السلام عليك ياأمير المؤمنين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما عبّر أحد عن الدنيا كما عبّر أميرالمؤمنين عليه السلام بقوله: دار بالبلاء محفوفه، وبالغدر معروفه، لاتدوم أحوالها، ولا تسلم نزّالها، أحوال مختلفة، وتارات متفرّقة(1)، العيش فيها مذموم، والأمان فيها معدوم، وانّما أهلها فيها أغراض مستهدفة، ترميهم بسهامها وتفنيهم بحمامها.
واعلموا عباد الله انّكم وما أنتم فيه من هذه الدنيا على سبيل من كان قبلكم ممّن كان أطول منكم أعماراً، وأعمر دياراً، وأبعد آثاراً، أصبحت أصواتهم هامدة، وآثارهم خامدة، ورياحهم راكدة، وأجسادهم بالية، وديارهم خاوية، وآثارهم عافية.
فاستبدلوا القصورالمشيّدة،والنمارق الممهّدة،والصخور(2)والأحجا المسندة، بالقبور اللاّطية الملحّدة التي قد بُني على الخراب فناؤها، وشُيّد بالتراب بناؤها، فمحلّها مقترب، وساكنها مغترب، بين أهل محلّة موحشين وأهل فراغ متشاغلين.
لا يستأنسون بالأوطان، ولا يتواصلون تواصل الجيران على ما بينهم من قرب الجوار، ودنوّ الدار، فكيف يكون بينهم تواصل وقد طحنهم بكلكلة البلاء، وأكلهم الجنادل والثرى، وكأنّكم قد صرتم إلى ما صاروا إليه، وارتهنكم(3) ذلك المضجع، وضمّكم ذلك المستودع.
فكيف بكم إذا تناهت بكم الاُمور، وبُعثرت القبور، هنالك تبلو كلّ نفس ما أسلفت، وردّوا إلى الله مولاهم الحق وضلّ عنهم ما كانوا يفترون(
شكرا" سيد الحروف على مداخلتك الرائعة