TODAY - Friday, November 4, 2011
قرارمغادرة سكان معسكر أشرف للبلاد نهاية العام الحالي لا رجعة فيه
العراق: ضغوط دولية تقرّب اتفاقاً لتمديد مهلة الترحيل



لا تنفك المنظمات العالمية والهيئات الدولية تمارس ضغوطاً على الحكومة العراقية بهدف التأثير على قرارها القاضي بترحيل سكان مخيم أشرف من العراق ونقلهم ألى بلدان أخرى، معتبرين ان المهلة المحددة للترحيل ليست كافية لاتخاذ إجراءات الترحيل اللازمة. وقد أبدت بغداد مرونة إزاء تمديد المهلة على أن يتم اتخاذ إجراءات جدية لإنهاء المسألة
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ

كشف مصدر عراقي عن قرب اتفاق بين الحكومة العراقية والأمم المتحدة ولجنة شكلها الاتحاد الاوروبي، يقضي بتخليها عن مهلتها النهائية لاغلاق معسكر اشرف التابع لمنظمة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة بشمال العاصمة العراقية في 31 من الشهر المقبل وتحديد موعد جديد لتنفيذ هذا القرار الذي تصر بغداد على انه مشروط باجراءات وأوقات محددة تنظم رحيل عناصر المعسكر.
وأشار المصدر إلى ان منظمة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة قد قبلت بعد رفض لسنوات نقل سكان معسكر اشرف ( 3250 شخصا بينهم الآلاف من النساء والاطفال) إلى بلدان أخرى، لكنها ترى ان الموعد الذي تصر عليه الحكومة العراقية لاغلاق المعسكر غير كاف لاستكمال مستلزمات ترحيل هؤلاء إلى بلدان ثلاثة يعتقد انها ستكون دول الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة وكندا.
واوضح المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه في حديث لـ "إيلاف" ان بغداد تشعر حاليا بوطأة الضغوط التي تمارس عليها للتخلي عن تصميمها إغلاق المعسكر بنهاية الشهر المقبل بعد ان طلب منها ذلك كل من الاتحاد الاوروبي والأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية وقرب صدور قرار بذلك من الكونغرس الأميركي ايضا.
واضاف المصدر ان بغداد تبدو مرنة ازاء تمديد فترة اغلاق معسكر أشرف لكنها تريد ضمانات بالاتفاق على اجراءات محددة بأوقات تنظم رحيل عناصر المخيم الواقع بمحافظة ديإلى (65 كم شمال شرق بغداد). وكان الاتحاد الاوروبي عين في ايلول (سبتمبر) الماضي دبلوماسيا بلجيكيا كبيرا للعمل مع الأمم المتحدة والعراق ومنظمات دولية مهتمة اخرى لحل مسألة المعسكر.

رحيل سكان المخيم من العراق أمر حتمي
ومن جهته قال جورج يعقوب باكوز المستشار السياسي لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في مؤتمر صحافي بعد اجتماع مع مسؤولين من الأمم المتحدة ومسؤولين اوروبيين أمس، ان المطالبة بوقت من دون اتخاذ اجراءات عملية وسريعة لن يخدم المسالة، لكن اذا اتخذت اجراءات سريعة من اجل تحقيق هذا الهدف فالحكومة العراقية سيكون لها قرار بهذا الاتجاه، برغم تأكيده أن قرارمغادرة سكان معسكر أشرف للبلاد نهاية العام الحالي لا رجعة فيه .
ومن جهته دعا ممثل الأمين العام للأمم المتحدة مارتن كوبلر إلى حل القضية بشكل سلمي بعيدا عن العنف والاستناد للخيار الطوعي لسكان المعسكر . وقال ان كل من يقطن على الأراضي العراقية يجب أن يخضع لقوانين الحكومة العراقية . واضاف "إذا وافقت الحكومة العراقية فإننا مستعدون أن نأخذ الموضوع على عاتقنا وننسق مع بقية الأطراف وبأقصى سرعة". وشدد على ضرورة إيجاد حل سلمي بعيدا عن العنف والاستناد إلى الخيار الطوعي للخروج من العراق .
"ايلاف" سألت مسؤولا في المجلس الوطني للمقاومة الايرانية عن موقف منظمة مجاهدي خلق -الجناح السياسي للمجلس، من قرار بغداد بإغلاق المعسكر فأجاب ان المنظمة قبلت برحيل سكان اشرف لكن الموعد الذي حددته الحكومة العراقية لايضمن انتقالا آمنا وسلميا للسكان اضافة إلى متطلبات مادية على بغداد الايفاء بها لتعويض المنظمة.
واعتبر رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالمجلس الوطني للمقاومة الايرانية محمد محدثين الثلاثاء الماضي في حديث لـ "ايلاف" ان تأكيدات وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري بإغلاق مخيم أشرف بنهاية العام الحالي تمهيد لارتكاب ما أسماه بحمام دم تعد له سلطات طهران وبغداد ضد سكانه الذين وافقوا على نقلهم إلى بلدان أخرى وترتيب وضعهم القانوني كلاجئين سياسيين وحل أزمتهم سلميا.
وأضاف ان هذه المهلة تأتي في وقت طالب فيه المفوض السامي لللاجئين التابعين للأمم المتحدة وعدد كبير من الاجهزة التابعة للأمم المتحدة وكثير من الأطراف الدولية والحكومة العراقية بإلغائها من أجل تمكين المفوضية إعادة تأييد المركز القانوني لسكان أشرف باعتبارهم لاجئين سياسيين وحل الأزمة بصورة سلمية ونقل السكان.
واوضح ان المفوضية السامية للاجئين قد أكدت في 13 ايلول (سبتمبر) الماضي بان سكان أشرف يعتبرون طالبي لجوء سياسي محميين بالحمايات الدولية فضلا عن مطالبتها بتأجيل المهلة لإغلاق المخيم اضافة إلى مطالبة الامين العام للأمم المتحدة في تقريره المقدم إلى مجلس الأمن في السابع من تموز ( يوليو) الماضي جميع الاطراف بدعم حل سلمي دائم يقبله العراق ويكون مقبولا لسكان أشرف. واوضح محدثين أن سكان اشرف مقيمون في العراق في اطار القوانين الدولية ولم يخرقوا ابدا السيادة العراقية ولم يحتلوا اي أرض في العراق.

تخوف من حمام دم في معسكر أشرف
حذر المجلس الوطني للمقاومة في بيان تلقته "ايلاف" من الأعمال التمهيدية التي يقوم بها نظام إيران والحكومة العراقية "لشن عملية ابادة أخرى ضد سكان أشرف" .. داعيا الحكومة الأميركية والاتحاد الاوربي والأمم المتحدة وغيرها من الأطراف الدولية إتخاذ اجراء للحيلولة دون وقوع حمام دم جديد في أشرف.
وطالب بتنفيذ توصية تقرير الأمين العام للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن الدولي في تموز (يوليو) الماضي حيث قال "إني أحث جميع الأطراف المعنية على بذل المزيد من جهدهم لدراسة الخيارات وايجاد حل يرضي الطرفين" و"أحث جميع الدول الأعضاء إلى المساندة وايجاد تسهيلات لتنفيذ أي ترتيب تقبله الحكومة العراقية وسكان مخيم أشرف".
ودعت منظمة العفو الدولية الاربعاء الماضي الحكومة العراقية إلى تمديد موعدها باغلاق معسكر أشرف معتبرة ان سكانه يتعرضون لخطر جدّي يتمثل في انتهاك صارخ لحقوقهم الإنسانية إذا مضت بغداد في الضغط لإغلاق المخيم مع انتهاء الشهر المقبل. وقالت أن المخيم الذي كان معروفًا في السابق بمخيم أشرف، قد تعرض في وقت سابق لهجمات عديدة من قبل قوّات الأمن العراقية تسبّبت في وفاة العشرات من سكانه وإصابة آخرين بجروح.
واوضحت ان قوّات عراقية اقتحمت هذا المخيم في الثامن من نيسان (أبريل) الماضي باستخدام قوة مفرطة وإطلاق الرصاص الحي على السكّان الذين حاولوا مقاومتهم. فقتل حوالي 36 ساكنًا، 8 منهم نساء وأصيب أكثر من 300 آخرين بجروح. وفي هجوم آخر أسبق شنته قوّات الأمن العراقية يومي 28- 29 يوليو/تموز 2009 قتل 9 على الأقل من سكّان المخيم وجرح آخرون واحتجز حوالي 36 من سكان المخيم لأكثر من شهرين وتعرضوا للتعذيب على ما يقال قبل أن يتم إطلاق سراحهم في 7 تشرين الأول (أكتوبر) عام 2009.
وقالت المنظمة ان مخيّم أشرف كان خاضعًا في وقت سابق لحماية القوات الأميركية في العراق حتى حزيران (يونيو) عام 2009، حتى تحول إلى سيطرة الحكومة العراقية و منذ ذلك الحين، حوصر المخيم وسكّانه عمليا من قبل القوّات العراقية بينما تشدّد الحكومة ضغطا على السكّان لترك العراق.

