يقول "نسيم طالب" وهو أذكى فيلسوف إداري معاصر:
"عندما نمدح الناس بأنهم بلا عيوب، فإننا نعني أنهم أيضًا بلا فضائل".
وهذا صحيح؛ فلماذا لا نقول لزميلنا الموظف:
أنت قوي بدلاً من
أنت لست ضعيفًا؟ ولماذا لا نقول لأبنائنا وتلاميذنا
أنتم أذكياء بدلاً من
أنتم لستم أغبياء؟
يروي "نسيم نيكولاس طالب" أمريكي من أصل يوناني ولد في لبنان
في كتابه أسطورة
"بروكراستس" عن "الخراط المجنون" أو "المقولب العكسي"
الذي كان يمط الرجال قصار القامة ليتناسبوا مع سريره متوسط الطول،
ويقطع أرجل طويلي القامة ليدخلوا في نفس السرير.
أي أنه كان يقولب الصعب ليناسب السهل.
القولبة العكسية لا تختلف في شيء عن تغيير الموظف ليناسب الوصف الوظيفي،
وحقنه بالدهون ليملأ كرسيه الكبير،
أو شفط دهونه ليناسب كرسيه الصغير.
هذا ما يحدث كل يوم في مؤسساتنا العملية والتعليمية.
نحاول تغيير عقول الطلاب بإستخدام الأدوية والمحفزات،
وتغيير أجسام الرياضيين بالمنشطات والهرمونات!
نحن نغير الطلاب ليناسبوا المناهج ونغير اللاعبين ليناسبوا الأرقام القياسية!
ألم تخترع بعض شركات الأدوية أمراضًا جديدة لتبيع أدويتها القديمة!
يحدث هذا أيضًا في التنمية والتدريب.
غيّرنا
"التنمية البشرية" إلى "الاستثمار البشري" و"الموارد البشرية" إلى "رأس المال البشري"
لكن ممارساتنا لم تتغير.
سمعنا مئات الخطب التدريبية والتحفيزية الرنانة،
ومارسنا البرمجة اللغوية، وصرنا كلنا
"سيرتفايد" في كل شيء، ومشينا على النار أخذًا بنصيحة "توني روبنز"
وقرأنا كتاب السر طبقًا لتعويذة "روندا بيرن"، وحضرنا حلقات الجودة،
وطبقنا الهندرة وبطاقات الأداء وقرأنا العادات السبع والمبادئ العشرة،
لكن الأداء لم يتغير.
فما زالت البطالة تزداد،
والهدر يتضاعف حتى فاجأتنا الأزمة المالية العالمية التي تم تصنيعها وتصديرها لنا.
فهل هذا ما نريده حقًا؟ وهل هذا فقط ما يمكننا فعله؟
أظن أننا نصبح فعالين أكثر عندما نعرف ما يجب ألا نفعله وليس العكس.
وهذا ما عناه الذكي "آينشتاين" بقوله:
"سنحصل على نفس النتائج ما دمنا نطبق نفس الأساليب"
فمنذ عصر النهضة عندما صممت مناهج التعليم والتدريب بهياكلها الخاطئة
ونحن نحاول السير بمنطقنا المعكوس منطق أن الأشياء تكون صحيحة عندما تكون مريحة
مع أنها لا تكون مريحة ما لم تكن طبيعية وصحيحة.
أعتقد أن الاختبار الحقيقي لأصالة ومشروعية أية فكرة ليس أن أحدًا لم يفكر بها من قبل
بل أن كثيرين فكروا بها من زوايا مختلفة وخلصوا إلى استنتاجات مختلفة.
فالثراءالعلمي و الفكري يكمن في الإضافات والربط بين المتغيرات والتأسيس على الواقع
لا في صناعة عالم مفتعل ومزيف ومصطنع لا يناسب حتى مقاسات صانعيه.
يهدف التمتين إلى استثمار إيجابيات الموظفين والمدربين وجهود
الاستثمار البشري وبرامج التغيير واستشارات التطوير
وزيادة القدرة التنافسية لمؤسساتنا العربية بمستويات إستثنائية
عبر وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب.
التمتين اصطلاحًا هو: "أن نتدرب ونتعلم ما نريد بهدف أن نعمل ـ فقط ـ ما نجيد
لكي نؤدي ونبدع ونفيد".
وفي هذا يقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
"قيمة كل امرئ ما يحسن"
فكل إنسان منا، وكل موظف بيننا يساوي ما
يتقن ويجيد ويبدع ويجمل وينتج ويحسن ويعطي بأعلى درجات الجودة والابتكار.
مودتــــــي لكم