رفعت الرقابة عن الصحف، وانشئت منظمة لحقوق الإنسان،
وشرعت السلطة بالتحضير للعملية الديمقراطية.
***
الكاتب: أريد كتابة مقال حول الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
المحرر: لا مانع.. لكن عليك أن تكون رقيباً ذاتياً علي نفسك.. استعمل ضميرك رجاء.
الكاتب: بالطبع.
المحرر: أي طبع يا أخ وأنت تريد أن تجر قطاراً طويلاً من الكوارث؟!
الكاتب: كوارث؟!
المحرر: بدلاً من الشرح المفصل، دعني أدرب ضميرك علي العمل.. إن الكتابة حول حقوق الإنسان
هي تدخل في شؤون الغير..تقول لي كيف؟ أقول لك إن هناك منظمة مختصة بهذا الشأن،
والتدخل في شغلها صفاقة.. أليس كذلك؟
الكاتب: لندع هذا جانباً إذن.
المحرر: والكتابة عن الديمقراطية ليست سوي دوران في حلقة مفرغة.. فإذا كنت ضد الديمقراطية فأنت عديم الضمير،
وإذا كنت مع الديمقراطية فأنت سخيف، لأنك تزمع الخوض في مسألة لاتزال في طور التحضير.
قل لي بربك أليس من السخافة أن تصف بيتاً قبل أن يُبني؟!
الكاتب: سأكتب، إذن، حول الحرية.
المحرر: لكن الحرية قائمة يا أخ.. فها هي الرقابة علي النشر قد رفعت، فماذا تريد بعد هذا؟
الكاتب: أريد أن أمدح ذلك.
المحرر: هذا نفاق وتملق. إن حرية التعبير ليست منة من أحد. إنها حق أصلي من حقوق الإنسان،
ثم لا تنس أن لهذه الحقوق منظمة مختصة.
الكاتب: أريد، إذن، كتابة مقال حَوْل..
المحرر: حول ماذا؟
الكاتب: حول فقط!
المحرر: رجاء.. دعني أواصل تدريب ضميرك علي العمل.. كيف يرضي هذا الضمير أن يكتب مقالاً حول فراغ؟
هل هذا ما يفترض أن يقدمه الكاتب الشريف للجماهير، في زمن الحرية وحقوق الإنسان والتحضير للديمقراطية؟
الكاتب: إذن.. أريد فقط.. هذا كل ما بقي لي.. مجرد أريد!
المحرر: لا دخل لأحد في إرادتك.. أنت حُرّ.
الكاتب: لكنك لم تسألني.. ماذا أريد؟!
المحرر: هذا أمر راجع لك، نحن لا نملي عليك ما تُريد أومالا تُريد.. نحن فقط نبين لك حقوقك،
ونبشرك بالتحضير للديمقراطية، وندربك علي كيفية استعمال ضميرك
عندما تريد التعبير بحرية، خاصة أن الرقابة علي الصحف قد رُفعتْ!