سكان المخيم متخوفون من الترحيل القسري
وتأتي هذه المواقف في وقت ابلغ مندوب الأمم المتّحدة السامي للاجئين واللجنة العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، (وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة) عن استلام العدد الكبير من طلبات اللجوء الفردي من سكّان المخيم ودعا الحكومة العراقية إلى تمديد الموعد النهائي لإغلاق المخيم وتوفير وسائل ضرورية والسماح بإجراء مقابلات اللجوء في موقع آمن ومحايد وسرّي بدلا من المخيم.
واشارت منظمة العفو الدولية إلى إن المفاوضات ما زالت مستمرة بين اللجنة العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) وبين الحكومة العراقية لتمييز موقع لإجراء مقابلات اللجوء. ومن جهتهم أكّد سكّان المخيم، أنّ هذه المقابلات يجب أن تجرى في المخيم أو في أماكن قريبة منه لأنّ أمنهم وأمانهم في غير هذه الحالة قد لا يضمنان، كما أن خطر توقيفهم من القوات العراقية وإعادتهم القسرية إلى ايران سيكون احتمالاً وارداً وهناك سيواجهون الخطر الجدّي من انتهاكات حقوق الإنسان.
وحثت منظمة العفو الدولية الحكومة العراقية أيضا لتخصيص وقت كاف للنظر في طلبات لجوء سكّان مخيم العراق الجديد، وفحص الطلبات بدقّة وبشكل صحيح وآمن وسري من قبل اللجنة العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وعلى أرض محايدة وبأسلوب مناسب وآمن، ليكن أمن وسلامة سكّان المخيم ذا أهمية بالغة. وإذا أجريت المقابلات خارج مخيم العراق الجديد في العراق، يجب ضمان أمن وسلامة السكّان، في سفرهم وعودتهم إلى المخيم.

مخيم أشرف في العراق منذ 25 عاماً
يذكر ان سكّان المخيم يعيشون في العراق منذ 25 سنة لكن الحكومة العراقية الحالية اكدت رغبتها في تركهم البلاد وابلغت في عام 2009 السكّان بضرورة مغادرة العراق بحلول منتصف كانون الأول (ديسمبر) من العام نفسه وإلاّ سيتم نقلهم قسرًا داخل العراق، ولكن الضغوط الدولية حالت دون التنفيذ.
وكانت الحكومة العراقية قررت اغلاق المعسكر والذي استضافه الرئيس العراقي السابق صدام حسين في ذروة الحرب بين العراق وايران بين عامي 1980و1988 بعد ان اعتبرتها السلطات الايرانية خارجة على القانون في 1981. وقد تم تجريد المعسكر من اسلحته بعد اجتياح الولايات المتحدة وحلفائها العراق عام 2003 وتولي الأميركيون آنذاك امن المعسكر قبل ان يسلموا العراقيين هذه المهمة منتصف العام الماضي.
ومنذ ذلك الحين بات مجاهدو خلق الذين ما زالوا معارضين شرسين للنظام الايراني موضوع خلاف بين بغداد وطهران وفي نيسان الماضي شن الجيش العراقي هجوما على المعسكر اسفر عن مقتل 34 شخصا واكثر من 300 جريح.
يذكر أن منظمة مجاهدي خلق (الشعب) تأسست في 1965 بهدف الإطاحة بنظام شاه إيران وبعد الثورة الإسلامية في 1979 عارضت النظام الإسلامي والتجأ كثير من عناصرها إلى العراق في الثمانينيات خلال الحرب بين إيران والعراق وتعتبر المنظمة جناحا للمجلس الوطني للمقاومة في إيران، ومقره فرنسا، إلا أنها أعلنت عن تخليها عن العنف في حزيران (يونيو) عام 2001.
ايلاف