كتاب جديد للباحث ناجح المعموري عن الشعر والأسطورة07/07/2014 10:23
ضمن سلسلة الثقافة السريانية الصادرة عن وزارة الثقافة والشباب، صدر كتاب" متخيل الشعر في الأساطير" للباحث ناجح المعموري تناول فيه تجربة" الأب يوسف سعيد.. أنموذجاً".
يبرع المعموري في قراءة وتحليل مضامين تجربة شعرية للأب يوسف– اربع قصائد- كان الأخير فيها قد وظف إرثاً روحياً وأسطورياً لرموز تداولتها أغلب الحضارات القديمة والأديان وذلك عبر اعتماد تلك الرموز– الأرض، السماء، التراب، الماء- عناوين لفصول أناشيده ونصوصه الشعرية، التي ينفد عبرها إلى مساحات سحيقة في الوعي الأولي، محملا إياها هذه المرة، شحنات مضافة تستند إلى رؤاه ولغته المكتنزة والموحية.
القصائد حسب قراءة الناقد المعموري" عبارة عن تنوعات للرموز العليا، وكل رمز منها معني بعنصر واحد من عناصر نظرية الخيال التي قال بها باشلار، وظل الشاعر الأب يوسف سعيد متخندقا في العنصر متتبعا تركمات الثقافة والديانات والمتعارف عليه، نازعا عنها طبقة طبقة، برؤيا العارف والبصير بالأسرار ومداخلها وفضاءاتها".
وقارن المعموري في غضون دراسته للنصوص الطابع الرمزي والجنوح نحو ما هو أصيل أو مقدس، حيث يجد تبدياته في الاستهلالات التي تحاكي مقدمات أساطير الخلق والنشوء السومرية التي تتسم بتمجيد التخلقات الأولى والانبثاقات عبر فيض مهيمن وحضور بارز ومتناغم وولود باستمرار.
ان تداخل الرموز وتوارث تركات الحضارات الرافدينية المتعاقبة مع متوازياتها الأسطورية أو الدينية– لاسيما المرموزات المسيحية والتوراتية- تبدو جلية في روح النصوص لدى الأب يوسف، وقد نلحظ نماء وتلاقحا مفعما بالرؤى المتصاعدة. أما اللغة المشحونة بالدلالات لديه، فهي تنتظم في النسيج الموحىي ذاته المحمل بالتأويل.
يوسف سعيد وجماعة كركوك
يعتبر يوسف واحدا من الشعراء العراقيين البارزين المعدودين ضمن" جماعة كركوك" التي طرحت للخريطة الشعرية العراقية أسماء مهمة تخطت حدود المحلية إلى مديات عالمية أو عربية في أقل التقديرات مثل الشاعر سركون بولص والشاعر فاضل العزاوي وغيرهم. ولعل الاطلاع على السيرة الحياتية والثقافية للأب يوسف تسهم كثيرا في التعرف على مساره الأدبي وكذلك تمس زوايا مهمة تسهم في تفسيره وقراءته شاعرا تمتلئ ذاكرته ولغته بالروح الكهنوتية واللاهوتية بالإضافة إلى اكتنازها الأساس بالارث الرافديني العميق. الأب الشاعر د. يوسف سعيد- مواليد الموصل ـ العراق 1932 أتمَّ دراسته الأولى والتحق بالكلية اللاهوتية وعين رئيساً روحياً لطائفة السريان في كركوك، حيث التقى هناك جماعة شعراء كركوك، الذين تركوا تأثيرات مهمة في شعره، كما ترك هو الآخر تأثيره في أصدقائه الشعراء نشرت أشعاره وكتاباته ابتداءً من العام 1953 في الصحف والمجلات العراقية والعربية وكان لها صدى طيب على الساحة الأدبية والثقافية.
غادر العراق في العام 1964، متوجِّهاً إلى بيروت وهناك التقى أبرز الشعراء والكتاب وعاش في بيروت حتى العام 1970. نشر في مجلة "شعر" قصائد بعنوان: "بهيموث والبحر" وقد أثنى عليها الكاتب المعروف جبرا ابراهيم جبرا، ونشر في ذلك الوقت قصائد بعنوان: "أضواء آتية من أسواق القمر" في المجلة التي كان يرأسها آنذاك أدونيس، وقصائد عديدة أخرى. كما ترجم أكثر من خمسين قصيدة لمار أفرام السرياني، نشرتها مجلة "شعر". انتقل للاقامة في السويد العام 1970، متّخذاً من إحدى ضواحي ستوكهولم، مقراً هادئاً للعيش والكتابة. قال عنه الشاعر ميخائيل نعيمة" انني لم أجد في حياتي كاهنا بهذه الروعة الشعرية العميقة في الحياة ". بعد سنوات طويلة من العمل في سلك الكهنوت تفرغ كليا للكتابة، يكتب عن تجربته الحياتية وعن رؤاه في أعماقها وجوانبها التي يتلمسها في منفاه وصمت غاباته الباردة.