بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين
اسمه وكنيته ونسبه :
السيّد أبو عبد الله ، مسلم بن عقيل بن أبي طالب .
ولادته :
ولد مسلم عام 22 هـ بالمدينة المنوّرة .
أُمّه :
السيّدة علية ،
زوجته :
السيّدة رقية بنت الإمام علي ( عليه السلام ) .
مكانته :
كان مسلم ( عليه السلام ) من أجِلَّة بني هاشم ، وكان عاقلاً عالماً
شجاعاً ، وكان الإمام الحسين ( عليه السلام ) يلقّبه بثقتي ، وهو ما أشار
إليه في رسالته إلى أهل الكوفة .
ولشجاعته اختاره عمُّه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في حرب صفّين ، ووضعه على ميمنة العسكر مع الحسن والحسين ( عليهما السلام ) .
إخبار النبي ( صلى الله عليه وآله ) بقتله :
قال الإمام علي ( عليه السلام ) لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( يا رسول الله إنّك لتحبّ عقيلاً ) ؟
قال : ( أي والله إنّي لأحبّه حُبَّين ، حبّاً له وحبّاً لحبّ أبي
طالب له ، وإن ولده مقتول – ويقصد بذلك مسلم – في محبّة ولدك ، فتدمع عليه
عيون المؤمنين ، وتصلّي عليه الملائكة المقرّبون ) .
ثمّ بكى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتّى جرت دموعه على صدره ، ثمّ قال : ( إلى الله أشكو ما تلقى عترتي من بعدي )
خروجه إلى الكوفة :
ارتأى الإمام الحسين ( عليه السلام ) أن يُرسل مندوباً عنه إلى الكوفة
يهيّأ له الأجواء ، وينقل له واقع الأحداث ، ليستطيع أن يقرّر الموقف
المناسب ، ولابدّ لهذا السفير من صفات تؤهلّه لهذه السفارة ، فوقع
الاختيار على مسلم بن عقيل ( عليه السلام ) ، لما كان يتّصف به من الحكمة
والشجاعة والإخلاص .
خرج مسلم ( عليه السلام ) من المدينة المنوّرة متوّجهاً إلى الكوفة في
الخامس عشر من شهر رمضان 60 هـ ، ويصحبه قيس بن مسهر مع دليلان يدلاّنه الطريق .
حمله لرسالة الإمام الحسين ( عليه السلام ) لأهل الكوفة :
خرج مسلم ( عليه السلام ) من المدينة حاملاً رسالة الإمام الحسين ( عليه السلام ) إلى أهل الكوفة ، جاء فيها :
(بسم الله الرحمن الرحيم ، من الحسين بن علي إلى الملأ من المؤمنين ، أمّا بعد : فإنّ فلاناً وفلاناً قدما عليّ بكتبكم ، وكانا
آخر رسلكم ، وفهمت مقالة جلّكم : أنّه ليس علينا إمام فأقبل ، لعلّ الله يجمعنا بك على الحق ، وإنّي باعث إليكم أخي ، وابن
عمّي ، وثقتي من أهلي مسلم بن عقيل ، فإن كتب إليّ أنّه قد اجتمع رأي ملئكم وذوي الحجا والفضل منكم على مثل ما قدمت
به رسلكم ، وقرأته في كتبكم ، أقدم عليكم وشيكاً إن شاء الله تعالى ) .
وصوله إلى الكوفة :
وصل مسلم ( عليه السلام ) الكوفة ، في الخامس من شوال 60 هـ ، فنزل في
دار المختار بن أبي عبيدة الثقفي ، وأقبلت الناس تختلف إليه ، فكلّما
اجتمع إليه منهم جماعة ، قرأ عليهم كتاب الإمام الحسين ( عليه السلام ) ،
وهم يبكون ، وبايعه الناس ، حتّى بايعه منهم ثمانية عشر ألفاً .
كتابه إلى الإمام الحسين ( عليه السلام ) :
كتب مسلم ( عليه السلام ) كتاباً من الكوفة إلى الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، جاء فيه :
( أمّا بعد ، فإن الرائد لا يكذب أهله ، وأن جميع أهل الكوفة معك ، وقد بايعني منهم ثمانية عشر ألفاً ، فعجّل الإقبال حين تقرأ كتابي هذا ، والسلام )
ما كتبه عملاء الحكم الأموي عن تحركه :
أرسل العملاء إلى يزيد رسائل تخبره عن مجيء مسلم ( عليه السلام ) منها:
( أمّا بعد ، فإنّ مسلم بن عقيل قد قدِم الكوفة ، وبايعته الشيعة للحسين بن علي بن أبي طالب ، فإن يكن لك في الكوفة حاجة
فابعث إليها رجلاً قوياً ، ينفّذ أمرك ، ويعمل مثل عملك في عدوّك ، فإنّ النعمان بن بشير رجل ضعيف أو هو يَتَضَعَّف ) .
إرسال ابن زياد إلى الكوفة :
كتب يزيد بن معاوية رسالة إلى واليه في البصرة ، عبيد الله بن زياد ،
يطلب منه أن يذهب إلى الكوفة ، ليسيطر على الوضع فيها ، ويقف أمام مسلم ( عليه السلام ) وتحرّكاته .
ومنذ وصول ابن زياد إلى قصر الإمارة في الكوفة ، أخذ يتهدّد ويتوعّد المعارضين والرافضين لحكومة يزيد .
خروجه من دار المختار :
لمّا سمع مسلم ( عليه السلام ) بوصول ابن زياد ، وما توعّد به ، خرج من دار المختار سرّاً إلى دار هاني بن عروة
ليستقر بها ، ولكن جواسيس ابن زياد عرفوا بمكانه ، فأمر ابن زياد بإلقاء القبض على هاني بن عروة وسجنه .
إعلانه الثورة على ابن زياد :
لمّا بلغ خبر إلقاء القبض على هاني بن عروة إلى مسلم ، أمر ( عليه السلام ) أن ينادى في الناس :
( يا منصور أمت ) ، فاجتمع الناس في مسجد الكوفة .
فلمّا رأى ابن زياد ذلك ، دعا جماعة من رؤساء القبائل ، وأمرهم أن يسيروا في الكوفة ، ويخذلوا الناس عن مسلم ، ويعلموهم بوصول الجند من الشام .
فلمّا سمع الناس مقالتهم أخذوا يتفرّقون ، وكانت المرأة تأتي ابنها وأخاها وزوجها وتقول : انصرف الناس يكفونك ،
ويجيء الرجل إلى ابنه وأخيه ويقول له : غداً يأتيك أهل الشام فما تصنع بالحرب والشر ؟! فيذهب به فينصرف ، فما زالوا
يتفرّقون حتّى أمسى مسلم وحيداً ، ليس معه أحداً يدلّه على الطريق ، فمضى على وجهه في أزقة الكوفة ، حتّى انتهى إلى
باب امرأة يقال لها : طوعة ، وهي على باب دارها تنتظر ولداً لها ، فسلّم عليها وقال : يا أمة الله أسقيني ماء ، فسقته
وجلس . فقالت : يا عبد الله ، قم فاذهب إلى أهلك ؟ فقال : يا أمة الله ما لي في هذا المصر منزل ، فهل لك في أجر
ومعروف ، ولعلّي أكافئك بعد اليوم ؟ فقالت : ومن أنت ؟ قال : أنا مسلم بن عقيل ، فأدخلته إلى دارها .
مقاتلته لجيش ابن زياد :
وفي الصباح عرف ابن زياد مكان مسلم ( عليه السلام ) ، فأرسل جماعة
لإلقاء القبض عليه ، ولكن مسلم أخذ يقاتلهم قتال الأبطال ، وهو يقول :
أقسمت لا أقتل إلاّ حرّا ** إنّي رأيت الموت شيئاً نكرا
كلّ امرئ يوماً ملاق شرّا ** أخاف أن أكذب أو أغرا
حتّى أثخن بالجراحات ، فألقوا عليه القبض ، وأخذوه أسيراً إلى ابن زياد .
ما نظمه الشعراء في مظلوميته :
1ـ قال عبد الله بن الزبير الأسدي :
إذا كنت لا تدرين ما الموت فانظري ** إلى هاني بالسوق وابن عقيل
إلى بطل قد هشم السيف وجهه ** وآخر يهوي من طمار قتيل
ترى جسداً قد غيّر الموت لونه ** ونضح دم قد سال كلّ مسيل .
2ـ قال السيّد باقر الهندي :
سقتك دماً يابن عمّ الحسين ** مدامع شيعتك السافحه
ولا برحت هاطلات الدموع ** تحييك غادية رائحه
لأنّك لم ترو من شربة ** ثناياك فيها غدت طائحه
رموك من القصر إذ أوثقوك ** فهل سلمت فيك من جارحه
تجرّ بأسواقهم في الحبال ** ألست أميرهم البارحه
أتقضي ولم تبكك الباكيات ** أما لك في المصر من نائحه
لئن تقض نحباً فكم في زرود ** عليك العشية من صائحه
شهادته :
استشهد مسلم ( عليه السلام ) في التاسع من ذي الحجّة 60 هـ ،
ودفن في الكوفة ، وقبره معروف يزار .
أُدخل مسلم ( عليه السلام ) على ابن زياد ، فأخذ ابن زياد يشتمه ويشتم الحسين وعلياً وعقيلاً
ومسلم ( عليه السلام ) لا يكلّمه . ثمّ قال ابن زياد : اصعدوا به فوق القصر واضربوا
عنقه ، ثمّ أتبعوه جسده ، فأخذه بكر بن حمران الأحمري ليقتله ، ومسلم يكبّر الله ويستغفره ، ويصلّي على النبي وآله ويقول :
( اللهم احكم بيننا وبين قوم غرّونا وخذلونا ) .
ثمّ أمر ابن زياد لعنه الله بقتل هاني بن عروة فقتل ، وجرّت جثتا مسلم وهاني بحبلين في الأسواق .
السلام عليك مولاي
أبا عبد الله يا مسلم بن عقيل
السلام عليك يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا
_________
نسألكم الدعاء