كان غيابك المُفاجئ كفأسٍ انهوى على ظهرِ فرحِي فقصمه ، ظللتُ طويلاً أحاول النهوض ، أفتش عن جدارٍ اتكئ عليه لأستطيع أن اقفَ مجدداً ، كنت أسقطْ ، أسقطُ عميقاً جداً ، ولم أجد أثراً ليدٍ تمسحُ على كتفي ، كنت أراك كثيراً حينها ، ألمحُ طيفك ينسل من تشققاتِ قلبي ، يشهرُ في وجهي تفاصيله ، أرتجفُ كثيراً ، وأحاولُ أن اتحسسَ السراب ، أن اتكئ على هواء ، أن أُعانق طيفاً ، لأكتشفَ في نهاية المطافْ أني وحدِي تماماً !
سخيفٌ هذا الوطن ، الوطنُ المكنّى بقلبك ، قلبك الصغيرُ جداً ، والذي لم يتسع لي يوماً ، الذي لم يترُك لي مساحةً بحجم ثقبِ الإبرة بداخله كي أتكومَ فيها .
” الذين ﻻ أملَ لديهم يمُوتون ” ؛ كهذا كُنت أقول دائماً ، واليوم فقط اكتشفتُ أني قد مُت منذ زمن ، وأن الأملَ قد تبخر ، وأنك لستَ هنا مُجدداً .
الأغنيات ، الصدَفُ المدبرة للقاء ، المقاعِد المُبللة بالمطر ، وأكوابُ القهوة ، وكعكةُ الشوكوﻻ وأشياءٌ كثيرة رحلَت لذتها برحيلك ، وبقيَ الوجعُ يطلُ من زواياها فقط ، وينكشُ الحزن من قلبي ويخْرجه .
أكرهُك ، إلى حدٍ كبير جداً ، إلى الحدِ الذي يجعلُ قلبي يبكِي بعُمق حين يذكُر اسمك فجأةً دون أن يتداعَى لقلبي أي عضوٍ آخر بالسهر والحُمى .
أكرهُك ، لأن قلبي الذابلَ ماتَ مؤخراً ، مات فرحُه ، وهرمت كلماته ، ولم يبقى منه سِوى بقايا مُهترئة ومتكدسَة بك
سيأتي الغياب مُجدداً ، وستتكاثرُ بكتريا النسيان في قلبي وسأنسَاك ، وسأركلُ تلك الهرطقة التي تشبعتها روحِي ، وسأبتسمُ لك على ذاتِ المقعد الذي بكيتُ عليه دون أن أعلم من أنت ستعود غريباً كما كُنت تماماً