ماأجمل ان تكون سائحا في بلاد لا تعرفها وتشعر أنك أبن البلد!
هكذا اشعر اليوم في إيطاليا التي لم اقضي فيها أكثر من أسبوعين.
كي تشعر أنك ابن البلد لابد ان تتحقق لديك بعض المتطلبات وبالنسبة لي تلك هي قهوة ارتادها ومعمار يغازل افكاري وبشر مسالمون يرحبون بي ومطعم يوفر طعاما اشعر انني حضرته بنفسي.
هناك قهوة ارتادها لتناول وجبة الفطور مع طفلتي حين تتغيب زوجتي في دراستها التي جاءت بنا الى هذا البلد ثم نرتادها سوية لوجبة الغداء.
صاحب القهوة يقدم الإفطار في الصباح ثم الغداء ثم تصبح القهوة حانة في المساء.
صباح هذا اليوم، جاء وفي يده قدح من الحليب الساخن قدمه الى طفلتي وجلس جنبي وبدأ يتحدث معي بالقليل من الإنكليزية التي يعرفها.
شكرته على الحليب الذي لم أكن قد طلبته وشكرته على حسن ضيافته.
قال ليّ-رواد المقاهي والحانات يختلفون كثيرا فيما بينهم. هناك من يأتي ليشرب حتى الثمالة وهناك من يريد ان يكون مع الاخرين كي لا يشعر بالوحدة وهناك من يريد ان يتأمل الحياة ويتذوق الطعام-لكل انسان مزاج خاص.
قلت له-أي انطباع كونت عن مزاجي؟
قال-أنت من النوع الذي يريد ان يشعر انه في بيته أينما كان.
سألته-ما هي اهم صفات من يدير قهوة تتحول الى مطعم ثم حانة؟
قال-ان تعرف مزاج كل انسان وتقدم له ما يناسب مزاجه. من يريد ان يثمل يحتاج من ينبهه في اخر الليل ان هناك ليلة أخرى في الغد ومن يريد ان يجتمع بالناس يحتاج من يوفر له طاولة تسمح له بسماع حديثهم ومشاركتهم.
رسم قبلة على جبين طفلتي التي خجلت وخبأت رأسها بين ذراعي وتركني أفكر أنني أتمنى ان
(أجد سياسيا يدير البلد كما يدير هذا الرجل مقهاه فيقدم لكل انسان ما يتناسب مع مزاجه دون ان يفرض مزاجه الشخصي على أحد.)
علي السام