سامراء أحدى المدن المهمة والمقدسة في العراق حيث كانت في الماضي عاصمة الدولة العباسية . فهي ذخيرة التاريخ والأمجاد ولها مكانة مرموقة بين مثيلاتها من المدن في العالم الاسلامي . وشهدت المدينة تولي سبعة خلفاء عباسيين الحكم وظلت مقراً لخلافتهم فترة تقارب 58 عاماً تمتد من (220 هـ - 843 م) الى سنة (279 هـ - 292 م) .وتشير المراجع التاريخية الى قدم المدينة وتوغلها في أعماق العصور السحيقة اذ يرجع تاريخها الى الالف السادس قبل الميلاد وورد اسمها بألفاظ مختلفة منذ القدم لذا اختلف المؤرخون عن أصل تسميتها فقيل (سام راه) أي طريق سام بن نوح (ع) وورد في الكتابات البابلية بصيغة (سرمارت) وقيل أن أصل التسمية أشورية حرفت الى (سر من رأى) و (سامرا) وذهب بعض المؤرخين الى التسمية الارمنية (سامرا) ولكن الكثير من المؤرخين أشاروا بأنها سميت (سر من رأى) من السرور والرؤية استنادا الى ما وصلت اليه المدينة من ازدهار وحضارة وما اتصفت به من لطافة المناخ وكثرة المياه ووجود التربة.
وتبعد سامراء عن بغداد (120) كم وتقع على الضفة اليسرى لنهر دجلة ويبلغ طولها نحو أربعة كيلو مترات وعرضها كذلك ولها منزلة خاصة في نفوس المسلمين حيث يوجد فيها مراقد آل بيت النبي الأطهار وهم الإمام علي الهادي وولده الحسن العسكري عليهما السلام ومرقد السيدة نرجس والدة الامام المهدي (عج) والسيدة حكيمة بنت الامام الجواد (ع) وسط صحن كبير وقبة ذهبية والمعتقد بانها اكبر قبة ذهبية للعتبات المقدسة في العالم.
وعلى ارضها الطيبة أيضا درج الفلاسفة والعباقرة أمثال الكندي والبحتري وابن المعتز والصولي وفيها تربى الفصحاء والأدباء والفقهاء أمثال أبي تمام وعلي بن الجهم والجاحظ وغيرهم.
كما تزخر بالآثار والمعالم التاريخية البارزة ولعلها المدينة الوحيدة التي تنفرد بأعظم واضخم أثر جليل يجسد أصالة الفن الاسلامي ولاسيما مسجدها الجامع الذي لا يزال يعتبر اكبر جامع في العالم من حيث المساحة كما تشتهر بمئذنتها اللولبية المشهورة باسم الملوية.
ومن المعالم المهمة ايضا المدينة القديمة النافورة وقصر بلكوارا وقصر المعشوق ومنارة المتوكل ودار العامة والقبة الصليبية وتل العليق وغيرها من الآثار التي لا تزال ماثلة للعيان.
ويؤمها اليوم الزوار والسياح من مختلف أنحاء العالم اما لزيارة مرقدي الامامين العسكريين عليهما السلام , او للاطلاع على المعالم الاثرية الخالدة التي لا تزال أعجوبة الدنيا للترويح عن النفس في البلد الذي عشقه الزوار لطيب هوائه وعذوبة مائه وقلة دائه.
وقصة هذه المدينة لا تخلو من الغرابة فقد بنيت واتسعت وازدهرت في حقبة قصيرة من الزمن واستطاعت ان تخطو خطوات واسعة في معارج الحضارة مما لا نجد لها نظيراً في تاريخ المدن القديمة.
ضياء المندلاوي
منقول