ﻳﺪﻣﻲ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﻳﺄﺭﻕ ﺍﻟﺠﻔﻮﻥ ﻻﻣﺔ ﺗﻨﺤﺮ ﺃﻣﺎﻣﻬﺎ ﺑﻤﺤﺮﺍﺏ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺗﻬﺪﻡ
ﺃﺣﺪ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻬﺪﻯ ﻭﺗﻄﻔﺄ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻤﺆﺍﻣﺮﺍﺕ ﺩﻧﻴﺌﺔ ﻭﺧﺒﻴﺜﺔ ﺗﺤﺎﻙ
ﺑﻈﻼﻡ ﺿﺪ ﺩﻳﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﺎﻟﺘﻪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ . ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﻧﻤﻮﺫﺝ
ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺮﺍﻗﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺜﻞ ﺍﻻﻋﻠﻰ ﻟﺘﺼﻌﻴﺪﻩ ﻭﺷﻤﻮﺧﻪ ﻓﺎﻹﻣﺎﻡ ﺣﻘﻴﻘﺔ
ﺭﺍﻫﻨﺔ
ﺗﺨﻠﺪ ﺧﻠﻮﺩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ . ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺒﺤﺮ ﻓﻲ ﻋﻤﻖ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻻﻧﺴﺎﻧﻲ ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ
ﻟﻢ ﻧﺠﺪ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻣﺤﻤﺪ (ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﺍﻟﻄﻴﺒﻴﻦ)
ﺭﺟﻼً ﻛﺎﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﺍﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ( ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ) ﻳﺤﻤﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ
ﻭﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻗﺐ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﺳﻦ ﺍﻻﺧﻼﻗﻴﺔ ﻭﺍﻻﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﺃﻥ ﺁﻣﻦ
ﺑﺎﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﻭﺃﻓﺘﺪﻯ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻻﻋﻈﻢ . ﻭﻫﻮ ﺃﻭﻝ ﻣﻦ
ﻧﺼﺮ ﺍﻻﺳﻼﻡ ﺑﺴﻴﻔﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺮﺯ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺍﻟﺨﻨﺪﻕ ﻟﻌﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻭﺩ
ﺍﻟﻌﺎﻣﺮﻱ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﺩﻝ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﻘﻠﻴﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ( ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﺍﻟﻄﻴﺒﻴﻦ ) ﻟﻺﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ .
ﻭﻓﻲ ﻓﺠﺮ ﻳﻮﻡ 19 ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ 40 ﻟﻠﻬﺠﺮﺓ ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪ ﺍﻟﻜﻮﻓﺔ
ﺿﺮﺏ ﺃﺣﺪ ﺃﺷﻘﻴﺎﺀ ﺍﻟﺨﻮﺍﺭﺝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻣﻠﺠﻢ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ
ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﻭﻫﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﺮﺍﺏ ﺳﺎﺟﺪﺍً ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻪ ﺑﺴﻴﻒ ﻣﺴﻤﻮﻡ،
ﻭﻗﺪ ﺻﺎﺡ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺿﺮﺑﻪ ﺍﻟﺸﻘﻲ " ﻓﺰﺕ ﻭﺭﺏ ﺍﻟﻜﻌﺒﺔ . ﻭﻫﺬﻩ
ﺍﻟﺤﺎﺩﺙ ﺍﻟﺠﻠﻞ ﻛﺎﻥ ﺑﺘﺸﺠﻴﻊ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﻌﺚ ﺃﺑﻦ ﻗﻴﺲ (ﻭﺍﻟﺪ ﺟﻌﺪﺓ ﺑﻨﺖ
ﺍﻷﺷﻌﺚ ﺍﻟﺘﻲ ﺩﺳﺖ ﺍﻟﺴﻢ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻟﻺﻣﺎﻡ ﺍﻟﺤﺴﻦ (ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ )
ﻏﺪﺭﺕ ﺍﻻﻣﺔ ﺑﺈﻣﺎﻣﻬﺎ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻋﻠﻲ ﺍﺑﻦ ﺍﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻓﻨﻰ ﻋﻤﺮﻩ
ﻓﻲ ﻃﺎﻋﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺧﺪﻣﺔ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻻﺳﻼﻣﻴﺔ , ﻓﻘﺪ ﻋﺎﺵ ﺍﻻﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ
63 ﻋﺎﻣﺎ ﻓﻘﻴﻬﺎً ﺯﺍﻫﺪﺍً ﻋﺎﺑﺪﺍ ﻭﻋﺎﺩﻻً ﻭﻧﺎﺻﺮﺍً ﻟﻠﻔﻘﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻀﻌﻔﻴﻦ,
ﻭﻗﺪ ﺃﺳﻠﻢ ﻭﻫﻮ ﺍﺑﻦ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻴﻦ . ﻭﻗﻀﻰ ﺛﻼﺛﺎً ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﻋﺎﻣﺎً ﻣﻊ
ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺛﻼﺛﺔ ﻋﺸﺮ ﺑﻤﻜﺔ ﻭﻋﺸﺮ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ . ﻭﻫﻨﺎ
ﻻﻧﺮﻳﺪ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺳﺒﺐ ﻗﺘﻞ ﺍﻻﻣﺎﻡ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺪﻋﻲ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺪﻋﻲ ﺍﺑﻦ
ﻣﻠﺠﻢ(ﻟﻌﻨﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ) ﻭﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻤﺠﺮﻡ ﺑﻘﻄﺎﻣﺔ ﺑﻨﺖ ﺍﻻﺧﻀﺮ ﺍﻟﺘﻴﻤﻴﺔ،
ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺘﻞ ﺃﻣﻴﺮﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ (ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ) ﺃﺑﺎﻫﺎ ﻭﺃﺧﺎﻫﺎ ﺑﺎﻟﻨﻬﺮﻭﺍﻥ,
ﻭﻟﻜﻦ ﻧﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻧﺴﻠﻂ ﺍﻟﻀﻮﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ ﺍﻻﺧﻼﻗﻲ ﻭﺍﻻﻧﺴﺎﻧﻲ ﻟﺴﻠﻮﻙ
ﺍﻻﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﺨﺼﻮﻡ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺎﺕ ﺣﺮﺟﺔ ﻭﺧﻄﻴﺮﺓ .
ﻓﻘﺪ ﺃﻭﺻﻰ ﺍﻷﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ( ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ) ﻭﻟﺪﻳﻪ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻭﺍﻟﺤﺴﻴﻦ
( ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴﻼﻡ) ﺣﻴﻦ ﺿﺮﺑﻪ ﺍﺑﻦ ﻣﻠﺠﻢ (ﻟﻌﻨﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ)
ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﻢ : ﺃﻭﺻﻴﻜﻢ ﺑﺘﻘﻮﻯ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺃﻥ ﻻﺗﺒﻐﻴﺎ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺇﻥ ﺑﻐﺘﻜﻤﺎ, ﻭﻻ
ﺗﺄﺳﻔﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﺊ ﻣﻨﻬﺎ ﺯﻭﻱ ﻋﻨﻜﻤﺎ , ﻭﻗﻮﻻ ﻗﻮﻝ ﺑﺎﻟﺤﻖ , ﻭﺃﻋﻤﻼ
ﻟﻺﺟﺮ , ﻭﻛﻮﻧﺎ ﻟﻠﻈﺎﻟﻢ ﺧﺼﻤﺎ ﻭﻟﻠﻤﻈﻠﻮﻡ ﻋﻮﻧﺎً . ﺃﻭﺻﻴﻜﻢ ﻭﺟﻤﻴﻊ ﻭﻟﺪﻱ
ﻭﺃﻫﻠﻲ ﻭﻣﻦ ﺑﻠﻐﻪ ﻛﺘﺎﺑﻲ ﺑﺘﻘﻮﻯ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻧﻈﻢ ﺃﻣﺮﻛﻢ ﻭﺻﻼﺡ ﺫﺍﺕ
ﺑﻴﻨﻜﻢ .ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺎﻻﻳﺘﺎﻡ ﻓﻼ ﺗﻐﺒٌﻮﺍ ﺃﻓﻮﺍﻫﻬﻢ, ﻭﻻﻳﻀﻴﻌﻮﺍ ﺑﺤﻀﺮﺗﻜﻢ,
ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺠﻴﺮﺍﻧﻜﻢ ﻓﺄﻧﻬﻢ ﻭﺻﻴﺔ ﻧﺒﻴﻜﻢ ﻣﺎﺯﺍﻝ ﻳﻮﺻﻲ ﺑﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﻇﻨﻨﺎ
ﺃﻧﻪ ﺳﻴﻮﺭﺛﻬﻢ . ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺍﻥ ﻻ ﻳﺴﺒﻘﻜﻢ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺑﻪ ﻏﻴﺮﻛﻢ,
ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻓﺄﻧﻬﺎ ﻋﻤﻮﺩ ﺩﻳﻨﻜﻢ .
