وكالات (بغداد)
تضاربت الأنباء الواردة من تكريت بمحافظة صلاح الدين أمس، بشأن تقدم العملية التي يشنها الجيش العراقي لاستعادة السيطرة على المدينة الخاضعة لسيطرة مسلحي «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) منذ قرابة الأسبوعين، وأكدت التقارير أن القوات الحكومية اضطرت بسبب القتال الشرس إلى الانسحاب إلى بلدة مجاورة، فيما ذكرت مصادر أن هذه القوات توقفت على بعد 10 كيلومترات من تكريت، وسط غارات جوية شنها الطيران منذ الفجر على تكريت والموصل، بينما أسقط المسلحون مروحية عسكرية، واختطفوا 26. وقتل في أعمال العنف 31 عراقيا وأصيب 51 آخرون، بينما قتلت القوات الأمنية 142 من «داعش» وأصابت 40 آخرين. وحذر مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون المصالحة الوطنية من أن سيطرة مسلحين متطرفين على أجزاء من البلاد يضع العراق أمام مرحلة أخطر من تلك التي مر بها أيام النزاع الطائفي عام 2006. في وقت أعلنت «داعش» من جانبها «قيام الدولة الإسلامية»، وبايعت زعيمها أبو بكر البغدادي «خليفة للمسلمين». وقال المتحدث باسمها أبو محمد العدناني إن «الدولة الإسلامية ممثلة بأهل الحل والعقد فيها من الأعيان والقادة والأمراء ومجلس الشورى، قررت إعلان قيام الخلافة الإسلامية وتنصيب خليفة دولة المسلمين ومبايعة الشيخ المجاهد أبو بكر البغدادي، فقبل البيعة وصار بذلك إماما وخليفة للمسلمين في كل مكان». وأضاف المتحدث «وعليه يلغى اسم العراق والشام من مسمى الدولة، من التداولات والمعاملات الرسمية ويقتصر على اسم الدولة الإسلامية التي تضرب بظلالها من حلب إلى ديالى ابتداء من هذا البيان».
وقالت مصادر أمنية إن اشتباكات عنيفة اندلعت على الطريق الرئيس المؤدي الى تكريت بين مسلحي «داعش» والقوات الأمنية، مؤكدة أن القوات الحكومية استخدمت الدروع والطائرات المدعومة بغطاء جوي، أسفر عن سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى من الجانبين، وانتهى بانسحاب القوات الأمنية إلى ناحية دجلة التي تبعد 25 كم جنوب تكريت.
وذكرت التقارير أن القوات الحكومية اضطرت بسبب القتال الشرس إلى الانسحاب الى بلدة مجاورة، بينما قالت مصادر عشائرية وإخبارية وشهود عيان إن الجيش توقف على مبعدة 10 كيلومترات جنوب تكريت، ولم يستطع التقدم، بسبب ما أشيع عن تلغيم محيط المدينة من قبل المسلحين.وأضافت أن «القوات الأمنية تواجه صعوبة في إحكام سيطرتها على الطريق السريع المؤدي إلى تكريت، كما أن مدينتي تكريت وبيجي تتعرضان لقصف من قبل قوات الجيش منذ بدء العمليات العسكرية فيهما.وقالت مصادر أمنية إن الجيش أرسل دبابات وطائرات هليكوبتر لمحاربة مقاتلي «داعش» قرب جامعة تكريت، وقال شاهدان إنهما رأيا طائرة هليكوبتر عسكرية خلال إسقاطها وتحطمها قرب سوق. وقال المتحدث باسم الجيش العراقي قاسم عطا إن قوات الأمن قتلت 142 «إرهابيا» في الساعات الأربع والعشرين الماضية بمناطق متفرقة من العراق 70 منهم في تكريت.وذكرت مصادر أمنية أن مسلحين من «داعش» اختطفوا 26 شخصا غالبيتهم من قوات الجيش والشرطة في حادثين منفصلين في مدينة الشرقاط. كما تم اختطاف ضابط بالشرطة وعائلته المكونة من 5 أفراد في حادث منفصل في نفس المدينة، فيما تم تفجير منزل ضابط كبير في الشرطة دون حدوث إصابات. وأوضحت المصادر أن الهدوء يسود منطقة القتال في محيط مدينة تكريت التي لاتزال بيد الجماعات المسلحة، رغم الطوق الأمني الذي تفرضه القوات العراقية على مداخلها. وكان طيران الجيش ذكر أنه بدأ عمليات قصف منذ فجر أمس على عدد من المواقع التي يتخذ منها قادة المسلحين مواقع لهم وسط وغرب المدينة. واستهدفت عمليات القصف القصور الرئاسية وساحة الاحتفالات ومواقع في حي القادسية وشارع الأربعين وسط المدينة، دون معرفة الخسائر البشرية.