بِمَ التّعَلّلُ لا أهْلٌ وَلا وَطَنُ |
وَلا نَديمٌ وَلا كأسٌ وَلا سَكَنُ |
أُريدُ مِنْ زَمَني ذا أنْ يُبَلّغَني |
مَا لَيسَ يبْلُغُهُ من نَفسِهِ الزّمَنُ |
لا تَلْقَ دَهْرَكَ إلاّ غَيرَ مُكتَرِثٍ |
ما دامَ يَصْحَبُ فيهِ رُوحَكَ البَدنُ |
فَمَا يُديمُ سُرُورٌ ما سُرِرْتَ بِهِ |
وَلا يَرُدّ عَلَيكَ الفَائِتَ الحَزَنُ |
مِمّا أضَرّ بأهْلِ العِشْقِ أنّهُمُ |
هَوَوا وَمَا عَرَفُوا الدّنْيَا وَما فطِنوا |
تَفنى عُيُونُهُمُ دَمْعاً وَأنْفُسُهُمْ |
في إثْرِ كُلّ قَبيحٍ وَجهُهُ حَسَنُ |
تَحَمّلُوا حَمَلَتْكُمْ كلُّ ناجِيَةٍ |
فكُلُّ بَينٍ عَليّ اليَوْمَ مُؤتَمَنُ |
ما في هَوَادِجِكم من مُهجتي عِوَضٌ |
إنْ مُتُّ شَوْقاً وَلا فيها لهَا ثَمَنُ |
يَا مَنْ نُعيتُ على بُعْدٍ بمَجْلِسِهِ |
كُلٌّ بمَا زَعَمَ النّاعونَ مُرْتَهَنُ |
كمْ قد قُتِلتُ وكم قد متُّ عندَكُمُ |
ثمّ انتَفَضْتُ فزالَ القَبرُ وَالكَفَنُ |
قد كانَ شاهَدَ دَفني قَبلَ قولهِمِ |
جَماعَةٌ ثمّ ماتُوا قبلَ مَن دَفَنوا |
مَا كلُّ ما يَتَمَنّى المَرْءُ يُدْرِكُهُ |
تجرِي الرّياحُ بمَا لا تَشتَهي السّفُنُ |
رَأيتُكُم لا يَصُونُ العِرْضَ جارُكمُ |
وَلا يَدِرُّ على مَرْعاكُمُ اللّبَنُ |
جَزاءُ كُلّ قَرِيبٍ مِنكُمُ مَلَلٌ |
وَحَظُّ كُلّ مُحِبٍّ منكُمُ ضَغَنُ |
وَتَغضَبُونَ على مَنْ نَالَ رِفْدَكُمُ |
حتى يُعاقِبَهُ التّنغيصُ وَالمِنَنُ |
فَغَادَرَ الهَجْرُ ما بَيني وَبينَكُمُ |
يَهماءَ تكذِبُ فيها العَينُ وَالأُذُنُ |
تَحْبُو الرّوَاسِمُ مِن بَعدِ الرّسيمِ بهَا |
وَتَسألُ الأرْضَ عن أخفافِها الثَّفِنُ |
إنّي أُصَاحِبُ حِلمي وَهْوَ بي كَرَمٌ |
وَلا أُصاحِبُ حِلمي وَهوَ بي جُبُنُ |
وَلا أُقيمُ على مَالٍ أذِلُّ بِهِ |
وَلا ألَذُّ بِمَا عِرْضِي بِهِ دَرِنُ |
سَهِرْتُ بَعد رَحيلي وَحشَةً لكُمُ |
ثمّ استَمَرّ مريري وَارْعَوَى الوَسَنُ |
وَإنْ بُلِيتُ بوُدٍّ مِثْلِ وُدّكُمُ |
فإنّني بفِراقٍ مِثْلِهِ قَمِنُ |
أبْلى الأجِلّةَ مُهْري عِندَ غَيرِكُمُ |
وَبُدِّلَ العُذْرُ بالفُسطاطِ وَالرّسَنُ |
عندَ الهُمامِ أبي المِسكِ الذي غرِقَتْ |
في جُودِهِ مُضَرُ الحَمراءِ وَاليَمَنُ |
وَإنْ تأخّرَ عَنّي بَعضُ مَوْعِدِهِ |
فَمَا تَأخَّرُ آمَالي وَلا تَهِنُ |
هُوَ الوَفيُّ وَلَكِنّي ذَكَرْتُ لَهُ |
مَوَدّةً فَهْوَ يَبْلُوهَا وَيَمْتَحِنُ
|