ﺍﻧﺖ ﻛﺎﻟﻜﻠﺐ !
ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻬﻢ ﺷﺎﻋﺮﺍً ﻓﺼﻴﺤﺎً .. ﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎﻥ ﺃﻋﺮﺍﺑﻴﺎً ﺟﻠﻔﺎً
ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺇﻻ ﻣﺎ ﻳﺮﺍﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ ..
ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺘﻮﻛﻞ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﻣﺘﻤﻜﻨﺎً .. ﻳُﻐﺪﻯ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻳﺮﺍﺡ ﺑﻤﺎ
ﻳﺸﺘﻬﻲ ..
ﺩﺧﻞ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻬﻢ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﻳﻮﻣﺎً ﻓﻘﻴﻞ ﻟﻪ : ﺇﻥ ﻣﻦ ﻣﺪﺡ
ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺣﻈﻲ ﻋﻨﺪﻩ ﻭﻟﻘﻲ ﻣﻨﻪ ﺍﻷﻋﻄﻴﺎﺕ ..
ﻓﺎﺳﺘﺒﺸﺮ ﻋﻠﻲ ﻭﻳﻤﻢ ﺟﻬﺔ ﻗﺼﺮ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ..
ﺩﺧﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺘﻮﻛﻞ .. ﻓﺮﺃﻯ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻳﻨﺸﺪﻭﻥ ﻭﻳﺮﺑﺤﻮﻥ ..
ﻭﺍﻟﻤﺘﻮﻛﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺘﻮﻛﻞ .. ﺳﻄﻮﺓ ﻭﻫﻴﺒﺔ ﻭﺟﺒﺮﻭﺕ ..
ﻓﺎﻧﻄﻠﻖ ﻣﺎﺩﺣﺎً ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺑﻘﺼﻴﺪﺓ ﻣﻄﻠﻌﻬﺎ :
ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ..
ﺃﻧﺖ ﻛﺎﻟﻜﻠﺐ ﻓﻲ ﺣﻔﺎﻇﻚ ﻟﻠﻮﺩ
ﻭﻛﺎﻟﺘﻴﺲ ﻓﻲ ﻗﺮﺍﻉ ﺍﻟﺨﻄﻮﺏ
ﺃﻧﺖ ﻛﺎﻟﺪﻟﻮ ﻻ ﻋﺪﻣﺘﻚ ﺩﻟﻮﺍً
ﻣﻦ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﻟﺪﻻْ ﻛﺜﻴﺮ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ
ﻭﻣﻀﻰ ﻳﻀﺮﺏ ﻟﻠﺨﻠﻴﻔﺔ ﺍﻷﻣﺜﻠﺔ ﺑﺎﻟﺘﻴﺲ ﻭﺍﻟﻌﻨﺰ ﻭﺍﻟﺒﺌﺮ
ﻭﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ..
ﻓﺜﺎﺭ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻭﺍﻧﺘﻔﺾ ﺍﻟﺤﺮﺍﺱ ﻭﺍﺳﺘﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﻑ ﺳﻴﻔﻪ ﻭﻓﺮﺵ
ﺍﻟﻨﻄﻊ ﻭﺗﺠﻬﺰ ﻟﻠﻘﺘﻞ ﻓﺄﺩﺭﻙ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺃﻥ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻬﻢ ﻗﺪ
ﻏﻠﺒﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻃﺒﻴﻌﺘﻪ .. ﻓﺄﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﻐﻴﺮﻫﺎ ﻓﺄﻣﺮ ﺑﻪ ﻓﺄﺳﻜﻨﻮﻩ ﻓﻲ
ﻗﺼﺮ ﻣﻨﻴﻒ .. ﺗﻐﺪﻭ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺟﻤﻞ ﺍﻟﺠﻮﺍﺭﻱ ﻭﺗﺮﻭﺡ ﻳﻤﺎ ﻳﻠﺬ
ﻭﻳﻄﻴﺐ ﺫﺍﻕ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻬﻢ ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ .. ﻭﺍﺗﻜﺄ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺍﺋﻚ ..
ﻭﺟﺎﻟﺲ ﺃﺭﻕ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ .. ﻭﺃﻏﺰﻝ ﺍﻷﺩﺑﺎﺀ ﻭﻣﻜﺚ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺤﺎﻝ ﺳﺒﻌﺔ ﺃﺷﻬﺮ ﺛﻢ ﺟﻠﺲ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻣﺠﻠﺲ ﺳﻤﺮ ﻟﻴﻠﺔ ﻓﺘﺬﻛﺮ
ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻬﻢ .. ﻓﺴﺄﻝ ﻋﻨﻪ ، ﻓﺪﻋﻮﻩ ﻟﻪ .. ﻓﻠﻤﺎ ﻣﺜﻞ ﺑﻴﻦ
ﻳﺪﻳﻪ .. ﻗﺎﻝ : ﺃﻧﺸﺪﻧﻲ ﻳﺎ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻬﻢ
ﻓﺎﻧﻄﻠﻖ ﻣﻨﺸﺪﺍً ﻗﺼﻴﺪﺓ ﻣﻄﻠﻌﻬﺎ :
ﻋﻴﻮﻥ ﺍﻟﻤﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺮﺻﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﺠﺴﺮ
ﺟﻠﺒﻦ ﺍﻟﻬﻮﻯ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺃﺩﺭﻱ ﻭﻻ ﺃﺩﺭﻱ
ﺃﻋﺪﻥ ﻟﻲ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻭﻟﻢ ﺃﻛﻦ
ﺳﻠﻮﺕ ﻭﻟﻜﻦ ﺯﺩﻥ ﺟﻤﺮﺍً ﻋﻠﻰ ﺟﻤﺮ
ﻭﻣﻀﻰ ﻳﺤﺮﻙ ﺍﻟﻤﺸﺎﻋﺮ ﺑﺄﺭﻕ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ .. ﺛﻢ ﺷﺮﻉ ﻳﺼﻒ
ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺑﺎﻟﺸﻤﺲ ﻭﺍﻟﻨﺠﻢ ﻭﺍﻟﺴﻴﻒ ..
ﻓﺎﻧﻈﺮ ﻛﻴﻒ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺃﻥ ﻳﻐﻴﺮ ﻃﺒﺎﻉ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺠﻬﻢ !..
*********
^-^
تحياتي