سيرٌ إلى الكمال على خط صاحب العصر و الزمان


اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين




السير و السلوك من المفاهيم التي حضيت باهتمام العرفاء بشكل كبير جداً, بل إن العرفاء يعتبرون أن كل عمل يقوم به العبد بالشكل المطلوب منه واصلاً إلى مرتبة الخلوص هو سيرٌ إلى الله سبحانه و تعالى ..

ولهذا يعتبر السير والسلوك العرفان العملي عند العرفاء.



وعليه فإن السير هو سيرٌ روحي معنوي لا مادي,سيرٌ بقدمي العزم و الإرادة نحو الله سبحانه و تعالى.




إن من أولويات السير والسلوك إلى الكمالات الروحية التي توصل الإنسان إلى الله سبحانه وتعالى هو اتخاذ نهج للسير على خطاه وإلا سوف يتخبط الإنسان خبط عشواء لا يعرف أين يذهب وأي طريق يسلك.



وبما إننا في عصر الغيبة عصر صاحب العصر والزمان أرواحنا لتراب مقدمه الفداء، سوف نعمل على ذكر بعض من أنوار نهجه المقدس لعلنا نقتبس منه ولو بقبس لينير لنا سيرنا نحو نيل الكمالات الروحية واصلين بها إلى القرب منه، حاصلين على عنايته ورضاه وفيوضاته المقدسة.




القبس الأول : تزكية النفس:




تعتبر تزكية النفس عاملاً رئيسياً من عوامل القرب منه (أرواحنا فداه) والتزكية تعني التطهير ولأن الإمام صاحب العصر والزمان (عج) طاهر مطهر فلن يقبل أن يتقرب منه إلا من طهر نفسه مادياً ومعنوياً، فلا يعقل أصلاً لأحد أن ينال القرب منه وهو طوال سنته يعيش في الآثام والقاذورات المعنوية ويريد في ليلة النصف من الشعبان ليلة مولده الشريف أن يعمل المستحبات ويحضر مجالس المولد المقدس حتى تشمله بركات وفيوضات الإمام ويحصل على محبته ورضاه وعنايته،
فهذا لا يعقل أبداً،
أنت نفسك لو أتاك أحد يريد أن يصحبك ويتقرب منك وهو قذر ورائحته نتنه وهو متسخ وسمعته في الحضيض أو على أقل تقدير أنت تعرف عنه أنه هابط معنوياً، فلن تقبل صحبته ولن تسمح له أن يتقرب منك،




فكيف بالطاهر المطهر صاحب العصر والزمان (أرواحنا فداه).



وعليه فإنَّ نيل القرب منه والحصول على عنايته ورضاه ودعائه والذي يعني الفلاح لكل إنسان لابد أن يعمل على تزكية نفسه (قد أفلح من زكاها) وإلا لن يكون إلا خاسراً خائباً من تلكم الأمور جميعاً ( وقد خاب من دساها).




نختم هذا القبس بقول أحد العرفاء في هذا الصدد حيث يقول:
إذا أراد المرء أن يتخلق بأخلاق الإمام بقية الله (أرواحنا فداه) فيكون قريباً منه مرتبطاً به، ومستريحاً من شر الشيطان والنفس الأمارة...



فعليه – بلا شك – أن يعني

بتهذيب نفسه...



القبس الثاني : الخلوص والانقطاع:




