شهر رمضان في ذروة مونديال البرازيل، مباريات ساخنة وتنافس محموم على من سيعتلي عرش الكرة العالمية، وأمام هذا الوضع، تقف تساؤلات جديدة في وجه عدد من اللاعبين المسلمين الذين لا تزال منتخباتهم حاضرة في مربع النهاية. وهي تساؤلات تعود إلى الواجهة بعد 32 سنة، وهو آخر موعد تزامن فيه شهر الصيام مع مونديال المكسيك.
وسيمضي اللاعبون المسلمون الذين تأهلت منتخباتهم إلى أدوار متقدمة، حوالي 17 يوما من شهر رمضان في البرازيل، الأمر الذي يجعلهم بين خياري الصيام في مواقيت التدريبات وخصوصا المباريات أو الإفطار، وسط جدل يتكرر مع كل منافسة رياضية تقام مع شهر الصيام.
ويخشى المدربون والقائمون على المنتخبات التي يوجد بها لاعبون مسلمون من أن يؤثر الإمساك عن الطعام على مردودهم خلال المباريات.
وتتضمن المنتخبات التي بلغت دور الربع فرنسا وبلجيكا والبرازيل وألمانيا العديد من اللاعبين المعتنقين لدين الإسلام.
ومن بين ألمع العناصر المؤثرة في منتخباتها النجم الفرنسي كريم بن زيمة، والألماني مسعود أوزيل.
وقال أوزيل، الذي اختار عدم الصوم في رمضان في عام المونديال "أنا أعمل وسأواصل عملي، لذا لن أصوم رمضان في سنة المونديال هذه لأني أعمل، ومن المستحيل بالنسبة لي أن ألتزم بالصوم هذا العام".
أمام نجم المنتخب الفرنسي كريم بنزيمة فاعتاد على الصيام حتى خلال أهم المباريات التي يخوضها ناديه ريال مدريد.
وكان مدرب المنتخب الفرنسي ديدييه ديشان قد أوضح أنه "لم يطلب شيئا" من لاعبيه المسلمين بخصوص رمضان.
وقال ديشان "هذه أمور حساسة ودقيقة، وليس لدي ما أطلبه. نحترم كل الديانات، واللاعبون معتادون على الصوم واللعب وليس هذا الوضع جديدا، كما لست قلقا لأن الجميع سيتأقلم مع الأمر".
فيفا: لا خطر على اللاعبين
واستبق الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" هذا الجدل بالتأكيد على أن صيام اللاعبين المشاركين في مونديال البرازيل لن يضر بحالتهم الصحية.
وقال جيري دفوراك كبير الأطباء في الاتحاد الدولي "أجرينا دراسات شاملة على العديد من اللاعبين خلال شهر رمضان، وخلصنا إلى أنه إذا ما طبق اللاعبون المسلمون نظاما ملائما خلال شهر رمضان فإنهم لن يعانوا من أي تراجع في أدائهم البدني".
وكان اللاعبون المسلمون قد عانوا في مونديال إسبانيا 1982، خصوصا منتخبي الجزائر والكويت، وتكرر المشهد ذاته في مونديال المكسيك 1986.
استنزاف الطاقة
وغالبا ما شكلت مسألة إفطار اللاعبين المسلمين في المنافسات الرياضية إشكالا بين اللاعبين وأنديتهم، خصوصا منها الأوروبية، إذ يلعب العديد منهم في فرق تتنافس على المستوى العالي.
ويعتقد العديد من المختصين في الطب الرياضي أن امتناع اللاعب عن الأكل والشرب خلال التدريبات والمباريات سيجعل قدرته على التحمل تتراجع، في ظل المجهودات البدنية الكبيرة التي يبذلها.
ونقلت صحيفة "ذي إيكونوميست" عن طبيب فريق ليفربول الإنكليزي زاف إقبال قوله إنه ينصح اللاعبين بتناول أنواع معينة من المأكولات مثل البطاطا الحلوة والذرة خارج أوقات الصيام، وذلك بهدف استعادة السعرات الحرارية المفقودة أثناء المباريات.
غير أن الصحيفة أشارت إلى أن أكبر ما يعانيه اللاعبون خلال الصيام هو النقص الحاد في الماء في الجسم، وهو النقص الذي لا يمكن تعويضه إلا من خلال تناول المشروبات.
وقال حكيم شلبي طبيب منتخب الجزائر الذي بلغ الدور الثاني وحرمته الهزيمة أمام ألمانيا من مواصلة المشوار إن الصيام يشكل "مرحلة يزداد فيها خطر الإصابة، خصوصا على مستوى أسفل الظهر والمفاصل والعضلات"، وهذا يعود تحديدا إلى عامل جفاف الجسم وليس النقص في الغذاء.
وساهمت إنجازات الدكتور شلبي العلمية في مستشفى "اسبيتار" في العاصمة القطرية الدوحة، في أن يصبح أحد مرجعيات الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" في موضوع صوم اللاعبين.
ويوضح شلبي أنه "يجب تغيير مستوى التغذية، ويجب أيضا تعديل كمية الغذاء بما يسمح بالتأقلم مع التمارين، وعلى اللاعبين أيضا أن يشربوا الكثير من السوائل، وأنصحهم بتمديد فترة القيلولة بعد الظهر لتعويض جزء من الوقت المخصص للنوم".
فتاوى الجواز
وبالإضافة إلى ما يمكن أن يمثله صوم اللاعبين من مشكلة على المستوى الصحي، فإن المسألة تطرح أيضا من الناحية الدينية، في صحة جواز إفطار اللاعبين من عدمه.
وفي هذا السياق كانت صحيفة "الشروق" الجزائرية نقلت عن رئيس لجنة الافتاء بالمجلس الإسلامي الأعلى في الجزائر، الشيخ محمد شريف قاهر، قوله إن اللاعبين الجزائريين يجوز لهم الإفطار "وقت مباشرتهم المباريات"، في حال تأهّل الخضر للدّور الثاني من كأس العالم.
وقال الشيخ محمّد شريف قاهر في تصريحات للصحيفة إن هذه المسألة فصل فيها الشيخ محمد الغزالي بجواز الإفطار عند مباشرة اللعب، مضيفا أن بعض المذاهب الإسلامية تذهب إلى أن المسافر يأخذ بأحكام السفر إلى أن يعود إلى بلده