فيلم الجمال الساكن لماركو بيلوكتشو.. معالجة درامية لقضية مثيرة للجدل
إن الفكرة والشعور لا ينفصلان أبداً في أفلام المخرج الإيطالي "ماركو بلوكتشو " (مواليد 1939). من بداياته المبكرة في الستينات مع فيلمي "قبضات في الجيب" و"الصين قريبة" يتحرى السيد " بيلوكتشو" ، الذي يبلغ من العمر 74 عاماً، أفكاراً عظيمة الشأن والأهمية – حول المجتمع الإيطالي والسياسة والصراع ما بين العقيدة والعلمانية في العالم الحديث والسلطة والمثالية والرغبة الجنسية- بحماس ملتهب وأحياناً ميلودرامي.
زوده بلده المحلي بجملة من المواد وتعامل مع مشاهد عامة مؤلمة مثل صعود موسوليني (فيلم فنسير) وإرهاب الألوية الحمراء في السبعينات ( فيلم صباح الخير أيها الليل) بالقسوة الأخلاقية والعاطفة المجردة من السلاح. يدور فيلمه الأخير المصنوع عام 2012 بعنوان"الجمال الساكن" حول"ألوانه أنغلارو" وهي امرأة ماتت في شباط عام 2009 بعد أن بقيت في حالة موت الدماغ لمدة 17 سنة. قرار أبيها لإزالة أنبوب التغذية والسماح لها بالموت ساندته المحاكم الإيطالية وعارضه الفاتيكان ورئيس الوزراء الإيطالي في ذلك الوقت سلفيو برلوسكوني. وكان مصير السيدة أنغلارو قد أصبح موضوع جدل واسع وشديد في إيطاليا.
يوظف السيد بيلوكتشيو مناخ هذا الجدال- مثل تجمع محتجين في مستشفى بـ"أودين" واجتماع البرلمان للتصويت على شرعية الطوارئ- لأداء نوع من المسح الشعاعي للجمهورية الإيطالية وبعض من مواطنيها. وهو يتتبع ثلاث مجموعات من الشخصيات التي تعكس صراعاتها الدراما الأكبر المعروضة على شاشات التلفزيون في كل مكان. سيناتور (توني سرفيللو) يجد نفسه واقعاً بين ضميره ومتطلبات ولاء الحزب. ابنته (ألبا رورفاتشر) تلتحق بالمحتجين على حق الموت وتعقد علاقة رومانسية مع شاب من الجانب الآخر. ممثلة (إيزابيل أوبير) تتبع قصة أنغلارو بينما ابنتها تضطجع في حالة إغماء. طبيب شاب (ميشيل ريودينو) يحاول أن ينقذ مدمنة (مايا سانا) تريد الموت يأساً.
كل مقطع من السرد يدور حول قضايا تثيرها قضية أنغلارو وأحياناً تهبط بضجة عالية بينما ترتفع الأصوات وتتخذ الأوضاع. وكما يحدث في غالب الأحيان في الأفلام ذات الحبكات المزدوجة ثمة مشاكل في البناء. القوة العاطفية لمشاهد ومواقف محددة تضيع في فوضى التفاصيل.
لكن إذا كان فيلم "الجمال الساكن" لا يصنف ضمن أفضل أفلام السيد "بيلوكتشيو" فإنه مع ذلك يظهر نفسه أحياناً في أفضل أعماله. إذ أن بصره ، بسبب الجمال الكامن واللامعقول الواضح للحياة الإيطالية، يبقى حاداً كما هو الحال في تذوقه للأداء الحي. وكادره ،الذي يضم أحسن الممثلين الإيطاليين اليوم (إضافة إلى السيدة أوبير التي لا تضاهى)، لا يبعث على الملل أبداً حتى لو كانت القصة غير مقنعة قليلاً.
المصدر من هنا