فإن ترد صحبته وحده فانفض يداً من كل شيء سواه



كثير من الأحيان تحصل لنا حالة من الخلوص والانقطاع التامين بسبب حادثة ما أو مشكلة ما أو مصيبة أو أي داهمة تصيبنا، فترانا ندعو بإخلاص منقطع النظير وانقطاع لا مثيل له، وعندما ينقشع هذا الظرف ينقشع معه ذلك الخلوص والانقطاع بيد أن الإمام لم يخرج ومازال مغيباً عنا ونحن في أمس الحاجة إليه ومع ذلك لا ترى عند أكثر الناس خلوص ومواظبة وانقطاع بالدعاء لولي العصر والزمان (أرواحنا فداه)، ولو أن أحداً منا سجن لفترة طويلة تراه يدعو ليلاََ نهاراَ بتوجه عميق وإخلاص كبير وانقطاع تام من أجل التفريج عنه والخروج من السجن، هذا هو حالنا في عدم الخلوص والانقطاع لصاحب العصر والزمان (أرواحنا فداه) تراه لا يدعو له بالفرج إلا عندما يدعو أحد له بالفرج ونكون بالصدفة هناك أخذنا نردد معه بالدعاء، ولكن لو يسألنا سائل هل نعيش حالة الخلوص والانقطاع من أجل الإمام (عج) وندعو له بالدعاء المحبوب لديه ( الهم كن لوليك الحجة...) ليلاَ نهاراَ في قيامنا وجلوسنا في قنوتنا وسجودنا، في برامجنا الروحية و أوقات السحر؟؟،



أعتقد أن الإجابة ستكون مع الأسف الشديد بالنفي عند أكثرنا على العلم أن العرفاء كثيراً ما يلفتون الناس إلى أن من يتوجه ولو لحظة واحدة إلى ولي الله الأعظم الإمام صاحب العصر والزمان (عج) مبرّأًً من الشك والشبهة و مزكياً نفسه من الآثام ومخلصاً ومنقطعاً كل الانقطاع فإن الألطاف الإلهية تنهمر عليه وتغمره من كل ناحية.




على الرغم من أن الفرج والقضاء على الظلم والفساد وتكوين الدولة الإسلامية الكبرى لصالحنا ونحن محتاجون للإمام لا أن الإمام محتاج لنا لكنه يدعو بالفرج والتعجيل بالظهور في حالة خلوص وانقطاع لا مثيل لها على الإطلاق،
فماذا فعلنا نحن؟
كل الذي نفعله ابتهاج وفرح وسرور بالمولد وتوزيع الحلويات وماشابه وقليل من الدعاء وأمنيات بأن نكون من أنصاره بل البعض يعتقد جازماً في قرارة نفسه إنه من أنصار الحجة، لا لشيء إلا لأنه شيعيٌ فقط!

فهل هذا يكفي؟



ما لم يحصل التناسب والتماثل الروحي بينك وبين إمامك صاحب العصر والزمان فإن فرصة الفوز بأن تكون من جند الإمام
مستحيلة،
فعلى الإنسان الذي يطمح أن يكون من أصحاب الإمام (عج) أن يعمل على تقوية جانبه الروحي والمعنوي حتى يكون متماثلاً معه صاحب العصر والزمان، وحينها من المؤكد أن يقبله الإمام جندياً له.




لا أن يظهر الإمام ويجدنا أناساً ضعيفين في المعنويات والروحانيات، أقوياء في التعلق بالماديات والشهوات, أقوياء الأجسام ضعاف النفوس بعيدين كل البعد عن روحية التضحيات بالنفس والنفيس،



فهل ترى يقبلنا الإمام كجند له ونحن بهذه الحالة؟




القبس الثالث :الرحمة الرحيمية والرحمانية:




بحث الرحمة الإلهية بحث مطول جداً بقسميها الرحمانية والرحيمية لكنّا نوجزها باختصار فائق حتى ندخل في موضوعنا (رحمة الإمام).



الرحمة الرحيمية هي التي تختص برحمة الناس عامة ( وما أرسلناك إلا رحمة للناس كافة).



والرحمانية هي التي تختص بأناس خاصين جداً كالمؤمنين المخلصين.
ولأن الإمام صاحب العصر والزمان (أرواحنا فداه) مظهر لتجلي صفات الله على هذه الأرض كما كان رسول الله الأعظم (ص)، فهو رحيم بالناس عامة ورحمان بالبعض خاصة لا كما يفتري البعض ويروج من أن الإمام شديد غليظ القلب لا رحمة له وإنه لما يظهر سوف يجعل الدماء تسيل كالأنهار وخاصة من أصحاب العمائم والعلماء،
أو إن البعض مع الأسف يقول إدعوا أن لا يظهر الإمام...
وإلا فإنه أول ما يظهر سوف يضرب أعناقنا وأعناقكم!!




