في الوقت الحاضر تعتبر فرص نجاح الزواج قليلة جدا. ففي أمريكا الشمالية هناك حالة طلاق واحدة مقابل كل زيجتين، و في إحدى أغنى الأماكن على وجه الأرض وأكثرها تقدما "مقاطعة أورانج في ولاية لوس انجلوس الأمريكية"، هناك ثلاث حالات طلاق مقابل كل أربع زواجات. ووفقا لإحصاءات التأمينات، فإن أعمار المتزوجين من جميع الفئات تزيد عن أعمار العازبين بشكل عام. وإذا كان الزواج مهما لتنمية الحياة العاطفية للأطفال؛ فهو أيضا عنصر أساسي في بناء المجتمع البشري. إذا كان الأمر كذلك فلماذا تفشل الكثير من الزيجات خصوصا في عصرنا المتقدم؟ أحد الأسباب هو أننا كثيرا ما نغفل عن حقيقة أن الزواج الناجح لا يحدث عن طريق الصدفة، بل من نتيجة للجهود المتواصلة و الممارسة المستمرة للمبادئ الأساسية مثل الأسرار السبعة التالية:
1- فرز الأدوار:
حدثت تغيرات كثيرة في هذا العصر، حيث أحدثت وسائل الراحة الحديثة و عملية تنظيم النسل ثورة في الحياة الزوجية، و أصبح لدى الزوجات و الأمهات الحرية التامة للعمل خارج المنزل. في الكثير من المناطق تعمل امرأتان من أصل كل ثلاثة في وظيفة خارج المنزل، و في أمريكا الشمالية يوجد فقط 12 في المئة من الأسر تعيش حياة "تقليدية" حيث يعمل الزوج و تبقى الزوجة في المنزل لرعاية الأطفال. لقد أحدثت التغيرات الجذرية اضطرابا تاما في دور الزوج و الزوجة، مما ساهم في ارتفاع نسبة الطلاق بشكل كبير. و هذا الأمر ملاحظ كثيرا بين الأزواج الشباب تحت سن الثلاثين حيث إنهم أكثر عرضة أربع مرات للطلاق من أهاليهم. يتطلب الزواج الناجح اتفاق الطرفين على أدوارهم ومسؤولياتهم و تحديدها. و إذا كان كلا الطرفين يعملان خارج المنزل (خاصة إذا كان دواما كاملا) فإنهما أكثر حاجة إلى تقاسم الواجبات المنزلية (في الداخل والخارج) والمساعدة على رعاية الأطفال.
2-التوقعات الواقعية بشأن الحياة الزوجية:
بناء على خلفيتنا الثقافية, جميعنا يدخل الحياة الزوجية مع توقعات مسبقة عما ينبغي أن يكون عليه الحال، و لكن غالبا ما تكون هذه التوقعات غير واقعية. على سبيل المثال: إذا كان أحد والديك يتسم بحب المثالية و شعرت أنه لا يمكنك أبدا إرضاؤه فهناك احتمالية أن تصبح أنت أيضا محبا للمثالية. وإذا كنت كذلك فبغض النظر عن ما يقوم به الطرف الآخر، فإنه لن يتمكن أبدا من إرضائك تماما. يمكن أن تكون الحياة مع شخص محب للمثالية أمر صعب للغاية. إذا كنت تشعر بأنك لم تتلق الحب الكافي من أحد والديك، فهناك احتمالية أن تحاول لا شعوريا جعل شريك حياتك بديلا للأم أو الأب و هذا الأمر مستحيل نجاحه أبدا. هذان الأمران عبارة عن مثالين على عدد لا يحصى من تطور الأفكار حول التوقعات غير الواقعية حول الحياة الزوجية، ناهيك عن تأثير المسلسلات غير الواقعية. أيا كان السبب فمن الواجب على الزوجين أن يفكرا بواقعية حول الزواج بهدف جعله ناجحا.
3-الالتزام:
قرأت عن أحد المحامين المتخصصين في عقود الزواج أنه تخلى عن مهنته بعد ثلاث سنوات من ممارستها، و السبب يعود إلى أن جميع عقود الزواج التي أشرف عليها لم تتمكن من الاستمرار. العقود بدون التزام ليس لها جدوى و كذلك الأمر بالنسبة للزواج. الالتزام يعني أن كل الخطوات اللازمة ينبغي أن تتخذ لجعل الزواج ينجح. هناك حاجة أيضا إلى التزام كل طرف بالآخر من أجل سعادتهما. الزواج هو التزام من شخص غير كامل إلى شخص آخر غير كامل أيضا وبدون هذا النوع من الالتزام فإن الزواج لا يتوقع منه الدوام.