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻻﻣﺎﻡ ﺭﻭﺣﻲ ﻟﻪ ﺍﻟﻔﺪﺍﺀ ﺃﻧﺎ ﺑﺎﻻﻣﺲ ﺻﺎﺣﺒﻜﻢ , ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﻋﺒﺮﺓ ﻟﻜﻢ,
ﻭﻏﺪﺍً ﻣﻔﺎﺭﻗﻜﻢ, ﻏﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻲ ﻭﻟﻜﻢ . ﺇﻥ ﺃﺑﻖ ﻓﺄﻧﺎ ﻭﻟﻲٌ ﺩﻣﻲ, ﻭﺇﻥ
ﺃﻓﻦ ﻓﺎﻟﻔﻨﺎﺀ ﻣﻴﻌﺎﺩﻱ , ﻭﺃﻥ ﺃﻋﻒ ﻓﺎﻟﻌﻔﻮ ﻟﻲ ﻗﺮﺑﺔ , ﻭﻫﻮ ﻟﻜﻢ ﺣﺴﻨﺔ,
ﻓﺄﻋﻔﻮﺍ ﺃﻻ ﺗﺤﺒﻮﻥ ﺃﻥ ﻳﻐﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻜﻢ؟
ﻭﻗﺎﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ : ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻓﺠﺄﻧﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﺍﺭﺩ ﻛﺮﻫﺘﻪ, ﻭﻻ
ﻃﺎﻟﻊ ﺃﻧﻜﺮﺗﻪ , ﻭﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﺇﻻ ﻛﻘﺎﺭﺏ ﻭﺭﺩ, ﻭﻃﺎﻟﺐ ﻭﺟﺪ , ﻭﻣﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ
ﺧﻴﺮ ﻟﻼﺑﺮﺍﺭ .
ﺍﻻﺧﻼﻕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻬﺬﺏ ﺑﻬﺎ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻓﺎﻗﺖ ﺍﻟﻤﺜﺎﻟﻴﺔ ﻭﺑﻠﻐﺖ ﺍﻟﺮﻗﻲ
ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺍﺗﺐ , ﻓﻘﺪ ﺃﻛﺘﺴﺒﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻻﻋﻈﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﺘﻚ
ﺍﻻﺧﻼﻕ ﺍﻟﻨﺒﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﻔﺮﻳﺪﺓ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ( ﻭﺇﻧﻚ ﻟﻌﻠﻰ ﺧﻠﻖ ﻋﻈﻴﻢ)
ﻭﻗﺪ ﺗﺠﺴﺪﺕ ﺗﻠﻚ ﺍﻻﺧﻼﻕ ﻓﻲ ﺳﻠﻮﻙ ﺍﻻﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻋﺎﺩﻻً ﻣﻊ
ﺃﺷﺪ ﺧﺼﻮﻣﻪ . ﻟﻢ ﻳﺄﺛﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻘﻲ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺸﻘﻲ ﺍﺑﻦ ﻣﻠﺠﻢ (ﻟﻌﻨﺔ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ) ﻓﻘﺪ ﺃﻭﻟﻰ ﺣﻜﻤﻪ ﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ ﻓﻲ ﻭﺻﻴﺘﻪ ﺍﻟﺮﺍﺋﻌﺔ ﻻﻭﻻﺩﻩ
ﻣﺤﺒﻴﻪ , ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﻘﺮﺑﻴﻦ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﻓﻲ
ﻣﺴﺠﺪ ﺍﻟﻜﻮﻓﺔ ﺃﻧﻬﺎﻟﻮﺍ ﺑﺎﻟﻀﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﺑﻦ ﻣﻠﺠﻢ ﻭﺃﺭﺍﺩﻭﺍ ﺍﻻﻧﻘﻀﺎﺽ
ﻋﻠﻴﻪ , ﻟﻜﻦ ﺍﻻﻣﺎﻡ ﺃﻭﻗﻒ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻭﺃﻭﻋﺰ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻠﻌﻘﻞ
ﻭﺍﻟﻤﻨﻄﻖ . ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻻﺧﻼﻗﻲ ﺗﻔﺘﻘﺮ ﻟﻪ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﺣﻜﺎﻡ
ﻭﻋﻠﻤﺎﺀ ﻭﻓﻼﺳﻔﺔ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ .
