في السنوات ألأولى من عمر / 14 تموز كانت المظاهرات مسألة أعتيادية.. لايمر أسبوع وإلا كانت الجماهير محتشدة في شارع الرشيد حيث مئات اللافتات والشعارات الملونة وآلآف الحناجر تهتف للثورة وللزعيم ألأوحد و تلعن ألأستعمار وأبو ألأستعمار والرجعية !!
أنطلقت مظاهرة من ـ باب الشرقي ـ وهي تخترق شارع الرشيد الى نهاية المطاف حيث ساحة الميدان.. وهنالك كانت تبدأ مرحلة أخرى وهي القاء الخطب النارية والثورية مع رفع مئات المناجلوالمطارق والسنابل وشعارات أخرى كلها ترمز الى ألأخوة العربية الكوردية وتمجيد الطبقة العاملة والفلاحين والكادحين وغيرها ..
الجماهير الغاضبة وصلت الى منطقة ـ حافظ القاضي ـ وهي كلها نشاط وحيوية .. الحناجر تهتف بحياة الزعيم ألأوحدوتلعن سنسفيلألأستعمار والقوى الرجعية و اذنابهم..
على ألأرصفة كان هنالك آلآف يقفون ليشاهدوا هذا المنظر الذي يتكرر كل أسبوع مرة و لربما مرتين أو أكثر..
كان أحد ألأخوة الكورد قد جلبه حظه العاثر ليكون بين الناس على الرصيف وهو في كامل هندامه حيث الملابس الكوردية ألأنيقة وزوج من أرقى أنواع الاحذية الكردية ( الكلاش) ذات اللون ألأبيض ..
نعم كان قد نزل توا من الفندق حاله حال بقية خلق الله يقضى وقتا من الزمن للتمتع بمشاهدة هذه آلآف المؤلفة حيث رجال ونساء وشباب وشيب..فجأة ومن غير أنذار توجه مجموعة من الشباب نحوه وحملوه على ألأكتاف كرمز من رموز ألأخوة العربية الكوردية.. والسبب ملابسه وأناقته المفرطة ..
حملوه وأصبح في منتصف المتظاهرين وهو مرفوع علی الاکتاف.. والمظاهرة أصبحت بوجوده أكثر حماسا..
في هذه ألأثناء تسقط ( فردة من فردات كلاشه ) و أختفت تحت اقدام المتظاهرين المتحمسة.. ولكن ما العمل؟؟..كيف يمكنه ايجاد كلاشه وهو بين هذه ألأمواج من البشر؟؟؟..مع ذلك بات ينادي بالكوردية:تاكه كلاشه كم .. تاكه كلاشه كم ... ( أي فردة كلاشي !!! ).
الجماهير بدأت كلها تردد ـ تاكه كلاشه كم .. تاكه كلاشه كم ... تاكه كلاشه كم ..
نعم الجميع كانوا يتوقعون أن الاخ الكردي يردد شعارات ثورية بالكوردية.. وما أسهل هذا الشعار؟!!.
بعد مئات ألأمتار وقرب الشورجة من جهة شارع الرشيد.. هلك المسكينمن شدة المه..فنسي فردة كلاشه وأصبح يصرخ باعلى صوته :ئه ى هاواااار.. گونم ته قي!!! .. ( ياناس يا عالمأنفجرت !!! ).
بدأت كل الحناجر تردد مـعـه: ئه ى هاواااار.. گونم ته قي!!!... ئه ى هاواااار.. گونم ته قي!!!
نعم کان زائر بغداد المسكين في حالة يرثى لها.. لقد فقد كلاشه.. ووضعه متعب لابل هلكانماسك چراويته (الجمدانة) حتى لاتسقط هي ألأخرى و العرق بلل كل ملابسه ..
عند الوصول الى ساحة الرصافي أنزلوه من على ألأكتاف وهو متعب وهلكان وعطشان ويلعن ذلك اليوم ألأسود ولحظة تواجده في ذلك المكان المشؤم..
أضطر المسكين أن يمشي لمسافة وهو حاف القدمين حينها أشترى زوج حذاء !!
وحين سأله صاحب محل ألأحذية : كاكه وين قندرتك؟؟.
رد عليه بعربية ركيكة وهو يرتب حاله و خربااااااان من الضحك :
ـ والله كاكه ...القوندره بالمزاهرة!!!.
كانت أيام جميلة بما فيها المظاهرات و حتى ... تاكه كلاشكم ...