معامل لتعبئة المياه أقيمت داخل الاحياء السكنية في بابل
الحلة – علي محمد
تشير إحصائيات وزارة الصحة العراقية إلى أن نسبة 75بالمائة من الأمراض المنتشرة وخاصة بين الأطفال سببها المياه غير الصالحة للشرب، لذا فهي تسعى جاهدة ومن خلال التعاون مع المؤسسات الحكومية الأخرى إلى وضع معالجات للحد من انتشار الأوبئة التي تنتقل عبر المياه وبالتحديد في المناطق الريفية.
وبسبب حاجة الإنسان الكبيرة إلى مياه صالحة فقد اندفعت جموع غفيرة من أصحاب رؤوس الأموال والتجار إلى إنشاء معامل تعبئة المياه المعدنية التي تحمل عشرات الماركات ودخلت إلى السوق المحلية من دون ضوابط صحية.
غياب الرقابة
وفي بابل تنتشر تلك المعامل في أغلب الأحياء السكنية حتى وصلت إلى البيوت وبين الأزقة ومن ثم تم تنصيبها في أكشاك على الطرقات العامة .
يقول المواطن عباس راضي وهو صاحب مطعم في مركز مدينة الحلة انه تعرض إلى النصب والاحتيال حيث جاءت سيارة تبيع المياه المعدنية بأسعار متدنية جدا مما دفع بعدد من أصحاب المطاعم إلى شراء كميات كبيرة منها وما هي الا ساعات حتى أخذت المياه تتخثر داخل الزجاجة و تحول لونها إلى الرمادي نتيجة الشوائب الموجودة في المياه، وفي النهاية علمنا أن البائع هو من أهالي محافظة بعيدة تمكن في يوم واحد من تسويق قرابة ثلاث شاحنات في مناطق مختلفة من المحافظة، مبينا أن ذلك تأكيد على غياب السيطرة النوعية والمراقبة من قبل الأجهزة الصحية والأمنية.
صاحب معمل (...) لتعبئة المياه قال: إن إنشاء تلك المعامل في البيوت ليس ممنوعا إذا كان يتملك الشروط الصحية.
وتابع "أن مشكلتنا هو عدم وجود الأرض التي ننشئ عليها حيث نعاني من الروتين وقلة مساحات الأرض المخصصة للصناعة، كما نعاني من غياب التيار الكهربائي "، مطالبا الحكومة المحلية في بابل بضرورة توفير مرتكزات الصناعة قبل محاسبة المقصرين لان المواطن حاليا يبحث عن فرصة عمل ليوفر قوت يومه.
مواطن آخر قال إن شهر رمضان الماضي شهد انتشار العشرات من معامل تعبئة المياه وذلك بسبب الحاجة الملحة من قبل الصائمين، وان كثرة تلك المعامل جعلها بعيدة عن عيون المراقبة الحكومية التي لابد لها أن تضع شروطا صارمة على إنشاء تلك المعامل كونها تؤثر على حياة الإنسان.
تسمم جماعي
وبسب عدم مراقبة الجهات الصحية لانتاج هذه المعامل، قد تكون المياه المعبأة غير صالحة وتنقل البكتيريا المسببة للأمراض.
المواطن علي جبار أوضح أنه تعرض إلى حالة تسمم جماعية بسبب مادة الكلور المستخدمة في تلك المعامل التي تستخدم مياها قادمة من المجمعات المائية، حيث سبق لها وان استخدمت كمية زائدة من مادة الكلور أثناء التعقيم.
وطالب الأجهزة الرقابية في المحافظة والدوائر الصحية باخضاع المنتجات الغذائية، سواء كانت صلبة او سائلة الى الفحوصات المختبرية للتأكد من خلوها من البكتريا وعدم تسببها بالأمراض ،مؤكدا ان الرقابة المتمثلة بالجهات التجارية والصحية والتقييس والسيطرة النوعية كافية لو تعاونت بانقاذ المجتمع من هذه السموم وابعاد الأضرار عن المواطن.
دور المواطن
من جهته أكد مصدر في دائرة صحة بابل فضل عدم ذكر اسمه أن جميع معامل المياه هي تحت المراقبة ومن ضمنها المجمعات المائية، موضحا "ان واجب دائرته لا يتعلق بتوفير المياه الصالحة للشرب لان ذلك من واجب دائرة الماء.
واضاف "نحن نقوم بتأشير مواقع الخلل ونحيله إلى الأجهزة التنفيذية" ،مشيرا إلى وجود العشرات من المعامل لتعبئة المياه التي لا تمتلك شروطا أو إجازة صحية.
وبين أن تعاون المواطن مع الرقابة الصحية ضروري جدا لوضع اليد على تلك المعامل.
اما رجل الأعمال المهندس مصطفى بهية فانه ندد بشدة انتشار معامل تعبئة المياه في المناطق السكنية، وقال "أن ذلك خطر يهدد حياة السكان من حيث عدم توفر الشروط الصحية، إضافة إلى خطورة قنينة مادة الكلور في حال انفجارها كونه غازا ساما وسبق وان تعرضت مجمعات المياه في مدينة الحلة إلى حوادث انفجار أدت إلى إصابات خطيرة بين المواطنين "، معتبرا غياب الخدمات من المنطقة الصناعية في حي نادر أحد الأسباب التي أدت إلى انتشار تلك المعمل في المناطق المأهولة وقرب المدارس والمستشفيات.
معامل حكومية
وقد يكون ادارة ملف مياه الشرب من قبل الحكومة افضل الحلول كونه سيوفر رقابة صارمة من قبل الأجهزة الصحية والتجارية .
عضو مجلس محافظة بابل حسان الطوفان اقترح على الحكومة المحلية دعم إدارة مصانع نسيج الحلة لغرض إنشاء معمل متكامل لتعبئة المياه في احد معاملها.
وقال "بذلك نكون قد سلمنا الأمر بيد رسمية يهمها صحة المواطن وتكون حريصة على إيجاد أرضية صالحة لرفد السوق بمياه معدنية مقبولة"، مؤكدا أن منح الفرصة المذكورة سيوفر عدة جوانب منها تشغيل الأيدي العاملة داخل المصانع إضافة إلى خلق نوع من التنافس بين المنتج المحلي يؤدي بالتالي إلى تحسين نوعيته وتقليل أسعاره.
ويذكر أن محافظة بابل تحتوي فقط على مصنع مياه واحد خاضع للرقابة الصحية وتحرص إدارته على توفير جميع الشروط المقبولة .
من جهته رفض منسق الخدمات في محافظة بابل حسين علي جاسم انشاء تلك المعامل بين الدور السكنية كونها لا تمتلك الشروط اللازمة، كاشفا عن سعي المحافظة على انشاء مدينة للحرفيين تضم مختلف المهن والمعامل .
واضاف جاسم "ان المواطن تقع عليه مسؤولية التبليغ عن التجاوزات التي ينفذها ضعاف النفوس، ومنها معامل في الأحياء السكنية لأن الدوائر ذات العلاقة تحتاج الى تعاون وادراك لخطورة وجود تلك المعامل بالقرب من
المدارس.