من أهل الدار
ملائكة وشياطين
تاريخ التسجيل: November-2012
الدولة: في المنفى
الجنس: أنثى
المشاركات: 21,968 المواضيع: 3,683
فقراء الديوانية قلقون من رحيل رمضان ويناشدون الحكومة والمنظمات مد يد العون
إضغط على مفتاح Ctrl+S لحفظ الصفحة على حاسوبك أو شاهد هذا الموضوع
فقراء الديوانية قلقون من رحيل رمضان ويناشدون الحكومة والمنظمات مد يد العون
2014/07/15 17:00
الغد برس/ الديوانية: لم تعرف أم حسين ذات الـ(54 سنة)، في حياتها فرحة شراء قطعة قماش جديدة تخيطها وتلبسها "ثوب العيد" كما تفعل النساء، فالقدر كتب عليها هجران الزوج، وعلى اختها ان تعيش أرملة بعد استشهاد زوجها، لتلبسا ما يتبرع به لهما الاخرين من ملابس، وتأكلا من ما يطبخ في منازل المتبرعين، لتعيشا مع ايتامهما بفقر معتاد من غير معيل.
وتقول أم حسين لـ"الغد برس"، إن "زوجي هجرني وترك لي ستة أبناء ثلاثة منهم معاقون، وأخت ترملت بعد ان استشهد زوجها في التفجير الذي طال مدينة الديوانية قبل سنتين"، وتوضح أن "الفقر والحرمان صديق وفي دائم لم يبارحنا منذ ولدنا، فأسرتنا عانت من قبلنا الفقر وورثته لنا، بدلا من المسكن او ملك يكون لنا سندا في دنيا تسحق الفقراء".
وتبيّن ام حسين "أعمل منظفة بأحد مستوصفات دائرة صحة الديوانية بأجر يومي، بعد أن تركت وأبنائي جمع علب البيبسي من النفايات، مضطرين ذلك لتوفير قوت يومنا، لننتظر ان يدق علينا احد الجيران باب بيت مظلم لا ضوء فيه او مصباح، يفتقر الى التلفزيون او طباخ او مبردة هواء، ليأتينا أحد المحسنين بطبق طعام نفطر منه في شهر رمضان، لنعين اجسادنا على صيام اليوم الثاني".
وتضيف أم حسين أن "اصابتي بداء السكر، لم تمنعني من العمل في كل شيء، لأوفر لأسرتي أبسط مقومات الحياة، بعد ان تناسى المسؤولين فقراء مدينتهم".
وتلفت الى أن "مبادرة في العام الماضي كانت لأحدى منظمات المجتمع المدني في شهر رمضان، وزعت على سكنة الحي ملابس وسلة غذاء، وجاءت لنا ببراد ماء وطباخ صغير وبعض الحاجيات ادخلت يومها الفرحة الى قلوبنا، وعشنا على امل ان يدق بابنا بعدهم احد المسؤولين ليخفف عنا عبء حياتنا".
من جانبها تقول الاخت الكبرى أم حميد (56 سنة)، لـ"الغد برس"، إن "زوجي كان يعمل سائقا أجيراً عند أحد اصدقائه، ليؤمن لنا متطلبات الحياة، ونزل ذات يوم من سيارته ليشتري لنا بعض الاشياء، لكن القدر كان له بالمرصاد فخطفه الموت شهيدا مع من كان بمكان حادث انفجار سيارة مفخخة، لأضيف على حمل اختي حمل أرملة وستة أطفال ترك بعضهم المدارس بسبب عدم مقدرتنا على توفير متطلباتها من ملابس ومصاريف أخرى".
وتشير الى أن "استشهاد زوجي اجبرنني على البحث عن عمل فحصلت على أجر يومي، في واحدة من مؤسسات دائرة صحة الديوانية، لأتقاضى خمسة آلاف دينار عن كل يوم، على أمل أن أحصل على راتب تقاعدي لمتضرري وشهداء العمليات الارهابية".
وتؤكد أم حميد على أن "بيتنا يخلو من ابسط الاشياء، ليس فيه أكثر من فراش وهبه لنا الجيران، وقدر نطبخ فيه ما ناكل على الحطب او الاوراق لعدم مقدرتنا على شراء اسطوانة غاز او دفع ثمنها، وأحاول وأختي أن نوفر مصرف اطفالنا على أمل ان يفلح وينجح احدهم لينتشلنا واخوته من شبح الفقر الذي لازمنا".
وتلفت ام حميد الى أن "أكثر من شخص طالبني بإرسال أطفالي الى دور الدولة لرعاية الايتام، لما فيها من مميزات تضمن لهم العيش وتوفير ما هم بحاجة اليه، لكني رفضت ذلك العرض لأني غير قادرة او مستعدة لفراقهم".
من جهتها تقول رئيس منظمة الواحة الخضراء، الناشطة، كريمة محمود الطائي، لـ"الغد برس"، إن "نشطاء ورؤساء منظمات المجتمع المدني وعدد من مدراء الدوائر الحكومية، جمعوا اموالاً وتبرعاتً، لشراء بعض المواد الغذائية المهمة وملابس الأطفال لتوزيعها في المناطق الفقيرة، للأسر التي تعيش في التجاوز وبيوت الصفيح".
وتوضح الطائي أن "حجم الفقر والحرمان وكثرة الاسر المتعففة التي تسكنها، ولن أنسى طوال حياتي ما شاهدته من منظر مروع في عيون الاطفال والنساء"، وتدعوا "الحكومات والمؤسسات الدينية والميسورين، الى إعادة النظر فيما يفعلون، لمعرفة أن شعبهم يعاني الفقر والفاقة والحرمان، فما شاهدناه غير مصطنع، فأبناء شعبنا يسكنون ببيوت بلا سقوف واطفال يلبسون أرث الملابس".
وتروي رئيس المنظمة أن "ما سمعناه من قصص تنوعت بين اليتم والفقر وأرامل ضحايا الارهاب، لم يسمعها المسؤولين، ممن لم يكلفوا أنفسهم عناء الوصول والاستماع الى شعبهم على الاقل لمعرفة حجم الضرر الذي أصابهم بسبب سوء الادارة والتخطيط"، وتدعو "نشطاء ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الاعلامية الى تسليط الضوء ودعم الفقراء بعد ان عجزت عن ذلك الحكومات المتعاقبة على العراق".
بدوره يحذر الباحث الاجتماعي، سامر شمعة الجنابي، لـ"الغد برس"، من "البيئة التي يعيش فيها الفقراء خاصة الايتام منهم، حيث تشكل أرضية خصبة لزراعة الجريمة"، مستغربا من "غياب بنود الدستور ومواده التي نصت على الورق بكفالة حق العيش الكريم للمواطن العراقي"، ويطالب "الحكومات بتفعيل قوانين رعاية الايتام كما تفعل دول العالم، مع ما يصرف من موازنات انفجارية وأرقام مرعبة باتجاهات متعددة لكنها تبتعد عن رعاية الفقراء وتخفيف معاناتهم".
وتعد مدينة الديوانية (يبعد مركزها 180 كم جنوب بغداد)، ثاني أفقر المحافظات العراقية، بحسب آخر الإحصاءات الرسمية، وتبلغ نسبة الفقر فيها نحو (35%).
وكانت وزارة التخطيط، أعلنت في (حزيران 2011)، أن نسبة مستوى الفقر في العراق بلغت نحو (23%)، ما يعني ان ربع سكان العراق يعيشون دون خط الفقر، منهم ما يقرب (5%) يعيشون في مستوى الفقر المدقع، في حين أشارت في الثالث من حزيران 2012، الى أن إحصاءاتها أكدت أن نسبة البطالة في المجتمع العراقي بلغت (16%).