روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال:
خطب أمير المؤمنين عليه السلام في أول يوم من شهر رمضان في مسجد الكوفة، فحمد الله بأفضل الحمد وأشرفها وأبلغها وأثنى عليه بأحسن الثناء وصلى على محمد نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال:
عباد الله إن شهركم ليس كالشهور أيامه أفضل الأيام ولياليه أفضل الليالي وساعاته أفضل الساعات، هو شهر الشياطين فيه مغلولة محبوسة، هو شهر يزيد الله فيه الأرزاق والآجال ويكتب فيه وفد بيته، وهو شهر يقبل أهل الإيمان بالمغفرة والرضوان والروح والريحان ومرضاة الملك الديّان، أيها الصائم تدبر أمرك فإنك في شهرك هذا ضيف ربك، أنظر كيف تكون في ليلك ونهارك وكيف تحفظ جوارحك عن معاصي ربك، أنظر أن لا تكون بالليل نائماً وبالنهار غافلاً فينقضي شهرك وقد بقي عليك وزرك فتكون عند استيفاء الصائمين أجورهم من الخاسرين، وعند فوزهم بكرامة مليكهم من المحرومين وعند سعادتهم بمجاورة ربهم من المطرودين، أيها الصائم إن طردت عن باب مليكك فأي باب تقصد، وإن حرمك ربك فمن ذا الذي يرزقك، وإن أهانك فمن ذا الذي يكرمك وإن أذلك فمن ذا الذي يعزك، وإن خذلك فمن ذا الذي ينصرك وإن لم يقبلك في زمرة عبيده فإلى من ترجو لغفران ذنوبك، وإن طالبك بحقه فماذا تكون حجتك.
أيها الصائم تقرب إلى الله بتلاوة كتابه في ليلك ونهارك فإن كتاب الله شافع مشفع يشفع يوم القيامة لأهل تلاوته فيعلمون درجات الجنة بقراءة آياته.
أبشر أيها الصائم فإنك في شهر صيامك في مفروض ونفسك فيه تسبيح ونومك فيه عبادة وطاعتك فيه مقبولة وذنوبك فيه مغفورة وأصواتك فيه مسموعة ومناجاتك فيه مرحومة، ولقد سمعت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إن لله تبارك وتعالى عند فطر كل ليلة من شهر رمضان عتقاء من النار لا يعلم عددهم إلا الله هو في علم الغيب عنده فإذا كان آخر ليلة منه أعتق فيها مثل ما أعتق في جميعه، فقام إليه رجل من همدان فقال: يا أمير المؤمنين زدنا مما حدثك به حبيبك في شهر رمضان فقال:
نعم سمعت أخي وابن عمي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من صام شهر رمضان فحفظ فيه نفسه من المحارم دخل الجنة، قال الهمداني: يا أمير المؤمنين زدنا مما حدثك به أخوك وابن عمك في شهر رمضان قال: نعم سمعت خليلي رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من صام رمضان إيماناً واحتساباً دخل الجنة، قال الهمداني: يا أمير المؤمنين زدنا مما حدثك به خليلك في هذا الشهر فقال: نعم سمعت سيد الأولين والآخرين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من صام رمضان فلم يفطر في شيء من لياليه على حرام دخل الجنة، فقال الهمداني: يا أمير المؤمنين زدنا مما حدثك به سيد الأولين والآخرين في هذا الشهر فقال: نعم سمعت أفضل الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين يقول: إن سيد الوصيين يقتل في سيد الشهور فقلت: يا رسول الله وما سيد الشهور ومن سيد الوصيين قال: أما سيد الشهور فشهر رمضان وأما سيد الوصيين فأنت يا علي، فقلت: يا رسول الله فإن ذلك لكائن قال: أي وربي إنه ينبعث أشقى أمتي شقيق عاقر ناقة ثمود ثم يضربك ضربة على فرقك تخضب منها لحيتك فأخذ الناس بالبكاء والنحيب، فقطع عليه السلام خطبته ونزل.
فضائل الأشهر الثلاثة، للشيخ الصدوق، ص108