غوته والحب
غوته في يوم عيده ميلاده السادس والستين تقدم له حبيبته مريانا في صبيحة هذا اليوم عمامة من أجود أنواع الشيلان الهندية يحيط بها إكليل من الغار. وكل هذا قصدت به ان يكون تحقيقا في الواقع لأغنية الشعر الشرقي التي تقول:
وتلح مريانا في الدعابة، فتطلب إلى الشيخ (غوته) أن يقص على الحاضرين قصة مغامراته الغرامية. فلا يسع الشيخ إلا أن يجيب عليها شعرا في دعابة حلوة، فيصفها هي وما لفتنتها من آلاف الأخطار! وكل هذا وقود يضاف إلى نار الحب بين كلا القلبين، فيزيدها ضراما، حتى بدا الحب يدخل دوره الخطير الأخير ببدء هذا الحوار الرائع بين حاتم وزليخا (غوته متأثرا بسحر وغموض وثقافة الشرق يدعوا نفسه بحاتم ومريانا بزليخا) فحاتم يبدأ الحوار بأن يقول:إليَ، إليَ، أيها الحبيب! ضع العمامة على رأسي!
فمن يدك وحدها تكون العمامة جميلة. وان عباس،
شاهنشاه إيران، لم ير رأسه قد توجت بعمامة أجمل وأروع!.
ليست الظروف هي التي تخلق من اللص لصاً. ولكنها هي نفسها اكبر اللصوص. لأنها سطت على بقية الحب التي كانت باقية في قلبي، وسلمتها إليكِ، فأصبحت فقيرا، فصارت حياتي وقفا عليك. ومع ذلك فاني اشعر بالحنين في الشرارة المقدسة المنبعثة من نظراتك وانعم بحظي الجديد بين ذراعيك.
وحينئذ ترد عليه زليخا في اعتراف بديع تقول فيه:
طوبى لك في حبك، أنا لا ألوم الظروف، وحتى ولو أنها قد سطت عليك، فما ألذ هذا السطو لدي وأقربه إلى قلبي! ولست ادري لماذا يحلو لك أن تسمي هذا سطواً؟ فلم لا تقدم إليَ قلبك في حرية واختيار؟ أجل، إني أود أن أقول لك بكل قلبي: نعم، أنا الذي سطوت عليك، إن هذا الذي تقدمه طواعية واختياراً، سيقدم لك ربحا عظيما. فها هي ذي راحتي، وها هي ذي حياتي الخصبة ابذلها لك في سرور وغبطة، فتقدم وخذها! كفى هزلا! ولا تتحدث عن الفقر! أولا يجعلنا حبنا أغنياء؟
أجمل ما قرأت اليوم من كتاب ما زلت في صفحته 28