وفي تلك السنة الأخيرة من حياته والشهر الأخير من حياته كان يخبر الناس بشهادته فيقول: ألا وإنكم حاجوا العام صفاً واحداً، وآية (علامة) ذلك أني لست فيكم, فعلم الناس أنه ينعى نفسه، ولم يكتفِ عليه السلام بذلك بل كان يدعو على نفسه ويسأل من الله تعالى تعجيل الوفاة، وتارة كان يكشف عن رأسه وينشر المصحف على رأسه ويرفع يديه للدعاء قائلاً: اللهم إني قد سئمتهم وسئموني ومللتهم وملوني، أما أن تخضب هذه من هذا ـ ويشير إلى هامته ولحيته.
وقبل الواقعة أخبر عليه السلام أبنته أم كلثوم بأنه رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يمسح الغبار عن وجهه ويقول: يا علي لا عليك، قضيت ما عليك
وكان الإمام قد بلغ من العمر ثلاثاً وستين سنة، وفي شهر رمضان من تلك السنة كان الإمام يفطر ليلة عند ولده الحسن وليلة عند ولده الحسين وليلة عند ابنته زينب الكبرى زوجة عبد الله بن جعفر وليلة عند أبنته زينب الصغرى المكناة بأم كلثوم
وفي الليلة التاسعة عشر كان الإمام عليه السلام في دار ابنته أم كلثوم فقدمت له فطوره في طبق فيه: قرصان من خبز الشعير، وقصعة فيها لبن حامض، فأمر الإمام ابنته أن ترفع اللبن، وأفطر بالخبز والملح، ولم يشرب من اللبن شيئاً لأن في الملح كفاية، وأكل قرصاً واحداً، ثم حمد الله وأثنى عليه، و قام إلى الصلاة، ولم يزل راكعاً وساجداً ومبتهلاً ومتضرعاً إلى الله تعالى، وكان يكثر الدخول والخروج وينظر إلى السماء ويقول: هي، هي والله الليلة التي وعدنيها حبيبي رسول الله
ثم رقد هنيئة وانتبه مرعوباً وجعل يمسح وجهه بثوبه، ونهض قائماً على قدميه وهو يقول: اللهم بارك لنا في لقائك
ويكثر من قول (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم)
يا سماء اشهدي ويا ارض قري واخشعــي، إنني ذكرت عليّا
ياسماء اشهدي وياارض قري وتحنني اني احببت عليا
ياسماء اشهدي ويارض قري واحزني اني قد بكيت عليا
نعزي صاحب العصر والزمان بهذا المصاب الجلل
الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف
مابال الطغاة خسروا واندحروا
وانت عليا في العلا ياقمرٌ