وصايا المعصومين في شهر رمضان الفضيل

الوصية الأولى : النهي عن ذكر اسم شهر رمضان بدون إيراد "شهر" في المقدمة وهذه الوصية يغفل عنها الكثير من المؤمنين - عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: لا تقولوا: رمضان ولكن قولوا: شهر رمضان فإنكم لا تدرون ما رمضان - عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كنا عنده ثمانية رجال فذكرنا رمضان فقال: لا تقولوا: هذا رمضان ولا ذهب رمضان ولا جاء رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله عز وجل لا يجيئ ولا يذهب وإنما يجيئ ويذهب الزائل ولكن قولوا: شهر رمضان، فإن الشهر مضاف إلى الاسم والاسم اسم الله عز ذكره وهو الشهر الذي أنزل فيه القرآن جعله مثلا وعيدا
الوصية الثانية :إفطار الصائم - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من فطر صائما فله مثل أجره. - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا كان اليوم الذي يصوم فيه أمر بشاة فتذبح وتقطع أعضاء وتطبخ فإذا كان عند المساء أكب على القدور حتى يجد ريح المرق وهو صائم ثم يقول: هاتوا القصاع أغرفوا لآل فلان وأغرفوا لآل فلان. ثم يؤتى بخبز وتمر فيكون ذلك عشاءه صلى الله عليه وعلى آبائه. - عن أبي عبد الله (عليه السلام) دخل سدير على أبي (عليه السلام) في شهر رمضان فقال: يا سدير هل تدري أي الليالي هذه؟ فقال: نعم فداك أبي هذه ليالي شهر رمضان، فما ذاك؟ فقال له: أتقدر على أن تعتق في كل ليلة من هذه الليالي عشر رقبات من ولد إسماعيل؟ فقال له سدير: بأبي أنت وأمي لا يبلغ مالي ذاك، فما زال ينقص حتى بلغ به رقبة واحدة، في كل ذلك يقول: لا أقدر عليه، فقال له: فما تقدر أن تفطر في كل ليلة رجلا مسلما؟ فقال له: بلى وعشرة، فقال له: أبي (عليه السلام): فذاك الذي أردت يا سدير إن أفطارك أخاك المسلم يعدل رقبة من ولد إسماعيل (عليه السلام). هذا وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل إشباع المؤمن بشكل عام - فعن أبي الباقر عليه السلام عن أبيه الصادق (عليه السلام): "من أشبع جوعة مؤمن، وضع الله له مائدة في الجنة يصدر منها الثقلين جميعا" فبما أن مفطر الصائم مشبع لجوعة أخوه المؤمن في نفس الوقت فهو مشترك في هذا الثواب أيضا إن شاء الله
الوصية الثالثة
: السحور

- عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن السحور لمن أراد الصوم أواجب هو عليه؟ فقال: لا بأس بأن لا يتسحر إن شاء وأما في شهر رمضان فإنه أفضل أن يتسحر نحب أن لا يترك في شهر رمضان. - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: السحور بركة قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تدع أمتي السحور ولو على حشفة(1).
الوصية الرابعة
: التطيب بالعطور في شهر رمضان

عن الحسن بن علي (عليه السلام) :قال تحفة الصائم أن يدهن لحيته و يجمر ثوبه و تحفة المرأة الصائمة أن تمشط رأسها وتجمر ثوبها و كان أبو عبد الله الحسين بن علي(عليه السلام) إذا صام يتطيب بالطيب و يقول الطيب تحفة الصائم . و التجمير هنا بمعنى استعمال البخور.
الوصية الخامسة
: قراءة القرآن و العمل بآياته

قد وردت أحاديث كثيرة في فضل قراءة القرآن في شهر رمضان حتى قال أبي جعفر الباقر (عليه السلام):" لكل شيء ربيع، و ربيع القرآن شهر رمضان" و قال الرسول صلى الله عليه و آله وسلم : " من قرأ في شهر رمضان آية من كتاب الله عز و جل كان كمن ختم القرآن في غيره من الشهور" و لكن ما فائدة قراءة القرآن بدون التدبر في آياته و فهم معانية؟!!! فعن علي بن أبي حمزة قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال له أبو بصير: جعلت فداك اقرأ القرآن في شهر رمضان في ليلة؟ فقال: لا، قال: ففي ليلتين؟ قال: لا، قال: ففي ثلاث؟ قال: ها وأشار بيده، ثم قال: يا أبا محمد إن لرمضان حقا وحرمة لا يشبهه شئ من الشهور، وكان أصحاب محمد صلى الله عليه وآله يقرأ أحدهم القرآن في شهر أو أقل، إن القرآن لا يقرأ هذرمة (الهذرمة: السرعة في القراء‌ة) ولكن يرتل ترتيلا فإذا مررت بآية فيها ذكر الجنة فقف عندها وسل الله عز وجل الجنة وإذا مررت بآية فيها ذكر النار فقف عندها وتعوذ بالله من النار.

