الصداع العنقودي - سيد الآلام
Cluster headaches
إسأل شخصاً أو ثلاثةً : ” ما هو أقوى ألمٍ قد يحسُّ به أيُّ إنسان؟ ” وسيقولون لك إما ضربةٌ تحت الحزام أو كسرٌ في الساق ؛ لكن الواقع أمرّ من ذلك بكثير. الصداع العنقودي. ذلك هو أشد ألمٍ على الإطلاق.
ليس هو الصداع النصفي ، ولا الصداع الذي يتحلل ألمه مع حبة “بانادول” . هذا النوع من الصداع يسبب آلاماً متكررةً خلال اليوم الواحد في أوقاتٍ متتاليةٍ ، وشدّة الألم تحطّم جلادة أشدّ الرجال، وتجعل الشخص يكره الحياة فعليّا، فكثيرٍ من المصابين بالحالة وجدوا راحتهم بالانتحار.
“Cluster Headache“ ذلك اسمه بالانجليزية. سمي بـ”الصداع العنقودي” لأن المصاب تتكرر آلام الصداع لديه عدة مراتٍ في اليوم الواحد، والألم لا يذهب. وله اسمٌ آخر: “Suicide Headache“ أو “الصداع الإنتحاري”، سمّي بذلك لشدته القاسية التي تدفع المصاب نحو الرغبة في التخلص من حياته بأي طريقة.
تم تشخيص الصداع العنقودي لأول مرةٍ على يد الدكتور ويلفريد هاريس في بريطانيا عام 1926. وفقاً للدكتور بيتر جودسبي، طبيب مخٍ وأعصابٍ في مستشفى جامعي في لندن: ”الصداع العنقودي هو أسوأ ألمٍ قد يصيب أي كائنٍ بشري. قد تبدو هذه الإشادة بعيدة المدى، لكن إذا سألت أيّ مصابٍ بهذا المرض إن كانوا مروا بآلامٍ أشد، فاعلم جَزْماً أن إجابتهم ستكون بالنفي. سيقلن لك النساء المصابين به أن خمس دقائق من هذا الصداع أشدّ إيلاماً من الولادة حتى ! فتخيل الأمر كأنه شخص يمر بآلام الولادة عشرة إلى عشرين مرةٍ في الأسبوع. الحالة سيئةٌ حتمًا”.
أسباب الصداع العنقودي لا تزال مجهولةً ، لكن معروفٌ عنه حتى الآن أنه من أنواع صداع الأوعية الدموية ، أي أنها بسبب توسعٍ مفاجئٍ لأوعيةٍ في الرأس تسبب ضغطًا على عصبٍ معين وبذلك يتم الألم. أيضاً، تم تسميته بـ”صداع ساعة التنبيه” لسببين: أولهما هو أنه قويٌّ لدرجة إيقاظ المصاب من النوم، وثانيهما أن مواعيد حالات الصداع لدى المصاب دقيقةٌ جداً، كأنها ساعةٌ بالفعل. لحسن الحظ، فقط 0.1% من سكان العالم مصابين بالمرض، أي أنه نادرٌ إلى حدٍّ ما. بالطبع هناك عدة أدويةٍ تساعد في تخفيف الألم، لكن علاج الحالة بالكامل لم تحدث من قبل.
أحد الأدوية المعروفة في التخفيف من أعراض الصداع العنقودي هو الميلاتونين، والذي يمكن أن يكون علاجًا للأرق.هذا المرض يصيب الرجال أكثر من النساء بكثير، بنسبةٍ تقاربُ خمسَ رجالٍ لكلّ إمرأة، لكن الفرق الشاسع بين الجنسين بدأ يتضائل على مر العقود الماضية إلى ثلاثةٍ مقابل واحد. يقال أيضاً أن المصابين بالمرض قد يباغتهم الألم فجأةً عند استنشاقهم لدخان السجائر.
بعد أن عرفت عن هذه الحالة المستعصية التي، بالفعل، يعتبر الموت أرحم منها عند المصابين بها، أعلم أن مهما مررت به من ألم، فهناك من هو في وضعٍ أسوأ منك بكثير.