من جهة أخرى أفادت مصادر أمنية وطبية بمقتل 3 مدنيين وإصابة 16 آخرين في قصف على مدينة الفلوجة محافظة الأنبار. وفي أطراف بغداد سقط 20 قتيلا وأصيب 13 آخرون من قوات الأمن باشتباكات اندلعت مع مجاميع مسلحة في مناطق جنوب غرب العاصمة، بينما تمكنت القوات الحكومية من قتل 53 مسلحا وإصابة 40 بجروح.وفي محافظة ديالى تمكنت قوة من البيشمركة من قتل مسلحين اثنين من «داعش»، في ناحية جلولاء شمال شرق بعقوبة. وأسفر انفجار عبوة ناسفة بحي التجنيد وسط جلولاء أثناء مرور دورية للبيشمركة، عن مقتل اثنين منهم وإصابة 5 آخرين. وسقطت قذيفة هاون مجهولة المصدر على منزل سكني بأطراف ناحية المنصورية فقتلت مدنيين اثنين وأصابت 6 آخرين، كما سقطت قذائف هاون على ناحية السعدية شمال شرق بعقوبة فأسفرت عن مقتل 3 مدنيين وإصابة 3 آخرين.وفي كركوك قتل متطوع تركماني وأصيب 8 آخرون باشتباك مع مسلحين أثناء محاولة لتحرير منطقة سيطر عليها المسلحون جنوب المدينة. وقالت المصادر إن العشرات من المتطوعين التركمان من أهالي قرية بشير وناحية تازة تحركوا صوب قريتهم لتحريرها من سيطرة المسلحين، واشتبكوا بدعم وإسناد ناري من قوات البيشمركة الكردية، مما أسفر عن سقوط الضحايا.وأكد مصدر كردي الإفراج عن 3 من اليزيديين كان تنظيم «داعش» اختطفهم مع آخرين خلال الأسبوعين الماضيين، بعد دفع فدية لهم. وقال المصدر إن المفرج عنهم 3 أشخاص من مجمع خانصور التابع لقضاء شنكال شمال غرب نينوى، مضيفا أنه تم دفع مبلغ 150 ألف دولار مقابل الإفراج عن المختطفين الثلاثة.وأشار إلى أن غالبية أهالي المختطفين من الطبقة الفقيرة وجمعوا المبلغ من تبرعات الأهالي ودفع مقابل الإفراج عن أبنائهم، بينما لايزال نحو 21 مخطوفا آخرين من اليزيديين لدى المسلحين الذي يطالبون بمبالغ مالية كبيرة مقابل الإفراج عنهم.من جهة أخرى حذر عامر الخزاعي مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون المصالحة الوطنية أمس من أن سيطرة مسلحين متطرفين على أجزاء من البلاد يضع العراق أمام مرحلة أخطر من تلك التي مر بها أيام النزاع الطائفي بين 2006 و2008.وقال في تصريحات «الآن الاحتلال مباشر هناك محافظات محتلة، والآن الخطر قطعا أكثر من عام 2006 و2007 كون «داعش» تريد أن تشكل دولة من محافظات في الشام والعراق».وأضاف أن «الوضع أخطر مما كان عليه في عامي 2006 و2007، حيث كانت منظمات سرية تقتل من الطرفين السنة والشيعة وأثارت حربا طائفية، الوضع أخطر الآن على الرغم من أن الجيش العراقي قوي، لكن المسلحين مدعومون دوليا وإقليميا».من جهة أخرى، رأى الخزاعي أن الأكراد الذين فرضوا سيطرتهم على مناطق متنازع عليها منذ بدء هجوم المسلحين وتراجع القوات الحكومية، استغلوا الحوادث الأمنية الأخيرة «لعزل أنفسهم عن العراق». وأوضح أن «القيادة الكردية ذاهبة إلى أخذ المناطق المتنازع عليها، واستغلت ظرفا غير صحيح للعراق وهو قضية وجود داعش، فعزلت نفسها عن العراق».
وتابع «لم تدافع عن وحدة العراق، كان المفترض أن يدافع الأكراد وهم جزء من كيان الجيش العراقي والفرقة الثالثة، لكنهم ساهموا في الانهزام، الأكراد هناك تصرفوا كتصرف داعش في إطار أنهم يريدون أن يحصلوا على المناطق المتنازع عليها».