تطبيقات الهواتف الذكية تغزو عالم السيارات
تسارعت وتيرة التطورات التكنولوجية خلال العقد الماضي، حيث أصبح المرء قادراً على الاتصال بشبكة الإنترنت في أي زمان ومكان بفضل الهواتف الذكية والحواسب اللوحية. ولم يعد الأمر قاصراً منذ فترة طويلة على تصفح المواقع الإلكترونية فحسب، بل تطور الموضوع إلى استخدام التطبيقات والبرامج المفيدة، التي يتم تشغيلها على الهواتف الجوالة. وعن طريق أنظمة المعلومات والترفيه الحديثة يمكن للمستخدم أن ينقل مثل هذه البرامج والتطبيقات إلى السيارات الحديثة، وهو الأمر الذي كان محل انتقادات لاذعة من خبراء النقل والمواصلات.
وقد لخص بهارات بالاسوبرامانين، من قسم أبحاث التطوير بشركة مرسيدس – بنز، نتائج استطلاع رأي العملاء بوادي السيليكون، قائلاً :"لا يمكن للمستخدم أن يتخلى عن شبكات التواصل الاجتماعي على الإنترنت مثل الفيسبوك وتويتر لدقائق معدودة، وأصبح المرء يفضل أن يظل في المنزل على أن يتنقل من مكان لآخر بدون وجود اتصال بشبكة الإنترنت". ولذلك فإن البرامج الصغيرة أو ما يُعرف باسم التطبيقات أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية، وهو ما يضع شركات السيارات تحت ضغوط ويجبرها على مواكبة هذا التطور وتلبية رغبات عملائها.
فئة الشباب
لذلك لم تعد شركات السيارات تكتفي فقط بإتاحة وظيفة الإنترنت في السيارات التي تستهدف بها مخاطبة أذواق فئة العملاء من الشباب، لكنها تسعى حالياً إلى استعمال التطبيقات والبرامج المختلفة في مقصورة القيادة. وقد قامت مرسيدس – بنز بتطوير وظيفة Drive-Kit ضمن برنامج تجهيزات سيارتها من الفئة A في البداية، ومن المقرر توفير هذه الوظيفة أيضاً في سيارات الفئة B و C و E.
وتتيح هذه الوظيفة إمكانية توصيل الهاتف الذكي آي فون بالشاشة الموجودة في الكونسول الأوسط. وتؤكد الشركة الألمانية أن قائد السيارة يمكنه عن طريق هذه الشاشة استدعاء شبكات التواصل الاجتماعي على الإنترنت مثل تويتر والفيس بوك، إلى جانب قراءة الرسائل النصية القصيرة أو استدعاء جهات الاتصال المختلفة.
وبالإضافة إلى ذلك يتمكن قائد السيارة من إرسال الرسائل عن طريق أدوات العرض والاستعمال بالسيارة. وأوضح ماتياس بروك، المتحدث الإعلامي باسم الشركة الألمانية، أن قائد السيارة يمكنه على سبيل المثال اختيار الموسيقى واستدعاء النشرة الجوية والاستعلام عن أسعار الأسهم في البورصة.
وبغض النظر عن الهاتف الذكي آي فون من شركة آبل الأمريكية، فإن قائد السيارة يتمكن من تحميل البرامج الأخرى في نظام Command من شركة مرسيدس عن طريق اتصال البلوتوث مع الهاتف الجوال. وقد تم تخزين مثل هذه البرامج الصغيرة في متجر تطبيقات خاص بها.
وبالإضافة إلى هذه البرامج، التي تساعد قائد السيارة في العثور على مكان مناسب لصف السيارة للانتظار أو الاستعلام عن أسعار الأسهم الحالية في البورصة، تخطط شركة مرسيدس – بنز حالياً لتطوير باقة من التطبيقات الأخرى.
متعة القيادة
كما طورت شركة بي إم دبليو الألمانية وشركة ميني البريطانية التابعة لها متجر تطبيقات خاص بها. ولم يقتصر اهتمام الشركة الألمانية فقط على تطبيقات الإنترنت المعتادة بدءاً من شبكات التواصل الاجتماعي وصولاً إلى راديو الويب، لكنها حرصت على مراعاة الموضوعات المتعلقة بالسيارات أيضاً، حيث تقدم شركة ميني على سبيل المثال تطبيق لمتعة القيادة.
