مسيحيو الموصل.. تشريد وقتل ومصير مجهول15/07/2014 06:23
لم يشفع العمق التاريخي لمسيحيي الموصل الذين سكنوا تلك المدينة منذ دهور وعصور من رد بطش وجرائم تنظيم "داعش" الارهابي والتنظيمات الاخرى التي تلهث خلفه بعد سيطرتهم بالقوة على مقاليد امورها، فشردوا ونزحوا واغلقوا ابواب رزقهم وهجروا منازلهم وهدمت لهم كنائس وصوامع وخطفت نساؤهم واطفالهم.
أساليب خبيثة
يشير سرمد متي من الموصل لـ"الصباح" الى ان الايام الاولى لسيطرة الجماعات الارهابية على الموصل اعطت صورة خبيثة عنهم وعن مخططاتهم استدرجت من خلالها الناس وجعلتهم يأمنون لهم ففي الايام الاولى لم يفعلوا شيئا غير فتح الطرق ورفع السيطرات العسكرية وتوزيع المشتقات النفطية باسعار منخفضة وفتح المخازن لتوزيع مواد غذائية من الحصة التموينية، الا انهم كشفوا عن حقيقتهم بعد ثلاثة ايام وبدأت تعليماتهم واحكامهم تسري على الناس واغلقت محال تمتهن مهنا عدة مثل الحلاقة الرجالية والنسائية والمقاهي وصالات الانترنيت والرسم وبيع التحفيات، وبدأ الارهابيون ينتشرون في الشوارع يحاسبون على الهوية والملبس والافعال والنوايا فقتلوا وجلدوا وصلبوا دون ذمة او هوادة حتى اعلنوا دولتهم المشؤومة.
خطف وفدية
ويتابع متي: ان المسيحيين كانت لهم الحصة الاكبر من الضرر والحاق الاذى فبدأت ملاحقات الارهابيين لرجال الدين من النساء والرجال والعائلات، حتى نفذ الارهابيون عملية خطف لراهبتين وفتاتين وطفل كانوا متواجدين في احد الاديرة المخصصة لايواء الايتام في حي الوحدة في الموصل منذ اكثر من عشرة ايام، ولم يعرف مصيرهم حتى الان.. هل هم احياء ام قتلوا وكل ما توفر من معلومات ان الارهابيين طلبوا فدية عن المخطوفات الاربع والطفل مقدارها 35 مليون دولار"، مؤكداً ان المسيحيين يعيشون قلقاً كبيراً عليهم، لا سيما بعد تنفيذ جريمة قتل احدى الفتيات المسيحيات ووضع الصليب في فمها كما تناقلته وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
تهديم التراث
اما شمعون سامي فأكد لـ"الصباح" ان الارهابيين استهدفوا كنائس واديرة للمسيحيين عدة كما استهدفوا مراقد مقدسة ومزارت ومساجد للمسلمين، مبيناً انهم هاجموا كنيسة الطاهرة في الموصل وهي كنيسة يتجاوز عمرها الـ200 عام ومبنية من الحجر القديم وهدموا اجزاء منها، كما هدموا تمثالا فيها من الحجر يعد من التراث العراقي، كما هدمت اديرة عدة وكسر الصليب في الكثير منها وسرقت محتويات الكنائس واخذت كغنائم وسلبت الاموال والسيارات التي تعود للعاملين فيها، كما دمرت احدى الكنائس التي تقع قرب ثكنة عسكرية في حي الوحدة بالكامل ، وكذلك استولوا على مقر حزب الحركة الديمقراطية الاشورية، ما دفع المطارنة والقساوسة والعاملين من الخدم الى الفرار باتجاه مناطق اكثر امنا في اقضية برطلة والحمدانية والقوش، ولحقهم اغلب ابناء الطائفة المسيحية في الموصل، مبينا ان المسيحيين المتبقين في الموصل لا يتجاوز عددهم 2 بالمئة من عددهم الاصلي.
أحكام {داعش»
وبشأن الاحكام الجائرة التي فرضها ارهابيو تنظيم "داعش" تقول فاتن بسام لـ"الصباح": ان الاسر المسيحية المتبقية في الموصل اصبحت اسيرة وتخشى النزوح تلافياً لاعمال انتقامية قد ينفذها الارهابيون بحقهم.واكدت ان المرأة المسيحية اذا ارادت الذهاب الى السوق او الطبيب ترتدي ملابس النساء المسلمات من الحجاب والجبة والربطة ولا تضع اي امرأة المكياج، فيما بدأ الرجال والشباب بارتداء القمصان ذات الاكمام والسراويل الطويلة وترك الشباب الملابس الحديثة وسراويل الجينز و(التيشيرتات)، خشية اقامة الحد عليهم وجلدهم امام الناس او خطفهم وقتلهم، كما حصل مع شباب عدة لم يعودوا الى اهلهم منذ مدة.واشارت الى ان الكثير من الشباب المسيحيين اغلقوا محالهم التجارية التي تختص بالملابس والهواتف النقالة والتحفيات والاقراص الليزرية والحاسبات بعد فرض التنظيم الارهابي لفتاواه بمنع بيعها.
أوضاع مزرية
ويصف فريد حسو لـ"الصباح" الاوضاع المزرية في الموصل بقوله: ان النازحين من الموصل يخشون العودة لمنازلهم بعد ان قام الارهابيون اما بالاستيلاء عليها وتحويلها الى مقرات لهم او اماكن للتحقيق مع المخطوفين وقتلهم فيها ودفن جثثهم في حدائقها او اتخاذها سجون سرية لهم او محاكم "شرعية" او تفخيخها لمواجهة القوات الامنية التي تستعد لاقتحام المدينة وطرد الارهابيين وتحرير المدينة.
دفع الجزية
وتشير عدة مصادر الى ان القرى التي سيطر عليها "داعش" طالبت اهلها بدفع الجزية ومن يرفض يتم اغتصاب املاكه وعرضه وقتله ليكون عبرة للاخرين.
وبحسب هذه المصادر، فان بلدة القوش المسيحية فر اليها عدد كبير من ابناء الموصل بحيث بلغ عدد الفارين اليها من مسيحيي الموصل نحو ثلاثة الاف نسمة، بالاضافة الى عدد كبير من الموصليين المسلمين ما جعل وضع البلدة من الناحية الاجتماعية سيئا جدا ويحتاج الى مساعدة عاجلة كونها بلدة صغيرة ولا تتسع لهكذا حجم من النزوح.وتؤكد أن"عائلة مسيحية رفضت دفع الجزية، قام الارهابيون باغتصاب الأم وابنتها أمام الأب والزوج، وقد دفعت الصدمة بهذا الأخير الى الانتحار.
وبهذا الصدد يؤكد رئيس اساقفة ابرشية الموصل للكلدان المطران اميل نونا في تصريحات صحفية انه "لم يتبق في المدينة سوى 50 عائلة اي زهاء 200 شخص تقريباً من أصل 4000 مسيحي والهجرة لم تقتصر على المسيحيين فقط، بل انسحبت الاقليات الاخرى والمسلمون ايضا".