ﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺍﻷﺣﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻄﻤﺌﻦ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺑﺬﻛﺮﻩ ،
ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﻘﺎﺳﻢ ﻣﺤﻤﺪ ﺃﺷﺮﻑ ﺃﻧﺒﻴﺎﺀ
ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻠﻪ ، ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﺒﻴﻦ ﺃﻭﻟﻲ ﺍﻷﻟﺒﺎﺏ
ﻭﺍﻟﻨﻬﻰ ، ﻭﻋﺪﻝ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻄﻬﺮﻳﻦ ﺑﻤﺤﻜﻤﻪ ﻭﻛﻔﻰ .
ﺗﺒﺮﺯ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺍﻻُﺳﺮﺓ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﻲ ﺧﻀﻢ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ
ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮ ﺑﻴﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻛﺪﻳﻦ ﻭﻧﻈﺎﻡ
ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ، ﺳﻮﺍﺀ ﻓﻲ
ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺃﻭ ﺍﻟﻐﺮﺏ ، ﺍﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺖ ﺗﻔﻜﻴﻚ ﺍﻻُﺳﺮﺓ ﺃﻭ
ﺗﻬﻤﻴﺶ ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﺍﻻُﺳﺮﻳﺔ ﺟﺰﺀﺍً ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺀ ﻣﻦ ﺻﻴﺎﻏﺎﺗﻬﺎ
ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻭﺑﺮﺍﻣﺠﻬﺎ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ، ﻣﻊ ﻣﺎ ﺗﻤﺘﻠﻜﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ
ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻗﻮﺓ ﺗﻤﻜﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻻﺧﺘﺮﺍﻕ
ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻓﺘﻘﺪﺕ ﻣﻨﺬ ﺯﻣﻦ
ﻋﻨﺼﺮ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺓ ، ﺑﻞ ﺍﻓﺘﻘﺪﺕ ﺇﻟﻰ ﺣﺪٍ ﻛﺒﻴﺮ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺘﺤﺼﻦ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺿﺪ ﺃﻱ ﻏﺰﻭ ﺃﻭ ﺍﺧﺘﺮﺍﻕ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﻨﻮﻉ .
ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻘﺪﺭﺍﺗﻪ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ ﺍﻟﻔﺎﺋﻘﺔ ﺑﻤﺎ
ﻳﺘﻮﻓﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻧﻈﻢ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻭﻣﺘﻤﺎﺳﻜﺔ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ
ﺑﺤﺎﺟﺔ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﺇﻟﻰ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺗﻔﻊ ﺑﻤﻌﺎﺭﻓﻬﻢ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺷﺔ ﻓﻲ
ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ، ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﻘﻠﻴﻞ ﺍﻟﻔﺠﻮﺓ ﺑﻴﻦ ﻭﺍﻗﻌﻬﻢ ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ
ﻭﺑﻴﻦ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻨﺪﻭﻥ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺭﺻﻴﺪ ﻋﻘﻴﺪﻱ ﻭﻓﻜﺮﻱ ﺍﺛﺒﺘﺖ
ﻭﺗﺜﺒﺖ ﺗﺠﺎﺭﺏ ﺍﻻُﻣﻢ ﺍﻧﻪ ﺍﻟﺮﺻﻴﺪ ﺍﻷﻛﻤﻞ ﻭﺍﻷﻋﻈﻢ ،
ﺷﻤﻮﻻً ﻭﻋﻤﻘﺎً ﻭﺗﻤﺎﺳﻜﺎً ، ﻣﻦ ﺃﻱ ﺭﺻﻴﺪ ﺁﺧﺮ ﺗﺴﺘﻨﺪ ﺇﻟﻴﻪ
ﺃُﻣّﺔ ﻣﻦ ﺃُﻣﻢ ﺍﻷﺭﺽ .