فهل هذا يعقل من ولي من أولياء الله وبقيته الصالحة (بقية الله خير لكم) ومظهر لرحمته الرحيمية والرحمانية وهل هذه غاية الله تعالى في إرساله للناس؟



والعياذ بالله.



إن هؤلاء إما أن يكونوا من أعدائه ويعملون بهذا الأسلوب على صرف الناس على التوجه إلى الإمام (عج)



وإما إنهم من الذين يعيشون الخوف من الإمام صاحب العصر والزمان
لأنهم بعيدون كل البعد عن خطه ومنهجه في درء الفساد والقضاء على الظلم وساكتون عن الظلم والظالمين والمنحرفين فهؤلاء فعلاً شياطين خرس ولابدّ أن الإمام سوف يقطع ألسنتهم بل وأعناقهم،
أمّا الذي سائر على نهجه وعلى خطه فهو على خير ومتصف بصفاته وخاصة الرحمة (بالناس والصفح عنهم والإحسان إليهم هي من وسائل الاقتراب الروحي منه (عج) وعلى الذين يعنيهم أمر تزكية النفس أن يجانبوا الإضرار بالناس والبغض لهم وألا يحملوا في صدورهم ضغينة وظلماً ولا يرغبوا في الانتقام




يقول الرسول الله صلى الله عليه وآله: "وارحم ترحم" وإن إمامنا ولي العصر(عج) ليتلطف ويترأف حتى بأناس من النصارى وممن لا يعرفونه إلى حد يبعث على الدهشة والعجب) [1]




القبس الرابع : شكر الآخرين:




من الخصال التي ينبغي للسالك إلى الله أن تتجلى في روحه وتصرفاته هي خصلة الشكر.



إن شكر الآخرين له من الأهمية ما نحن غافلون عنه لدرجة أن شكر الناس على ما يقدمونه لك يعد شكراً لله،
وهذا ما ورد في الأثر: إنه من لا يشكر المخلوق لا يشكر الخالق، بل إن الله سبحانه وتعالى عزه يشكر العبد على ما يقوم به من عبادات، فيشكره بالثواب والتوفيق والإحسان وغير ذلك من الألطاف الإلهية،
وعليه فإن (الذين لا يقدرون إحسان الآخرين ولا يعيرونه اهتماماً ولا تسمح لهم إنسانيتهم أن يقيّموا خدمات غيرهم لهم إنما هم أقرب للبهائم والأنعام, هذا يعني إن على الذين يريدون ] أن يحققوا إنسانيتهم [ وأن ينالوا القرب من الله تعالى ومن ]ولي الله الأعظم صاحب العصر والزمان[ أن يوجدوا في دواخلهم "روحية الشكر" وتقدير إحسان الآخرين
فإن من الصفات الإلهية المتجلية في أوليائه صفة الشكر، إن أولياء الله ليشكرون حتى الكفار الذين يولونهم خدمة ما... فيجزونهم على خدماتهم هذه)




فكيف بك عندما تدعو للإمام (عج) فهل نتوقع أن لا يشكرك الإمام على ما تقدمه له ولو بالدعاء والتوجه له،



تيقن أن الإمام يسمعك ويشكر دعاءك له فتصور ماذا تكون روحية من يغدو متقيناً أن الإمام (عج) يسمع دعاءه وإنه بعد الدعاء سوف يشكره الإمام ويدعو له؟ فتأمل.




القبس الخامس : عدم إيذاء الناس وإدخال السرور عليهم:





قال سيدٌ من أهل العلم: عزمت بيني وبين نفسي ألا أوذي أحداً في مدة معينة، وأن أسعى لإدخال السرور على قلوب ما لا يقل عن خمسة أشخاص كل يوم، واظبت على هذا في مرحلة واحدة متصلة





دامت أربعين يوماً.


