قالوا الحياة |
هي لونُ عينَيْ ميّتِ |
هي وقعُ خَطو القاتلِ المتلفّتِ |
أيامُها المتجعداتْ |
كالمعطفِ المسموم ينضَحُ بالمماتْ |
أحلامُها بَسَماتُ سعْلاةٍ مخدِّرةِ العيونْ |
ووراءَ بسمتِها المَنُونْ |
قالوا الأملْ |
هو حَسرةُ الظمآنِ حينَ يرى الكؤوسْ |
في صورةٍ فوق الجدارْ |
هو ذلكَ اللونُ العَبُوسْ |
في وجه عُصْفورٍ تَحطّمَ عُشُّهُ فبكى وطارْ |
وأقام ينتظرُ الصباحَ لعلَّ مُعجزةً تُعيدْ |
أنقاضَ مأواهُ المخرَّبِ من جديدْ |
قالوا النعيمْ |
وبحثتُ عنه في العيونِ الغائراتْ |
في قصّةِ البؤسِ التي كُتبتْ على بعض الوجوهْ |
في الدهْرِ تأكلُهُ سنوهْ |
في الزهرِ يرصُدُ عِطرَهُ شَبحُ الذبولْ |
في نجمةٍ حسناءَ يرصُدُها الأفولْ |
قالوا النعيمُ ولم أجدْهُ فهل طَوى غدَهُ وماتْ? |
قالوا السكونْ |
أسطورةٌ حمقاءُ جاء بها جَمَادْ |
يُصغي بأذنيه ويتركُ روحَه تحت الرَّمادْ |
لم يسمعِ الصَّرَخاتِ يُرْسلُها السياجْ, |
وقصائصُ الورقِ الممزَّق في الخرائبِ, والغبارْ, ومقاعدُ الغُرَفِ القديمة, والزُّجَاجْ, |
غطّاهُ نَسْجُ العنكبوت, ومعطفٌ فوق الجدارْ |
قالوا الشباب |
وسألتُ عنه فحدثوني عن سنينْ |
تأتي فينقشعُ الضَّبَابْ |
وتحدثوا عن جنّةٍ خلف السَّرَابْ |
وتحدثوا عن واحةٍ للمتعَبينْ |
وبلغتُها فوجدتُ أحلامَ الغَدِ |
مصلوبةً عند الرِّتاج الموصَدِ |
قالوا الخلودْ |
ووجدتُهُ ظلا تمطَّى في بُرُودْ |
فوق المدافنِ حيثُ تنكمشُ الحياهْ |
ووجدتُهُ لفظًا على بعض الشفاهْ |
غنّته وهي تنوحُ ماضيها وتُنزلُهُ اللحودْ |
غنّتْهُ وهي تموتُ... يا لَلازدراء! |
قالوا الخلودُ, ولم أجدْ إلاَّ الفناءْ |
قالوا القلوبْ |
ووجدتُ أبوابًا تؤدي في اختناقْ |
لمقابرٍ دُفِن الشعورُ بها وماتَ غدُ الخيالْ |
جُدرانُها اللزِجاتُ تبتلعُ الجَمَالْ |
وتمجُّ قبحًا لا يُطاقْ |
وهربتُ شاحبةً أتلك إذنْ قلوبْ? |
يا خيبةَ الأحلامِ. إني لن أؤوبْ |
قالوا العيونْ |
ووجدتُ أجفانًا وليس لها بَصَرْ |
وعَرَفْتُ أهدابًا شُدِدْن إلى حَجَرْ |
وخبرتُ أقباءً ملفّعةً بأستار الظنونْ |
عمياءَ عن غير الشُّرور وإن تكن تُدعى عيونْ |
وعرفتُ آلافًا وأعينُهم صفائحُ من زجاجْ |
زرقاءُ في لون السماء, وخلف زرقتها دَياجْ |
قالوا وقالوا |
ألفاظُهم لاكت تَرَدُّدَها الرياحْ |
في عالم أصواتُهُ الجوفاءُ يرصُدُها الفناءْ |
المتعبونَ بلا ارتياحْ |
الضائعونَ بلا انتهاءْ |
قالوا وقلتُ وليس يبقى ما يُقالْ |
يا لَلخرافةِ! يا لَسُخريةِ الخيالْ! |