يا وطنًا اصبحت صلاة الجنازة فيك………
ميلاد عمر المزوغي
مقاومة الظلم والاستبداد الذي اصبح مستشري في الوطن,سواء من قبل اولئك الذين انتخبناهم او من اولئك الذين نصبوا انفسهم علينا بقوة السلاح واو الذين جاؤوا على ظهور الدبابات الغربية اصبح فرض عين على كل قادر على ذلك انطلاقا من : من شهد منكم منكرا فليغيره بيديه فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الايمان,لقد جاوز الطغاة الجدد حدود المعقول وصاروا عبئا على الشعب,لم يكتفوا بسرقة ما وقعت عليه ابصارهم وما طالته اياديهم من مال عام وخاص.
المنكر صار مألوفا عندنا,بل نستغرب اشد الاستغراب عندما لا نلحظ ذلك ولو لفترة بسيطة,ترى الناس سكارى وما هم بسكارى من هول الجرائم المرتكبة بحق الوطن والمواطن,مخابرات الاعداء تجوب مدننا وقرانا وأريافنا,بعد ان قدمنا لهم كل ما احتاجوا اليه لضرب مؤسساتنا وان لم يعترف بعضنا بوجودها, فصارت خرابا وشاهدة على همجية الذين قالوا بأنهم اتوا لتخليصنا وإنقاذنا من براثن الحكم الفردي الذي جثم علينا عقودا,بل اعتبرها البعض حقبا مظلمة جائرة.
اعمال العنف التي تغذيها اطراف اقليمية وبتنفيذ محلي لم تتوقف يوما في بلداننا, اوهمونا بان الخير قادم,ما هو إلا صبر ساعة, مرت اشهر وأعوام ,يبدو ان عقارب الساعة التي يتحدثون عنها لم تتحرك,قد يكون ذلك بفعل عدم وجود اداة التشغيل( النضيدة),توقفت الساعة كما توقف التيار الكهربائي عن تغذية منازلنا في كل الفصول,رجعوا بنا الى عصور ما قبل اكتشاف النفط التي حدثنا عنها الاباء, لِم لا؟ والهدف هو ان نشعر بمعاناة من سبقونا الى الحياة,حكامنا الجدد اتاحوا لنا ذلك,الموارد الطبيعية التي في ارضنا وتحت اقدامنا ليست لنا نحن العامة, بل لأولياء امورنا,يتصدقون علينا بما يشاءون فهم ظل الله في الارض,ونكون لهم من الشاكرين.ولهم الحق المطلق في ايداع ابرادات النفط والصادرات في البنوك الاوروبية,مصارفنا اصبحت خاوية,بسبب السرقات التي لا تكاد تنقطع يوما,المواطن لا يكاد يقبض راتبه الذي لا يسد رمقه,وان صادف وان استلم راتبه دفعة واحدة فمن المؤكد انه لن يصل الى منزله بفعل قطاع الطرق في وضح النهار وذاك اكبر دليل على وجود الامن واستقرار الامور التي كنا نفتقدها ايام الطغاة.
بفعل الوهن الذين اوصلنا اليه حكامنا الجدد,قطع عنا جيراننا المحترمين,الذين مددنا لهم يد العون وأشركناهم في اقامة مشاريعنا التنموية, مياه الانهر التي تنبع بأراضيهم,اما اخوتنا في الوطن فإنهم اقفلوا عنا الانابيب التي تغذينا بمياه الشرب والري,لينغصوا على سكان المدن حياة الرفاهية.
لأجل اسقاط الانظمة الديكتاتورية سقط العديد من القتلى,بعد سقوط الانظمة لم تتوقف عمليات القتل بل فاقت اعدادهم الذين قتلوا ابان عملية اسقاط الانظمة,الإبادة على الهوية بسبب وبدونه,لا يكاد يوجد شارع إلا وفقد احد من ابنائه ليشعر الجميع بقيمة التحول من التخلف الى التقدم وحرية الرأي والتعبير,التغيير ليس سهلا,لذا كانت التضحيات جسام.
الامور بعد سقوط الانظمة في الوطن انقلبت رأسا على عقب,رجال الدين صاروا يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف,يحجون ويعتمرون الى الدوحة لأن بها ربهم الاعلى ولي نعمتهم وتركوا مكة,اشعلوا الفتنة بين مكونات الشعب,اهدروا دماء فئة وجدت لتحمي الوطن من اي تدخل خارجي او انفلات امني واعني بهم العسكر ورجال الامن,جماهيرنا ايضا تغيرت كثيرا وبدا انها كانت تخاف القانون الوضعي وليس الواعز الديني,فكثرت اعمال القتل والإجرام والسلب وقطع الطرق,اعداد القتلى فاقت التصور,لم نعد ندفن موتانا عقب الصلوات المعروفة (الظهر والعصر) بل اصبحت تؤدّى في غير وقت,رجال الدين اثبتوا لنا ان صلاة الجنازة لم تعد فرض كفاية ان قام بها البعض سقط عن الاخرين,صرنا جميعا نذهب الى المقابر لتأدية صلاة الجنازة لأن كل منا افتقد عزيز عليه, لقد اصبحت صلاة الجنازة في وطني فرضا عين,ليست محددة بوقت كبقية الصلوات, وأصبح عدد الصلوات المفروضة ستة وليست خمسة,هذه فتاواى رجال ديننا اليوم,فهل كان السابقون من علمائنا يجهلون ذلك؟ شكرا لعلمائنا الاجلاء دونما تخصيص وما اكثرهم ,الذين فرضوا علينا صلاة جديدة لنتقرب الى الله اكثر وينالهم جزء من الثواب.ا ليسوا هم من جلبوا لنا العز والأمن والأمان والاستقرار التي كنا نفتقدها من قبل,شكرا لكل من ساهم في التغيير وأوصلنا الى ما نحن فيه.