ﻓﻬﺎ ﻧﺤﻦ ﻧﺸﻬﺪ ﻓﻲ ﻋﺼﺮﻧﺎ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺻﺮﺧﺎﺕ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﻔﻜﺮﻳﻦ ﻭﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﻴﻦ ﻭﻫﻲ ﺗﺘﻮﺟﻊ ﻣﻦ
ﻧﻈﺎﻡ ﺗﻔﻜﻴﻚ ﺍﻻُﺳﺮﺓ ﻭﻣﺨﻠﻔﺎﺗﻪ ﺍﻟﺴﻴﺌﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺮﺩ
ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ، ﻣﺸﻔﻮﻋﺔ ﺑﺎﺣﺼﺎﺀﺍﺕ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺗﺆﻛﺪ ﺩﻋﻮﺍﻫﻢ
ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮﺓ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻻُﺳﺮﺓ ﻭﺻﻴﺎﻧﺔ
ﻛﻴﺎﻧﻬﺎ ، ﺑﻞ ﻗﺪ ﺫﺍﻕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻐﺮﺑﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺮﺍﺭﺓ
ﻭﺍﻗﻌﻪ ﺍﻻُﺳﺮﻱ ﺍﻟﻤﻔﻜﻚ ﻓﻈﻬﺮﺕ ﺟﻤﻌﻴﺎﺕ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ
ﺍﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ ، ﻭﺍُﺧﺮﻯ ﺗﺪﻋﻮ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺩﻳﺎﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻳﺔ ﻭﺗﻌﺎﻟﻴﻤﻬﺎ ﻓﻲ ﺷﺄﻥ
ﺍﻻُﺳﺮﺓ .. ﻓﻴﻤﺎ ﺧﺼﺼﺖ ﺍﺣﺪﻯ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻻﺳﻜﻨﺪﻧﺎﻓﻴﺔ
ﺃﺧﻴﺮﺍً ﻣﻜﺎﻓﺌﺎﺕ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﻣﻐﺮﻳﺔ ﻟﻶﺑﺎﺀ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻻﺟﺎﺯﺍﺕ ، ﺗﺮﻏﻴﺒﺎً
ﻟﻬﻢ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻳﻘﻀﻮﺍ ﺃﻭﻗﺎﺗﺎً ﺃﻃﻮﻝ ﻣﻊ ﺃﺑﻨﺎﺋﻬﻢ .
ﻭﻟﻜﻦ ﻣﻬﻤﺎ ﺑﻠﻐﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﺮﺧﺎﺕ ﻣﻦ ﻗﻮﺓ ﻭﻗﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺳﺘﺒﻘﻰ ﻣﻌﺎﻟﺠﺎﺕ ﺳﻄﺤﻴﺔ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﻗﻮﺭﻧﺖ
ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻻُﺳﺮﻱ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺘﻮﺯﻉ ﺃﺭﻛﺎﻧﻪ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻻُﺳﺮﺓ ﻭﺍﻟﻔﺮﺩ ، ﻟﻴﻀﻤﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩ
ﺍﻟﺘﺎﻡ ﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﺍﻻُﺳﺮﺓ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ، ﻣﻨﺬ ﻣﻘﺪﻣﺎﺗﻬﺎ ﺍﻻُﻭﻟﻰ ،
ﻣﺘﺎﺑﻌﺎً ﻣﺮﺍﺣﻞ ﻧﺸﺄﺗﻬﺎ ﻭﺗﻜﻮﻳﻨﻬﺎ ﻭﻧﻤﻮﻫﺎ ، ﻓﻲ ﻣﺎ ﻫﻮ
ﺍُﺳﺮﻱ ﺑﺤﺖ ، ﻭﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻃﺎﺭ ﺍﻻُﺳﺮﺓ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ . ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻷﻓﻀﻞ
ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺑﺮﺳﺎﻟﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﻭﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺑﺘﻔﺎﺻﻴﻠﻪ ﺍﻟﺘﻲ
ﺗﻨﺘﻈﻢ ﻓﻲ ﻧﺴﻖ ﻣﺘﻜﺎﻣﻞ ﻻ ﻳﺴﺘﻐﻨﻲ ﻓﻴﻪ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻋﻦ
ﺑﻌﺾ .
ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺫﻟﻚ ﻛﻠّﻪ ﺗﺘﺒﻨﻰ ﺳﻠﺴﻠﺔ « ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ »
ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺼﺪﺭﻫﺎ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺬﻫﺐ
ﺑﺎﻟﻘﺎﺭﻯﺀ ﺇﻟﻰ ﺃﻭﻟﻴﺎﺕ ﻣﺎ ﻋﻨﻲ ﺑﻪ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻦ ﺁﺩﺍﺏ
ﺍﻻُﺳﺮﺓ ، ﻭﻣﺎ ﻭﺿﻌﻪ ﻣﻦ ﻓﻘﻪ ﺧﺎﺹ ﺑﻬﺎ ، ﺁﻣﻠﻴﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ
ﺍﻟﻨﻔﻊ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ ﻭﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﻤﺮﺟﻮﺓ .
ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﻘﺼﺪ