يؤكد محللون أن استخدام تنظيم ما يعرف بـ "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) لوسائط التواصل الإجتماعي يأتي بهدف التضليل الإعلامي في مسعى فاشل لزرع الفتنة وخلق حالة من الذعر بين العراقيين.
ويقول مدير قسم الإعلام الجديد في مركز إبن الوليد للدراسات والأبحاث الميدانية في مصر، مازن زكي، لموطني إن داعش تولي اهتماما كبيرا بمواقع التواصل الإجتماعي التي تدار حسابات الجماعة فيها من قبل مبرمجين لديهم القدرة على استحداث تطبيقات لتنفيذ أجندة داعش الإعلامية.
وباتت هذه المواقع، حسب زكي، الوسيلة الأسرع لنقل المعلومات والصور والفيديوهات، ويأتي الاهتمام الخاص بتويتر دون سواه لسهولة تصفحه عبر الهواتف الجوالة الحديثة.
ويقول إنه رصد لداعش حوالي 20 حسابا على تويتر تزعم أنها "رسمية" يضاف إليها عشرات الحسابات غير الرسمية لعناصرها تنشر موادا مشابهة للحسابات الرسمية.
ويضيف أن "آخر أساليب داعش الإلكترونية هو تطبيق يتيح الحصول على تغريدات ترسل للمشترك مباشرة لدى نشرها على حسابات داعش، بالإضافة إلى إعادة التغريد التلقائية لمتابعي المشترك. وقال زكي إن "العمل الفعلي في هذا التطبيق وانتشاره الكبير أتى منذ اللحظات الأولى لبدء الأحداث الجارية في العراق حاليا".
وقد جعلت هذه الطريقة، المتصفح يعتقد بأن وجود داعش وتأثيرها كبيرين، وفق ما أضاف زكي، فيما في الحقيقة معظم ما ينشر تتم إعادة نشره بطريقة تلقائية ومن غير علم المستخدم، وفقا لزكي.
وظهر التطبيق أول مرة في نيسان/أبريل 2014، لكن استخدامه بلغ أوجه في أزمة الموصل إذ وصل عدد التغريدات المنطلقة عبره إلى 40 ألف تغريدة في يوم واحد.
’أخبار تهدف ‘للاثارة
وتقول شذى الجبوري وهي كاتبة صحفية عراقية مقيمة في لندن، إن من خلال متابعتها لمواقع التواصل الإجتماعي هناك جهودا شعبية عبر ناشطين ومستخدمين عراقيين يحاولون التصدي لاساليب داعش عبر توتير من خلال حملات هاشتاك NO2ISIS# أو من خلال صور الجيش العراقي وأخبار عن مقاومة شعبية لداعش فضلا عن نكات تستهزء بالتنظيم وفكره.
وترى الجبوري التي تعمل في جريدة الشرق الأوسط، أن سوق الاعلام أصبح عموما لا يسلط الضوء على هذا من النوع الحملات الشعبية، بقدر بحثه عن الإثارة عبر مانشيتات وصور لا يتم التأكد من صحتها لكن تنشر وتبث لأنها تستقطب الناس وتزيد المبيعات.
وتتابع "هناك صور وأخبار نشرتها داعش وتنشرها وكالات إعلامية معروفة رغم أنه لم يتم حتى اللحظة التأكد من حقيقتها وهل هي فعلا في العراق أم جرى التلاعب بمحتواها عبر برامج الفوتوشوب وغيرها".
من جانبه، يقول المتحدث باسم وزارة الداخلية، العميد سعد معن، إن داعش تستخدم ثلاثة أو أربعة حسابات على تلك المواقع في وقت يبثون عبرها صور مزيفة وشائعات وأخبار غير حقيقة وبنفس التفاصيل مع تغيير في طريقة العرض أو الكتابة كي يصدق الناس الخبر ويقولون نشرت من قبل أكثر من مصدر.