ويقوم هذا البرنامج بإخبار السائق بقيم التسارع الحالية بالإضافة إلى العديد من القيم المهمة الأخرى بدءاً من درجة حرارة سائل التبريد مروراً بقوة المحرك وصولاً إلى عدد اللفات وعزم دوران المحرك. ولا يكتفي التطبيق بهذه المعلومات، بل إنه يقوم أيضاً بإظهار بعض البيانات المتعلقة بالطقس على شاشة كمبيوتر السيارة.
وقامت شركة أودي بتجهيز سيارتها A3 الجديدة بوظائف مشابهة في نظام المعلومات والترفيه الخاص بها، كأول موديل من الشركة الألمانية يلبي طموحات العملاء من فئة الشباب. ويؤكد أوليفر شتروباخ، المتحدث الإعلامي باسم شركة أودي، أن السيارة المدمجة الجديدة تأتي مزودة بتطبيقات خاصة لشبكات التواصل الاجتماعي على الإنترنت مثل التويتر والفيسبوك.
ومنذ فترة طويلة لم تعد مثل هذه الحلول امتيازاً يقتصر فقط على أصحاب السيارات الفارهة التي تحمل شعار الشركات العالمية المتخصصة في تصنيع الموديلات الفاخرة، بل إن هذه التطبيقات أصبحت متوافرة لأصحاب السيارات الصغيرة الأقل تكلفة مثل تويوتا Auris أو رينو Clio الجديدة.
وأوضحت شركة رينو الفرنسية أنه إذا قام قائد السيارة Clio بتوصيل هاتفه الجوال في السيارة، وقام بالنقر على الزر المناسب بشاشة اللمسية الموجود في السيارة، فإنه يصل بشكل أوتوماتيكي إلى باقة من البرامج الإضافية، التي تكون مثبتة بشكل مسبق في حالة وجود التجهيزات المناسبة، والتي تتيح له خدمة البريد الإلكتروني وتطبيق خاص لموقع تويتر بالإضافة إلى استدعاء توقعات الطقس من خلال النشرات الجوية وكذلك خدمة الأعطال.
وتطلق شركة رينو على هذا النظام، الذي يكون متصلاً بالإنترنت على الدوام، اسم R-Link، الذي يتيح إمكانية استدعاء المعلومات المرورية الحالية وجلب نصائح وإرشادات حول المطاعم والفنادق إلى مقصورة سيارة رينو مباشرة.
وتخطط الشركة الفرنسية في البداية لتطوير باقة أخرى تتألف من 12 تطبيقاً، وقد تم الانتهاء من التطبيق الأول بالفعل، الذي يحمل اسم R-Sound Effect ويقوم بمحاكاة أصوات المحركات الأخرى اعتماداً على عدد لفات محرك السيارة Clio، وبالتالي يمكن لقائد هذه السيارة الصغيرة المزودة بمحرك بنزين ثلاثي الأسطوانات، الاستمتاع بصوت سيارة أمريكية ذات محرك ثماني الأسطوانات V8.
خيط رفيع
ومع ذلك يعترف المتحدث الإعلامي باسم شركة أودي الألمانية بأن شركات السيارات تسير على خيط رفيع فيما يتعلق بموضوع دمج التطبيقات والبرامج الإضافية في السيارات الحديثة، ويؤكد على ذلك بقوله :"تسعى شركات السيارات إلى تلبية رغبات عملائها من خلال توفير أقصى قدر ممكن من الخدمات الإضافية"، لكن يجب أن يتم دمج هذه الوظائف الإضافية لاسلكياً في طريقة استعمال السيارة، حتى يظل الهاتف الذكي في جيب السائق؛ لأن مجرد مسك الهاتف الجوال يعتبر من الأمور المحفوفة بالمخاطر أثناء القيادة.
وقد تعرض الاتجاه نحو دمج التطبيقات والبرامج الصغيرة في كمبيوتر السيارة إلى العديد من الانتقادات اللاذعة من المجلس الألماني للسلامة على الطريق (DVR)، حيث أكدت المتحدثة الإعلامية كارا بورمان على ذلك بقولها :"يجب أن ينصب اهتمام وتركيز قائد السيارة بالكامل على متابعة أحوال الطريق".
وقد يؤدي أي إجراء يلفت انتباه السائق، بما في ذلك استعمال التطبيقات بأنظمة المعلومات والترفيه، إلى تزايد خطر الحوادث على الطريق، وأضافت بورمان :"نحن نرى أن إجراء المكالمات الهاتفية المسموح بها في السيارة عن طريق تجهيزة التحدث الحر يعتبر من الأمور الخطيرة؛ لأن تركيز السائق في تلك الأثناء يكون منصباً على المكالمة الهاتفية وليس على متابعة أحوال الطريق من حوله".