بسم الله الرحمن الرحيم
ماأكثر نعم الله تعالى على العبد, وماأعظم تفضله وتكرمه, فليس لنعمه حصر ولا لآلائه عد أو حساب,
ولكن قليل من عباده الشكور,ألا تنظر هذه النفس التي هي من أعظم النعم واجلها وارفعها وإلى ما اودع
الخالق الحكيم في قواهاالكثير من المنافع والمصالح لهذا الإنسان الذي خلق حقيبة العجائب ومجموعة الغرائب
بل ان كل ماخلق هو آية واضحة ودلالة جلية على وجود خالقه وتفرده في خلقه وعظم حكمته في عجيب ابداعه.
ومن نعم الله تعالى علينا نعمة النسيان.
يقول الإمام الصادق عليه السلام
( فانظر إلى النعمة على الإنسان في هذه الخلال, وكيف موقع الواحدة منها دون الجميع, وأعظم من النعمة
على الإنسان في الحفظ النعمة في النسيان, فإنه لولا النسيان لما سلا أحد عن مصيبته, ولا انقضت له حسرة ,
ولا مات له حقد, ولااستمتع بشيء من متاع الدنيا مع تذكر الآفات,ولارجاء غفلة من سلطان, ولا فترة
من حاسد, أفلا ترى كيف جعل في الإنسان الحفظ والنسيان وهما مختلفان متضادان وجعل له في كل منهما
ضربا ً من المصلحة, وما عسى أن يقول الذين قسموا الأشياء بين خالقين متضادين في هذه الاشياء المتضادة
المتباينة وقد تراها تجتمع على مافيه الصلاح والمنفعة).
ويقول عليه السلام
( ولاأستمتع بشيء من متاع الدنيا مع تذكر الآفات فإن الآفات والنوائب والبلايا التي تمر على بالإنسان في
حياته لو لم تنسى ولم يسدل عليها حجاب الغفلة لأصبحت الدنيا وكل متاعها وجميع لذائذها ومغرياتها وكافة
أطايبها ومبهجاتها غير مستمتع بها ولا مستفاد بوجودها. وكذلك إذا كان مهدداَ بعقاب سلطان أو محكوما ً
عليه بقتل أو حبس أو أمثالها وكان لم يأمل غفلة السلطان ونسيانه ولا إعراض الواتر مثلاً وعدم تذكره
لأصبح ميتاً من هلعه قبل موته,وهالكاً من جزعه قبل أوان هلاكه ولكن غفلة السلطان والأمل بنسيان الواتر
قد يخفف من سورة الخوف ويقلل من غلواء الجزع. ومثله الحاسد الذي يضر بمجرد التفاته نحو المحسود
وتوجهه إليه فإنه لولا نسيانه وفترة غفلته أحيانا عن الناس لما سلم منه إنسان).
إذاً فالنسيان نعمة من أكبر النعم الألهية بها يطيب العيش وتستقيم الحياة وتسلى المصائب ويخف الجزع ويؤمن من حسد الحاسد, كنعمة التذكر والحفظ.
فسبحان من جعل في الإنسان هاتين الخلتين وتفضل عليه بتلك النعمتين فاودع فيهما على تضادهما ضرباً من
ضروب المصلحة التي لايستطيع أي بشر من أن يؤدي بعض شكرها إلا أن يظهر عجزه عن ادائه.
______________
نسألكم الدعاء
منقول