ومنذ أول هذه الأيام إلى أربعينها كنت أجد في داخلي كل يوم خفة ونشاطاً لا عهد لي بهما، حتى إذا حل اليوم الأربعون سمعت بإذن قلبي هاتفاً يناديني قائلاً:
سررت مائتي إنسان في هذه الأربعين ولم تجرح قلب أحد فخفت عنك أثقال الذنوب وغفر لك، ولتكن مهيئاً جزاء عملك القيم المهم للقاء الإمام صاحب العصر والزمان، لأن الإمام لا يود أن يؤذيك بل إنه (عج) يحب أن يدخل السرور على قلبك.




هذه صفات الإمام (عج) فهل نحن سائرون على نهجه؟



هل يا ترى أدخلنا السرور على قلب الإمام (عج) أم العكس؟



عندما تؤذي الآخرين تأكد إنك أدخلت على قلب إمامك أدية كبيرة جداً،
فتصور أنك أمام الإمام وتقوم بإذائه بكلمة ما أو بفعل ما أو حتى بنظرة،
فماذا تكون حالتك بعدها؟




هكذا أكثرنا لا نعير أي أهمية لإيذاء الزوجة أو الأولاد أو الأقرباء أو الأصدقاء أو الجيران والزملاء في العمل أو الدراسة وكأنه لا يوجد إمام حاضر بيننا ومطلع على أعمالنا فنقوم بأعمال تؤذي الآخرين فنتسبب بإيذاء قلب الحجة (عج)
ونريد بعد ذلك القرب من الله والقرب من الإمام واستجابة الدعاء لقضاء الحوائج الدنيوية والأخروية, أليس هذا من الذنوب العظيمة التي تستوجب حبس الدعاء وإنزال البلاء وتغير النعم وإنزال النقم وصنع الحجب الظلمانية التي تستدعي إزالتها شهور بل سنين من العناء والشدة؟؟.




فاعمل جاهداً على رضى إمامك عنك لإدخال السرور على قلبه بعدم إيذاء الناس وخدمتهم وقضاء حوائجهم وإدخال السرور على قلوبهم.




القبس الخامس : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:




إن من الأعمال التي ينبغي للسالك أن يواظب عليها هي: الأمر بالمعروف إذا تطلب الأمر ذلك في كل مكان ويذهب إليه والنهي عن المنكرات إ ذا علم إن هناك منكرات ترتكب.




ولاشك ولا ريب أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكرات قريب من صاحب العصر والزمان أرواحنا فداه

وقد أكد الدين الإسلامي على هذا الأمر وعدم تركه لما له من أهمية على سلامة المجتمع من الضياع والانهيار والفوضى وتطبيق أحكام الله في الأرض وتطبيق العدل والفضيلة والعفة والطهارة.



ولأن صاحب العصر والزمان (عج) صاحب هذه الراية فإن من يقوم بهذا الأمر يعد ممهداً له ولظهوره الشريف ومن المقربين له ومن الذين يزدادون علواً ورفعاً وسمواً وقرباً منه أرواحنا فداه, على عكس من يقف إزاء الانحرافات موقف المتفرج بل والمبتعد كلياً وكأن الأمر لا يعنيه ولا يعني مجتمعه ودينه
فهل يا ترى يعد نفسه من أنصار الإمام الحجة، وهو بهذه الروحية الانهزامية في غيبة الإمام؟
البعض يقول عندما يظهر الإمام سوف نعمل معه على محاربة الظلم والفساد، الإمام (عج) لا يريد من سكت على ظلم الناس ونشر الفساد بينهم فإن الساكت شيطان أخرس ساهم في نشر الظلم والفساد
فكيف يقبله الإمام أن يكون من جنده؟
بل هو ومن على هذه الشاكلة مطرودون وسوف يقف الإمام (عج) منهم موقفاً شديداً يوم لا ينفع الندم و التحسر على ما فات.




اللهم اجعلنا من الممهدين لظهوره ناشرين لرايته في بسط العدل ونبذ الظلم والفساد سائرين نحو الكمال في خطه الشريف المقدس.



وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين



اللهم آمـــــين
منقول للاستفادة