سرايا عابدين ، حريق غزة ، آه يا عرب .
أحمد الحباسى
لم يعد الكلام عن القضية ، عن غزة ، عن أطفال الحجارة ، عن الموت في فلسطين مثيرا…للاهتمام ، أعنى بالاهتمام ، اهتمام أصحاب المعالي و الفخامة من حطام حكام العرب ، لم يعد هناك ما ” يثير “حكام العرب بعد أن فقدوا الضمير و ما تبقى لديهم من شهامة ، و حتى لو كتبنا ما كتبنا ، و نادينا من نادينا ، فالقائمون على أمرنا قلوب قدت من حجر لا ينفجر منها الغضب و لن نفلح في إيقاظ ضمائر ولدت ميتة ، مع ذلك يصر البعض على الكتابة و على مزيد الصراخ دون جدوى ، و مع ذلك يريد البعض إقناع نفسه أن في هذه الأمة حكام أهل نصرة ، مدافعون عن الشرف ، لا ينامون و هم يرون آلة القتل الصهيونية تدوس كل القيم الإنسانية .
في ” سرايا عابدين” ، مسلسل العشرين مليون دولار ، يتم ذبح الأخلاق و الفضيلة ، هنا يمارس الجنس و تباع الخيانة على نار هادئة ، خيانة الوطن ، و خيانة العلاقة الزوجية ، و خيانة الخيانة ، و في كل زوايا “سرايا عابدين ” تمارس الرذيلة تحت كل العناوين الفاضحة ، لقطات ” قريبة جدا ..جدا..جدا …” زوم مكبر على طبيعة الخيانة في زمن ” سرايا عابدين ” ، شموع خافتة حتى لا نتفطن للخيانة ، حتى تمر الخيانة ، حتى لا نصرخ من وجع الخيانة ، حريم السلطان و نزوات السلطان و بغى السلطان ، كالعادة هناك من يبحث عن “لذة” السلطان ، عن استغلال شهوات السلطان ، عن مزيد الدسائس باسم السلطان ، الخديوي في زمن “سرايا عابدين” هو ملك الشهوة و النزوة ، و حوله يلتف الخونة و العملاء و كل من يتاجر بالضمير و من لا يملك الضمير .
لا يهم أن يذبح أهل غزة ، أن تزرع الطائرات الصهيونية الموت في كل ناحية من غزة ، المهم أن يستمتع السلطان في “سرايا عابدين ” ، المهم أن نموت فداء للسلطان الخديوي الفاسد الكريه ، المهم أن نتشبع بخلق زمن “سرايا عابدين” ، أن “نشاهد” زمن “سرايا عابدين ، أن نفهم لماذا ضاعت الأندلس ، لماذا ضاعت بغداد ، لماذا ضاعت ليبيا ، لماذا هزمنا في 48 و 67 و 1973 ، لماذا دفن ياسر عرفات حيا ، لماذا سقطت الضفة و القدس ، لماذا ذهب الأغبياء إلى أوسلو ، لماذا قتل الشهداء بغدر السلطة ، المهم ، أن نفهم و نقرأ عن الماضي حتى نفهم هذا ” الحاضر” ، لقد هزمنا في حروبنا العسكرية و الثقافية و الاقتصادية لأننا عشنا في زمن ” سرايا عابدين ” ، لان البطانة الفاسدة هي التي كانت تحكم مكان السلطان الغارق في نزوات السلطنة القبيحة.
لا يهم الآن ما يعرض و متى يعرض و لماذا يعرض ، لا يهم لان القبح لا يعرض في هذا الشهر الفضيل ، لا يهم ما دام “العارضون ” هم أهل زمن “سرايا عابدين ” ، لم يعد مجديا أن نندد و أن نشهر بذبح الفضيلة في شهر الصيام ، فكل القنوات قد تحولت إلى بيوت دعارة ” فضائية” ، كل هذه الدكاكين “العربية” الهابطة هي “قنوات” تصريف للرذيلة و الخيانة و الدعوات إلى التطبيع ، لا فرق بين فضائيات الأردن و فضائيات المغرب ، بين فضائيات العراق و فضائيات ليبيا ، الكل سواسية في تصريف الهلوسة البغائية مع قدر مجنون من الإعلانات السخيفة ، بالمقابل ، لا أحد من فضائيات “حريم السلطان” و فضائيات “سرايا عابدين” و فضائيات زهرة و أزواجها الخمسة ” يهتم بشهداء غزة ، بالدم المراق على بعد أمتار من القدس ، لا أحد يهتم من حكام العرب بما يحدث “تحت القدس” و بجوار القدس ، لا أحد من حكام العرب مستعد للزكاة في القدس ، للزكاة في سلاح للمقاومة ، للزكاة من أجل لقمة عيش للمرابطين في القدس ، لا أحد من حكامنا الميامين مستعد أن يتحرك من أجل رفع المعاناة عن المعذبين و الأسرى في سجون الاحتلال ، كل حاكم عربي مهتم فقط بسرايا عابدين ، كلهم ” أبو عبد الله محمد بن على ” ، لكنهم لا يبكون على عروبة و شرف عربي لم يحافظوا عليه كالرجال ، و ما الجدوى الآن من بكائهم بعد أن ضاعت الأندلس ، بعد جاء “البغدادي” إلى بغداد ، بعد أن تعملقت الصهيونية و صارت ماردا قاتلا ، بعد أن استشهد أمجد أبو خضير ، فعلا إنه زمن “سرايا عابدين ” و ما أدراك ما زمن “سرايا عابدين ”
.
خاص بانوراما الشرق الاوسط -