4-تحمل المسؤولية:
المسؤولية و الالتزام هما من أشد الأمور التي نحتاجها في هذا الوقت، و تتجلى أهميتهما في الزواج والعلاقات الأسرية. ينبغي أن يكون الأشخاص الذين يختارون الزواج مسؤولين عن اختيارهم، بحيث يقومون ببذل كل ما في وسعهم لجعل زواجهم ناجحا. الأشخاص الذين لديهم أطفال مسئولون أيضا عن سعادة أطفالهم. يدخل كلا الزوجين الحياة الزوجية و هو لا يزال يحتفظ بمشاكله الشخصية و أموره السلبية؛ ولذلك فإن كلاهما ينبغي أن يواجه هذه المشاكل ويحلها و لا يلقي باللوم على شريكه.
الزواج هو التزام من شخص غير كامل إلى شخص آخر غير كامل.
كل شريك هو مسؤول عن سعادته وانفعالاته ومشاعره الخاصة, لا يمكن لشخص آخر أن يجعلنا سعداء. إذا لم نتمكن من العثور على السعادة قبل الزواج فإن الزواج لن يقدمها لنا. السعادة هي نتيجة ثانوية للنضج، و لذلك فإن كل فرد منا مسؤول عن سعادته. الأشخاص السعداء هم القادرون على جعل حياتهم الزوجية سعيدة.
5-التواصل الفعال:
أحد أسرار العلاقة الناجحة هو معرفة كيفية التواصل بشكل فعال يقول بيتر دراكر، الشهير المتخصص في علم الإدارة: "أن 60 في المئة من المشاكل الإدارية ناتجة عن التواصل الخاطئ. و وفقا لعلم الجريمة، فإن ما يصل إلى 90 في المئة من جميع المجرمين يعانون من مشاكل على مستوى التواصل الفردي مع الآخرين". ووفقا لمستشار زواج رائد، فإن السبب فيما لا يقل عن نصف حالات فشل الزواج هو التواصل الخاطئ. ينبني التواصل الفعال على معرفة أفكارنا ورغباتنا ودوافعنا ومشاعرنا و صدقها و التعبير عنها بطريقة جيدة. يفشل الأشخاص الذين ينكرون أو يقمعون مشاعرهم الداخلية ورغباتهم الحقيقية في التواصل بشكل فعال، حيث لا يتمكنون أبدا من اكتشاف الألفة الحقيقية.
6-إدارة الوقت:
يشعر الطفل الذي لا يقضي وقتا كافيا معه والديه بأنه غير محبوب و غير مرغوب فيه و هذا الأمر نفسه ينطبق على شريك الزواج. هناك حاجة إلى قضاء بعض الوقت الجيد من أجل ازدهار أي علاقة ناجحة.
في مجتمع اليوم المزحوم, يمكن أن يكون قضاء بعض الوقت الجيد معا تحديا كبيرا للأزواج. ونعني بقضاء الوقت الجيد هنا الحضور فعليا مع الشريك الآخر (الحضور عاطفيا مع شريكك و التواصل الفعال على مستوى المشاعر) هناك حاجة أيضا إلى جعل هذا الوقت طويلا قدر المستطاع لتلبية احتياجات كلا الشريكين بهدف "إبقاء شعلة الحب متوهجة". نحن لا نتحدث عن التشبث طول الوقت بشريكك لأن ذلك سوف يخنق العلاقة، ولكن التواجد المستمر يجعل كلا الروحين و القلبين يتعلقان ببعضهما.
7-الالتزام الديني:
أظهرت الأبحاث أن الأسر الملتزمة دينيا لديها فرصة أكبر للصمود و الاستمرار, هذا الأمر صحيح لأن العائلة التي تؤدي الصلاة معا تكون متماسكة أكثر من العوائل الأخرى. شرع الله سبحانه الزواج، وهو سنة من سنن الله الكونية ولا يمكننا تبديل هذه السنة أو إجراء تغييرات فيها، بل ينبغي علينا كمسلمين طاعة الله و ممارستها. ينبغي أن يكون للمساجد دور فاعل أكثر في مساعدة الأزواج و إرشادهم لجعل حياتهم الزوجية سعيدة.