ﻭﻣﻦ ﻣﻨﺎﻗﺐ ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻻﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ( ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ) ﺑﻌﺪ ﺿﺮﺑﺔ ﺃﺑﻦ ﻣﻠﺠﻢ
ﺍﻟﻌﻴﻦ ﺑﺴﻴﻒ ﻣﺴﻤﻮﻡ ﺗﺠﻤﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺑﺎﺏ ﺍﻻﻣﺎﻡ ﻓﺨﺮﺝ ﺍﻻﻣﺎﻡ
ﺍﻟﺤﺴﻦ(ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ) ﻓﻘﺎﻝ ﻣﻌﺎﺷﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻥ ﺃﺑﻲ ﺃﻭﺻﺎﻧﻲ ﺃﻥ ﺃﺗﺮﻙ
ﺃﻣﺮﻩ ﺍﻟﻰ ﻭﻓﺎﺗﻪ , ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺍﻟﻮﻓﺎﺓ ﻭﺇﻻ ﻧﻈﺮ ﻫﻮ ﻓﻲ ﺣﻘﻪ,
ﻓﺄﻧﺼﺮﻓﻮﺍ ﻳﺮﺣﻤﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ . ﻓﺈﻧﺼﺮﻑ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻓﺨﺮﺝ ﻟﻬﻢ ﺍﻻﻣﺎﻡ ﺛﺎﻧﻴﺔ .
ﻭﻗﺎﻝ ﻳﺎ ﺃﺻﺒﻎ ﺃﻣﺎ ﺳﻤﻌﺖ ﻗﻮﻟﻲ ﻋﻦ ﻗﻮﻝ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ , ﻗﻠﺖ ﺑﻠﻰ
ﻭﻟﻜﻨﻲ ﺭﺃﻳﺖ ﺣﺎﻟﻪ ﻓﺄﺣﺒﺒﺖ ﺃﻥ ﺃﻧﻈﺮ ﺍﻟﻴﻪ ﻓﺄﺳﺘﻤﻊ ﻣﻨﻪ ﺣﺪﻳﺜﺎً . ﻓﺎﺳﺘﺄﺫﻥ
ﻟﻲ , ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻲ ﺃﺩﺧﻞ, ﻓﺪﺧﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ (ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ)
ﻣﻌﺼﺐ ﺑﻌﺼﺎﺑﺔ ﻭﻗﺪ ﻋﻠﺖ ﺻﻔﺮﺓ ﻭﺟﻬﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﺼﺎﺑﺔ ﻭﺍﺫﺍ ﻫﻮ
ﻳﺮﻓﻊ ﻓﺨﺬﺍ ﻭﻳﻀﻊ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺷﺪﺓ ﺍﻟﻀﺮﺑﺔ ﻭﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﺴﻢ . ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻲ ﻳﺎ
ﺃﺻﺒﻎ ﺍﺑﺴﻂ ﻳﺪﻙ , ﻓﺒﺴﻄﺖ ﻳﺪﻱ , ﻓﺘﻨﺎﻭﻝ ﺇﺻﺒﻌﺎً ﻣﻦ ﺃﺻﺎﺑﻊ ﻳﺪﻱ
ﻭﻗﺎﻝ : ﻳﺎ ﺃﺻﺒﻎ ﻛﺬﺍ ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ( ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ
ﺍﻟﻄﻴﺒﻴﻦ ) ﺇﺻﺒﻌﺎ ﻣﻦ ﺍﺻﺎﺑﻊ ﻳﺪﻱ ﻛﻤﺎ ﺗﻨﺎﻭﻟﺖ ﺍﺻﺒﻌﺎ ﻣﻨﻚ ﺛﻢ ﻗﺎﻝ: ﻳﺎ
ﺃﺑﺎ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺃﻻ ﻭﺇﻧﻲ ﻭﺃﻧﺖ ﺃﺑﻮﺍ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﻣﺔ ﻓﻤﻦ ﻋﻘﻨﺎ ﻓﻠﻌﻨﺔ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ , ﺃﻻ ﻭﺇﻧﻲ ﻭﺃﻧﺖ ﻣﻮﻟﻴﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﻣﺔ ﻓﻌﻠﻰ ﻣﻦ ﺃﺑﻖ ﻋﻨﺎ ﻟﻌﻨﺔ ﺍﻟﻠﻪ,
ﺃﻻ ﻭﺇﻧﻲ ﻭﺃﻧﺖ ﺃﺟﻴﺮﺍ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﻣﺔ ﻓﻤﻦ ﻇﻠﻤﻨﺎ ﺃﺟﺮﺗﻨﺎ ﻓﻠﻌﻨﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺑﻌﺪﻫﺎ ﺃﻏﻤﻰ ﻋﻠﻴﻪ .
ﻫﺬﻩ ﺍﻻﺧﻼﻕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻠﻰ ﺑﻬﺎ ﺍﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻭﺳﻴﺪ ﺍﻟﻮﺻﻴﻴﻦ ﻭﻫﻮ
ﻳﺘﺮﻙ ﻭﺻﻴﺘﻪ ﻻﻭﻻﺩﻩ ﻭﻣﺤﺒﻴﻪ ﻭﻟﻼﻣﺔ ﺍﻻﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﺿﺮﻫﺎ
ﻭﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻬﺎ ﻟﻜﻲ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ , ﻛﻤﺎ ﺍﺭﺍﺩ ﺍﻻﻣﺎﻡ ﺍﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻻﻣﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ
ﺍﻻﺻﺒﻎ ﺑﻌﻖ ﺍﻻﻣﺔ ﺣﻖ ﺍﻻﻣﺎﻡ ﻭﺃﻫﻞ ﺑﻴﺘﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ
ﻭﺍﻟﻄﺎﻣﻌﻴﻦ . ﻭﻫﻨﺎ ﺍﻻﻣﺎﻡ ﻟﻢ ﻳﻮﺻﻲ ﺑﺎﻟﺜﺄﺭ ﻭﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻡ ﻭﻻ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻥ
ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﻧﻮﺍﺓ ﺃﻧﺘﻘﺎﻡ ﻭﺷﺮﺍﺭﺓ ﺣﺮﺏ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻄﻮﺍﺋﻒ
ﻭﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ . ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺎﻧﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪﺍ ﻭﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻌﺎﺩﻝ
ﺑﺎﻟﻤﺜﻞ ﻛﻤﺎ ﺃﻣﺮ ﺑﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ .
ﺃُﺷﺪُﺩْ ﺣﻴﺎﺯﻳﻤﻚ ﻟﻠﻤﻮﺕ ﻓﺈﻥّ ﺍﻟﻤـﻮﺕَ ﻻﻗﻴـﻜﺎ
ﻭﻻ ﺗﺠﺰﻉْ ﻣِﻦ ﺍﻟﻤﻮﺕ
ﺇﺫﺍ ﺣـﻞّ ﺑﻨـﺎﺩﻳـﻜﺎ
ﻭﻻ ﺗﻐﺘﺮَّ ﺑﺎﻟـﺪﻫـﺮ ﻭﺇﻥ ﻛـﺎﻥ ﻳُﻮﺍﺗﻴـﻜﺎ
ﻛﻤﺎ ﺃﺿﺤﻜﻚ
ﺍﻟﺪﻫـﺮ ﻛﺬﺍﻙ ﺍﻟﺪﻫﺮُ ﻳُﺒﻜﻴـﻜﺎ
ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻚ ﻳﺎ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻚ ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﺍﻷﺣﺮﺍﺭ