الحب...مسألة إمتلاك عند البعض
حينما تسقط بركات النور الهارب من الفردوس على رؤوسنا كالصاعقة نحتار في كينونتنا و تنكسر بوصلة الزمان و المكان حيث تتعطل عقارب الزمن في زخم التيه و اللهفة و نضيع نحن يا حسرة.. في شربة عشق ، ذلك لأن الحب جوهر الكائن البشري و أصل وجوده فنحن قبس من نور الحق ، يقول غاري زوكاف: حينما تحب فإنك تطرد كل الخوف الكامن في زوايا النفس و تحتضن ذلك الطفل الصارخ في أعماقك باحثا عن هوية...لكنك تنسى أنك سقطت في مطب الهوية ذاته لأنك أضفت لوجودك ذاتا أخرى تتمثل في ذلك الكائن المشتهى و المهاب ايضا ".. حينما نقع في الحب أو يقع الحب علينا فإننا نتجاوز اللغة الى الصمت على رأي سعود السنعوسي...."'بعض المشاعر تضيق بها الكلمات، فتعانق الصمت ..."'... لهذا حينما نحب فإننا نستعمل أسلوبا مختلفا في التواصل يبث على موجة أعلى من مستوى الاذن البشرية فلا تسمعها الا الأرواح العاشقة و تطرب لها أيضا ..حينما نحب نقول للكائن المشتهى-صمتا-أنا أريد أن تراك عيني كل الوقت، أن تطرب آذان قلبي بصوتك دائما و ان تبقى بجانبي لأمتلأ بك حياة و أفرغ بك فناءا و تنثرني على دروب العمر تبرا و ترابا ، تعالى الى أحضان قلبي و أسعف احتضاره في ضمة واحدة طويييييييلة.
تلك طريقة العشاق الكبار في بث نداء اللهفة ..و كلما ازداد الحب عمقا إزدادت سماحته..تقول ماري انجلو:"' الحب الكبير يحرر..." ' حيث تحكي تلك المرأة الحكيمة قصتها مع الحب قائلة إنها حينما قررت أن تعيش وحيدة ككل الامريكيات اللواتي بلغن سن الرشد لم تعارض أمها الفكرة أبدا بل قالت لها و الدمع في العين يجري: "'اذهبي حبيبتي الى عشك و حينما تحتاجين حضنا يأويك سأكون هنا لاجلك دائما.." .. و ذهبت ماري لتخبر العالم بأسره في كتاباتها عن الحب الحقيقي.
أحيانا يجب أن نتذكر أن الحب يفرض ركيزة الاحترام لذلك إن بليتم بالعشق فذكروا بعضكم من باب الأخوة في البلوى أن تحترموا جرية المعشوق أيضا ..يقول ديل كارنيجي : "تحت أي ظرف و في أي مكان أو زمان..لا تتدخل أو تعترض الوسائل التي يستعمها الناس لأسعاد أنفسهم ..فالجميع بحاجة لمسافة الامل'".... أما بالول كويلهو فانهبرى فيقول: " إن الحب الحقيقى يتغير وينمو مع الوقت ويكتشف طرقا جديدة للتعبير عن نفسه لذا فمن باب أولى أن نكتشف الدهاليز السرية لللهفة و نوصل الكهرباء الى أركانها المظلمة..هناك أين يقبع الخوف و التملك و العناد و تنمو فطريات السادية و تعشش أفاعي الشك و الأنانية و النرجسية..
الحب يا أهل الهوى يحرر و لا يخنق أحدا، أحبك هنا أو على بعد ميل أو في المدينة المجاورة أو حتى فوق القمر فالمسافة لا تؤثر في الحب لأنها أصلا مسألة نسبية ترتبط بالإدراك لا أكثر.
هنا أسال نفسي بعناد طفل و جنون انثى ...لماذا لا نتعلم من الطيور بعض الدروس لأنهم بكل ما اوتوا من ضعف يعلمون صغارهم الطيران حتى يتسنى لهم التحليق الى آفاق آخرى ... بعيدا جدا، رغم إستعداد أي طائر أن يموت دفاعا عن صغير يعلمه الطيران.
سيكون للحب شان بيننا حينما نحرر انفسنا و نحرر من نحبهم و نمشي بيقين الى موتنا المشتهى ...
...كتبت : وردة سليماني