ويشير إلى أن "داعش تستخدم حسابات باسماء فتيات مع صور مغرية لجذب الشباب والايقاع بهم بأعمال إرهابية". واعتبر أن هذا يمثل "انحطاطا اخلاقيا يضاف إلى جرائمهم الإرهابية اليومية".
الحد من شائعات داعش
ويرى المدون مفيد عباس، الذي يحظى حسابه على الفيسبوك بمتابعة واسعة في أوساط العراقيين في داخل وخارح العراق، أن تركيز داعش على استخدام تويتر له تأثير محدود إذ لا يحظى توتير بمتابعة عالية في اوساط العراقيين، خصوصا في الداخل.
ويوضح، "تويتر عموما، ليس له جمهور واسع في العراق، وبالتالي فتأثيره ضعيف جدا".
ويقول عباس إن رغم تحفط البعض على قرار السلطات غلق بعض مواقع التواصل الاجتماعي الا إن الأمر حجم من الشائعات التي أطلقتها داعش عبر مواقع التواصل الإجتماعي .
ويرى عباس أن التصدي لدعاية داعش يبدأ بالقاء الضوء على المناطق المضيئة في مساحة المجتمع، و"تكذيب الأخبار المغرضة" بأدلة وحجج مصورة، مؤكدا أن هذا "ما يحاول ناشطون عراقيون القيام به عبر (بوستات) تحض على الوحدة الوطنية و دعم الجيش عبر صور وشعارات تتصدر واجهات حساباتهم على مواقع التواصل الإجتماعي".
ويرى حيدر نجم وهو مراسل لصحف عربية، أن داعش تعمد إلى اعتماد نهج اعلامي يبث بذور الفتنة والإنقسام فضلا عن الرعب والقلق من القادم المجهول.
ويعتقد نجم أن الاعلام وتحديدا الإلكتروني هو أحد الاسلحة المهمة في الدعاية، متابعا "لكن تأثيرها أقل عما كان عليه أول الأمر".
ويضيف، "بعد الاجراء الذي اتخذته السلطات عبر حجب مواقع التواصل الإجتماعي، ومع استعادة القوات الامنية شئ من الثقة وحملات التطوع الشعبي، فإن الهجمة الإعلامية لهذه الجماعات الإرهابية فقدت الكثير من زخمها".
الرد العراقي
ويرى الكاتب الصحافي والناشط الرقمي صالح الحمداني أن المستهدف من النشاط الالكتروني الملحوظ لداعش خلال الأزمة الحالية ليس العراقيون فحسب .
ويضيف، "بل داعش تستهدف العالم بأجمعه عبر تويتر وباقي مواقع التواصل الإجتماعي إذ تهدف لجذب انظار العالم وتوسيع نطاق تأثيرها الإعلامي إقليميا ودوليا".
ويرى في استخدام داعش لهاشتاكات لا علاقة لها بما يجري في العراق مثل هاشتاك بطولة كأس العالم لكرة القدم دليل على التضليل الاعلامي التي تستخدمه بهدف جذب المستخدمين.
ويقول الحمداني إن "هناك حملات في مواقع يقوم بها ناشطون عراقيون للرد على تغريدات داعش واطلاق هاشتاكات ترفض وجود داعش، لكن لابد من خطة اعلامية حكومية تستثمر هذا الجهد الشعبي عبر تزويدهم بصور وفيديوات ومعلومات وتحديثات عما يقوم به الجيش العراقي لمقاتلة الإرهاب، أو مساعدة المدنيين وحمايتهم".
ويضرب الحمداني مثلا عن بطولات لمدنيين عراقيين تردد صداها بين مستخدمي وسائل التواصل الإجتماعي، لكنها لم تحظ باهتمام إعلامي عربي أو دولي، مثل حادثة السيدة أمية الجبارة التي تمكنت من قتل ثلاثة عناصر من داعش في مدينة العلم بمحافظة صلاح الدين قبل أن تقتل على يد قناص من داعش.
ساهم في هذا التقرير وليد أبو الخير من القاهرة ومحمد القيسي من بغداد
م
ن
ق
و
ل