ببكاء ممزوج بالألم، تستيقظ الطفلة المصابة شيماء المصري (5 سنوات) من نومها كل عدة ساعات،
تسأل وبصوت متقطع خافت عن والدتها التي لم تأت لزيارتها بعد في مستشفى الشفاء،
تحتضنها عمتها أم اسماعيل محاولة إقناعها أن والدتها في الطريق، إلى أن تعود الطفلة المثقلة بوجع الإصابة الصعبة للنوم من جديد.
وكانت السيدة سحر، من بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، عائدة من زيارة عائلية لشقيقتها حين استهدفتها طائرة للاحتلال بصاروخ.
ومن وسط دموعها تروي عمتها أم اسماعيل -التي ترافق شيماء في المستشفى- ما حدث
فتقول:"كانت سحر زوجة أخي (40عام) –والدة شيماء- عائدة من زيارة عائلية لمنزل أختها،
ومعها ابنتها أسيل 17 عاماً، وابنها محمد 15 عاماً، وابن شقيقتها أمجد زهران حمدان 25 عاماً،
فضلوا العودة سيراً على الأقدام لأنه أكثر أمانا".
وتكمل:"استهدفتهم طائرة اسرائيلية بصاروخ أخطأهم، فحاولوا الفرار سريعاً،
إلا أن الطيار لم يمهلهم وسارع باستهدافهم بصاروخ آخر، قضى على الجميع، وبقيت شيماء مصابة".
استشهد في هذه المجزرة البشعة كلاً من الأم سحر إبراهيم المصري 40 عاماً،
وابنتها أسيل إبراهيم المصري 17 عاماً وهي مخطوبة كانت تستعد لزفافها بعد العيد،
وابنها محمد إبراهيم المصري 15 عاماً، وابن شقيقتها أمجد زهران حمدان 25 عاماً،
ليضيف الاحتلال مجزرة جديدة لسلسلة جرائمه التي تستهدف العائلات، وتبقى شيماء الناجية الوحيدة من هذه المجزرة.
أما شيماء، فشظايا الصاروخ أصابت بشكل خطير المعدة والامعاء والطحال، وحالتها الصحية ما زالت سيئة.
تقول عمتها أم اسماعيل:"شيماء لا تقوى حتى على البكاء، وفي كل مرة تسأل عن والدتها وهي تبكي،
ونضطر أن نقول لها أن والدتها في الطريق، وأحضنها حتى تعود للنوم من جديد".
والد شيماء المكلوم بفقدان عائلته، لم يتواجد معها في المستشفى،
فقد كان حمل جثمان ابنته الشهيدة أسيل-والتي استشهدت متأثرة بجراحها-وذهب لتشييعها إلى جوار أمها وأخيها وابن خالتها،
تبقّى من عائلة شيماء ثلاثة من الاخوة لم يذهبوا معهم في هذه الزيارة التي انتهت بمجزرة.
وعن أسيل تقول عمتها:"كانت مخطوبة، وكنا نستعد لزفافها بعد العيد، كل شيء لعرسها كان جاهزاً،
الصالة وجهاز العروس وملابس الفرح، لكن كسروا فرحتنا وقتلوا العروس بهذه الطريقة البشعة".
خال شيماء كان يجلس أيضاً إلى جوارها يمسح بين فينة وأخرى العرق الذي يتصبب على وجهها بقطعة قماش،
قال بحزن:"ما ذنب هذه الطفلة أن تُحرم والدتها وإخوتها، الاستهداف كان مباشراً لهم،
لأنهم فروا من الصاروخ الأول ولحقوهم بآخر، الاحتلال يتعمد استهداف المدنيين،
لم يكونوا يحملوا أي شيء يمكن أن يثير شك الاحتلال".
ثم عادت شيماء للاستيقاظ والبكاء الممزوج بالألم من جديد، وبصوت خافت متقطع،
وهي تقول :"وين ماما،بدي إمي، بدي إمي" كررتها عدة مرات لتعود عمتها لاحتضانها حتى نامت وقد انهكها وجع الجراح.