يحتاج ليونيل ميسي إلى خطوة واحدة لتثبيت نفسه في نادي العظماء بعد قيادته الأرجنتين إلى فوز بشق الانفس على هولندا 4-2 بركلات الترجيح بعد تعادلهما بدون أهداف والتأهل إلى نهائي مونديال البرازيل 2014 لكرة القدم .
هطلت الألقاب على ابن السابعة والعشرين عاماً ، إشادات وجوائز فردية لا تعد ولا تحصى في السنوات الماضية إثر تألقه مع برشلونة الاسباني، لكن ميسي الملقب بـ"البرغوث" ينقصه ترك بصمة دامغة في كأس العالم لينضم إلى الاسطورة البرازيلية بيليه بطل 1958 و1962 و1970 ومواطنه المشاغب دييجو مارادونا بطل 1986.
استهل ميسي مشواره في المونديال الحالي بهدف الفوز على البوسنة والهرسك (2-1) منتصف الشوط الثاني، وفي مواجهة ايران اطلق كرة رائعة في الوقت بدل الضائع (90+1) وضعت "البي سيليستي" في الدور الثاني، قبل أن يضرب نيجيريا بثنائية (3-2) رفعت رصيده إلى أربعة أهداف.
في الدور الثاني أمام سويسرا وبرغم تقديم الارجنتين أداءً مخيباً للآمال، بالنسبة لفريق يعتبر من أقوى المرشحين لإحراز اللقب للمرة الثالثة في تاريخه، لعب ميسي دور المحرك مجدداً فنال جائزة أفضل لاعب في المباراة (للمرة الرابعة على التوالي) بعد تمريره الكرة الحاسمة لأنخل دي ماريا في الدقيقة 118 إثر مجهود فردي رائع.
وفي دور الثمانية للمونديال ، قدم المطلوب منه في مباراة سيطرت عليها الواقعية أمام بلجيكا وحسمها لاعبو المدرب اليخاندرو سابيلا بهدف جونزالو هيجواين.
وفي مباراة دور الأربعة التي لمس فيها الكرة 68 مرة لكن أياً منها لم يكن داخل منطقة الجزاء بسبب الطابع الدفاعي الذي طغى على المواجهة، لكن في الامتحان الوحيد الذي واجهه نجح بترجمة ركلة ترجيح في المرمى الهولندي كانت الأولى لبلاده في حصة ركلات "الحظ" فأراح أعصاب زملائه خصوصاً أن هولندا أضاعت ركلتها الاولى.
برغم مشاركته في تشكيلة الارجنتين الذهبية في أولمبياد بكين 2008، إلا أن النجاح في كوبا أمريكا وكأس العالم لم يحالف ابن روزاريو.
لا يمكن لاي عاقل ان يشكك في نوعية، قدرة وبراعة ميسي، بعد تحليقه ببرشلونة الى القاب الدوري المحلي، دوري ابطال اوروبا وتتويجه افضل لاعب في العالم اربع مرات متتالية بين 2009 و2012، لكن نجمة المونديال تبقى الاغلى من بين نواقص خزانة ميسي المدججة.
اللافت أن ميسي شارك مرتين في المونديال حتى الآن برغم صغر سنه، في الأولى لم يحصل على فرصة حقيقية اذ كان بديلاً في 2006 وسجل مرة في شباك صربيا ومونتينيجرو، وفي الثانية خرج مع زملائه بطريقة صادمة أمام المانيا تحت إشراف مارادونا بالذات دون أن يسجل أي هدف، لكن برباعيته حتى الآن في البرازيل ترك بصمة بين افضل لاعبي البطولة الكولومبي جيمس رودريجيز والألمانيان توني كروس وتوماس مولر والهولندي ارين روبن.
حصل ميسي على كل الأسلحة، واهمها الدعم المطلق من المدرب سابيلا الذي صنع فريقا على مقاسه، وأبعد كارلوس تيفيز من أجل خلق فريق متوازن يعمل على دقات قلب ميسي.
في قلوب الارجنتينيين، لا يزال مارادونا الأعظم في التاريخ، خصوصا لأنهم لم ينجحوا برؤية ميسي في ملاعبهم، إذ رحل بعمر الثالثة عشرة الى برشلونة، ولانه لم يجلب لهم اللقب العالمي في ظل منافسة شرسة بينهم وبين الجار البرازيلي، بالاضافة إلى حرارة مارادونا صاحب الكاريزما والجانب الشرس من اللعبة.
لم يكرر ميسي مؤخراً المستوى الذي منحه الكرة الذهبية لأربع سنوات متتالية، فوقع فريسة الإصابات في الاشهر الـ12 الاخيرة، وسقط مع والده ووكيل اعماله في فخ التهرب من دفع ضرائب بالملايين للسلطات الاسبانية.
بعمر التاسعة بدأت مواهبه تتفتح تزامنا مع ظهور نقص في هورمونات نموه، وهي مشكلة كادت تحرمه أن يصبح لاعباً كبيرا على حد قول طبيب الغدد دييجو شفارستاين: "الأطفال يريدون أن يصبحوا أكبر حجماً من أجل المظهر والفتيات، لكنه أراد ذلك من أجل كرة القدم". وصف له علاج مرتفع الثمن بكلفة ألف يورو شهرياً يعوض النقص ويعطي نتائج سريعة، لكن في ظل ازمة اقتصادية وفقدان والده العامل بالمعادن لوظيفته وبالتالي خسارة التأمين الذي يؤمن لطفله الادوية، عولت عائلة ميسي على انقاذ نادي برشلونة لها من ورطتها فنقلهم إلى أسبانيا ورعى الطفل الموهوب تحت جناحيه ليصبح افضل لاعب في العالم وربما في التاريخ.
قال ميسي إن هدفه الاساسي هذا الموسم هو كأس العالم، ما أثار حفيظة مشجعي برشلونة الذين اعتبروا بعد موسمه السيء انه خبأ ما يملكه حتى مونديال البرازيل، لكن إذا وفى بوعده امام المانيا سيدخل نادي العظماء ويعود بطلاً متوجاً يفتخر به برشلونة.