السلام عليكم احبتي .. الدرر
****************************************
الشّكر صورةٌ معبِّرة عن الشاكر، حاكيةٌ عنه، فبقدر ما تكونُ لطيفاً محبّاً، رقيقاً، عطوفاً، وذا إحساس عالٍ، تتقافزُ كلماتُ الشُّكر على شفتيك كتقافز الأسماك الملوّنة في آنية السمك! وكلّما كنتَ ذكوراً وشكوراً.. أتت كلماتُ الشّكر في مَقاس تقديرك للآخر وحبّك له.
هنا.. بعضُ الأساليب المقترحة للشكر والثناء التعبير عن الحبّ ومكافأة الآخر، بعضها ممّا اعتدناه ككلمات الشّكر المتداولة، وبعضها لم نلتفت إليه إلاّ نادراً رغم قيمته العاطفية والاجتماعية.
1- كلماتُ الشّكر:
صحيح أنّ كلمات الشّكر توزّع مجاناً، وهي لا تكلّفنا شيئاً؛ لكنّ ثمنها الأكبر في مردودها، إليك بعض الكلمات الشاكرة:
- شكراً جزيلاً.
- باركَ الله فيكَ.
- شكرَ اللهُ سعيك.
- وفّقك الله لكلِّ خير.
- طيّب الله أنفاسك.
- أشكرك من أعماق قلبي.
- كلِّي امتنان لما صنعت.
- اسألُ الله أو يوفِّقني لخدمتك.
- أحسنت.
- جزاك اللهُ خيراً.
- أثابك الله.
- سلمت يداك.
- لا فضّ فوك.
- الشكرُ قليل بحقِّك.
- لساني عاجز عن شكرك
ولك أن تخترع كلمات شكر أخرى غير متداولة، ولن يعجزك ذلك ما دمت محبّاً للناس مقدِّراً لما يصنعون من جميل ومعروف، هذه بعضُ النماذج:
- وجودك نعمة.
- أنتَ هديّة السماء لي.
- أحمدُ اللهَ أن رزقني محبّتك.
- أكملَ الله بكَ سروري... إلخ.
ومن جميل ما قالهُ العقلاء في الأمثال: "إذا قصرت يدك بالمكافأة فليطل لسانك بالشكر"!
2- الشّكر القلبي:
تلك كانت كلماتُ الثّناء والشكر اللِّساني، وهي الشائعة بين الناس، أمّا الشكر القلبي – ونحن هنا لا نتحدّث عن شكر النِّعم الإلهية السابغة فذلك موضوعٌ آخر – فهو الذي تحسّه بأعماقك مختلجاً، فيفيض من قلبك على ضفاف شفتيك وجنتيك ابتسامة رقراقة، مشعّة، مضيئة، ودافئة لا تقوى الكلماتُ على ترجمتها.
وقد تدمع عيناك قريرتين بما صنع الآخر لك.. ليقرأ في (إبتسامتك) وفي (دموعك) شكرك له.
العربُ كانت تقول لمن يعجز عن الكلام في موقف يتطلّب الكلام؛ لكنّه أكبر منه: (أرتجَ عليه) أي أغلق بابُ فمهِ فلم تعد الكلمات تخرج منه، في مثل هذه الحالة اترك للوسائل الأخرى أن تُعبِّر عمّا في داخلك، فربّ إبتسامةٍ نقيّة صادقة، أو دمعة صادقة، أبلغ من عشرات بل مئات من كلمات الشّكر، جاء في الحديث "الشّكر: تُرجمان ولسان"! عرفتَ اللِّسان هناك، وهذا هو الترجمانُ هنا.
3- الشّكر العاطفي:
(القُبلة).. (العناق).. هي كلماتُ شكر صيغت بطريقة تجسّدية، هما شكر مجسّد!
يُقبِّل الطفل يدي والديهِ ليقول لهما: هذا اختصارٌ لشكري لكما.
ويُقبِّل الكبار رؤوس أو جباهَ بعضهم البعض، ليقول أحدهم للآخر: كم أنا ممتنٌ لك يا سيِّدي!
ويُقبِّل الزوج زوجته، ليقول لها: هذا ذوب قلبي على شفتي فتذوّقيه!!
وتُقبِّل الأُم أولادها لتقول لهم: لو كانَ حناني ينطقُ لكانت كلماتهُ، هذه القبلات!!
وفي (العناق).. تذويب للمسافة، التحامٌ، تشامٌ وتضامٌ، وتأكيدٌ لوحدة القلوب والمشاعر "وهل بعد العناق تداني؟! كما يقول الشاعر.
تعانق الحزين.. يخفُّ حملُ حزنه عن كاهله.
وتعانق السّعيد.. فيزداد بهجة وسعادة وانشراحاً.
وتعانق الناجح.. فيتضاعف فرحه (بنجاحه) ويطير (بجناحه).
وتعانق المسافر المفارق.. فتكاد تلتقي شطرك الثاني الذي نأى وخلّفك وحيداً!
وتعانق المريض المتماثل للشفاء.. لتعطيه جُرعة دواء لا يجده في صيدليّات العالم كلّها!
المصافحة شكرٌ أيضاً.. وهي العناق الأصغر.. عناق الأيدي الملتحمة!
أمّا (العناق) فهو التقاء الكلّ بالكلّ، هو الشّكرُ الكامل!
4- الشّكر العيني:
الهديةُ كذلك شكر، وكما هو معروف فقيمتها ليست بسعرها؛ ولكن برمزها ومعناها وتعبيرها ومؤدّاها، يكتبُ لك شاعرٌ أبياتاً إخوانيّة معدودات تبقى تحتفظ بها العمر كلّه، وربّما أطّرتها وعلّقتها على الجدار لتتلوها أو تتغنّى بها بين الحين والآخر.
وتُقدِّم لزوجتك خاتماً في عيد زواجكما، فتشعر به مساوياً وربّما أغلى من خاتم الزواج وإن كان أدنى ثمناً، لأنّه استعادة لذكرى عزيزة، وتوطيد وتعضيد لحبٍّ ينمو ولوفاءٍ يتجدّد، وتكتب رسالة لصديق تذكرُ له بعض فضله عليك شاكراً ممتنّاً وعارفاً بحقِّه عليك، فيجيبك عليها غيابياً بابتسامة عرفان نقيّة، وهو يتلو سطور رسالتك، أو يردّ عليها بأحسن منها في رسالةٍ رقيقة نديّة تكون أنت مَن حرّك مشاعره ليخطّبها بهذه الدرجة من الرِّقّة والرّهافة.
وربّما حملت (وردة) رسالة (مودة)..
أو (زجاجة عطر).. طيوب الحدائق كلّها..
أو (كتاب) عقل مهديه بين دفّتيه..
يقولون: "إنّ الهدايا على مقدار مُهديها"!
أقولُ لكم:
إنّ الهدايا بما تحملُ في (سطورها) وفي (ثناياها) من رسائل الحبّ والتقدير والتعبير.
5- الشكر المالي:
المكافأة المالية شكرٌ نقدي، وليست هي الأجر في مقابل عمل، بل ما يأتي من إضافة أو زيادة عليه تقديراً من المكافئ أنّ الذي يستحق المكافأة قدّم أحسنَ ما يملك، ولم يدخر وسعاً في الإنجاز في الوقت المحدّد، أو بزمن قياسي.
هي فرصة لإشعار المشكور أنّ أجره ليس ثابتاً، وأنّ بإمكانه أن يُحسِّن وضعه المالي بتحسين أدائه في العمل، والمكافأة المالية كلّما كانت مجزية وجدت لها في نفس مَن يتلقّاها صدى طيِّباً.
إنّها (مبادلة) أو (مقابلة).
العامل يحسن الأداء ويطوِّر الإنتاج، ويزيد فيه، ويستثمر وقته كلّه في خدمة الجهة التي استوظفته أو استخدمته، فيكون بذلك قد شكرها بزيادة في منسوب الإنتاج، أو في تحسين نوعيّته.
وصاحبُ العمل يحسن التقدير والتثمين للجهد وللإخلاص وللإبداع، فيشكر العامل بالمكافأة.
هذا الشكر المادي المتبادل وإن كان ماليّاً؛ لكنّه ذو اعتبارات إنسانية أيضاً، إنّه يُشعر الإثنين معاً: العامل وصاحب العمل أنّهما شركاء في العمل، وهذا هو السر في تعاطفهما وتقدير كلّ منهما الآخر، فالمالُ الأجر المادي والشكر الجزاء المعنويّ، وقد ورد في الحديث: "الشكرُ أحدُ الجزائين" المادي والمعنوي.
6- الشكر الوظيفي:
وقد يتخذ الشكر شكلاً أرفع من المكافأة المالية المؤقّتة، بأن يصل إلى درجة الترقية، وزيادة الرتبة، ممّا يرفع نسبة الإحساس بالثقة وبالجدارة، ففي بعض الأعمال يترقّى العاملُ المخلص والمبدع والدؤوب شيئاً فشيئاً إلى أن يصل في مرحلة من الرقي إلى مشاركة صاحب المشروع في مشروعه، وهذا من أجمل أنواع الشكر وأنبله وأوفاه.
7- الشكر الرمزي:
المكافآت الرمزية عادة ما تكون مكافآت تأريخية، فالميدالية والوسام والدرع والكأس وإن كانت هدايا تذكارية؛ لكنّها تنطوي على شكر مختزل في واحدة من أدوات التعبير المذكورة التي تزداد قيمتها مع مرور الأيام، فهي تُذكِّر صاحبها إنّه كان ذات يوم من أيام العطاء موضع إعتزاز وتقدير مَن أهدى له ذلك.. إنّه شكر بصري، فكلّما تطلّع إليه المُهدى إليه شكر في قلبه الذين (عرفوه) و(اعترفوا به) فكافؤه بهذا (العرفان).
8- حفلات الشكر:
لا يمكن حصر الشكر بأسلوب أو بشكل واحد، فإن تقيم حفلة أو مأدبة لمن أعانوك على إنجاز عمل بنجاح، سواء في داخل دائرة العمل أو في (مطعم) أو في (رحلة) لنقول لهم بذلك شكراً، فإنّهم سيتعاطفون مع ذلك ويقدِّرونه لك في القادم من أعمالهم.
إنّ كلمات الشكر وهي تطرق مسامع المشكورين المتحلِّقين حول المأدبة، أو المستمتعين بأجواء الرحلة، تضيف نكهة أخرى لما يتذوّق من أطباق، وأنساً إضافياً لما يعيشونه من بهجة، وقد تنسى المأدبة (وقلّما تنسى)؛ لكنّ الثناء الصميمي والحميمي الذي يعبِّر به المسؤول عن اعتزازه وامتنانه، هو الذي لا يُنسى أبداً.
9- المُكافأة على المشاركة:
هذا النوع من المكافآت (إعتباري).. لفتة كريمة من المنظِّمين أو المكافئين الذين يقدِّرون للمشاركين جهدهم حتّى ولو لم يحالفهم الحظّ في برنامج مسابقات أو فعاليات تنافسية ثقافية أو اجتماعية أو رياضية أو فنية، فالجوائز التشجيعية، أو ما يسمّى بـ(جوائز الترضية) تحملُ – على بساطة ثمنها – تقديراً لمعنى المشاركة، فلا تحرمُ أحداً أعدّ واستعدّ وبذلَ جهداً؛ لكنّه لم يوفّق.
إنّه أسلوب (جبر الخواطر)، وقد قيل: ما عُبد الله بأفضل من جبر الخواطر، لما يمثِّله من إنسانية الإنسان الحقّة التي تعطي كلّ ذي حقٍّ حقه.
**************************************
دمتم بحفظ الله .. تحيتي