هذا حال من كان في ذاك الزمان ممن يتقن اللغة العربية و هو في جوار المعصوم على كل حال يستمد من أنواره و علومه. فكيف يكون حالنا و نحن قد ابتعدنا عن اللغة و صار الغزو الثقافي الغربي كبير بدرجة أننا لا نفهم الكثير من كلمات القرآن مع أنها باللغة العربية؟ و الخوف أن الإنسان يصل إلى بعض الآيات التي تنهى المؤمن عن أمر فلا ينته، و تعظه فلا يتعظ. كحال الكثير ممن يقرأ الآية التالية:
" أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها" فعندما يقرأها القارئ من دون تدبر، فانه يكون مصداق للقلوب المقفلة. و بدل أن يتبارك بالقرآن يلعنه القرآن - فقد قال صلى الله عليه وآله : رب تال القرآن والقرآن يلعنه - و قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن أحق الناس بالتخشع في السر والعلانية لحامل القرآن ، وإن أحق الناس بالصلاة والصيام في السر والعلانية لحامل القرآن . - قال أمير المؤمنين عليه السلام : من قرأ القرآن فمات فدخل النار فهو ممن كان يتخذ آيات الله هزوا لذلك فمن وجهة نظري، أن الإنسان لو يقرأ في شهر رمضان سورة واحدة فقط، يدرسها، ويتعلم قراءتها، و حفظها ، و يتدبر معاني كل آية من آيايتها، و يكثر المطالعة على كتب التفسير المتكلمة حول السورة التي يقرأها، ويعمل بما فهم من كتب التفسير و التدبر الذاتي ، و من ثم يأخذ عقائده الحقة منها و لا تؤثر فيه الفتن و الأهواء، فإنه يخرج من شهر رمضان بالنتيجة المرجوة حقا، فتكون استفادته من القرآن ليست آنية بل أنها تكون معه مدى الدهر حتى يصل الى القبر و بعد القبر و في يوم الحشر و يقول الله عز و جل له يوم القيامة، يا أيها الموالي اقرأ آية و أرقى درجة في الجنة و يكون من الفائزين دنيا و آخرة. و هنالك أحاديث كثيرة تدل على أهمية التدبر و تعلم القرآن - فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: الحافظ للقرآن العامل به مع السفرة الكرام البررة. - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: تعلموا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة صاحبه في صورة شاب جميل شاحب اللون فيقول له القرآن: أنا الذي كنت أسهرت ليلك وأطمأت هو أجرك وأجففت ريقك وأسلت دمعتك أؤول معك حيثما ألت وكل تاجر من وراء تجارته وأنا اليوم لك من وراء تجارة كل تاجر وسيأتيك كرامة [من] الله عز وجل فأبشر، فيؤتى بتاج فيوضع على رأسه ويعطى الأمان بيمينه والخلد في الجنان بيساره ويكسى حلتين ثم يقال له: إقرأ وارقه فكلما قرء آية صعد درجة ويكسى أبواه حلتين إن كانا مؤمنين ثم يقال لهما: هذا لما علمتماه القرآن.

- عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ القرآن وهو شاب مؤمن اختلط القرآن بلحمه ودمه وجعله الله عز وجل مع السفرة الكرام البررة وكان القرآن حجيزا عنه يوم القيامة يقول: يا رب إن كل عامل قد أصاب أجر عمله غير عامليفبلغ به أكرم عطاياك، قال: فيكسوه الله العزيز الجبار حلتين من حلل الجنة ويوضع على رأسه تاج الكرامة ثم يقال له: هل أرضبناك فيه؟ فيقول القرآن: يا رب قد كنت أرغب له فيما هو أفضل من هذا فيعطى الأمن بيمينه والخلد بيساره ثم يدخل الجنة فيقال له: اقرأ واصعد درجة، ثم يقال له: هل بلغنا به وأرضيناك فيقول: نعم.قال: ومن قرأه كثيرا وتعاهده بمشقة من شدة حفظه أعطاه الله عزوجل أجر هذا مرتين.
فلنهتم بالقرآن و نتعاهده بصدق خصيصا في شهر ربيع القرآن لنكون من الفائزين دنيا و آخرة الوصية السادسة: الحلم في شهر رمضان
عن الصادق، عن أبيه(عليه السلام) قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): ما من عبد يصبح صائما فيُشتم، فيقول:إني صائم سلام عليك إلا قال الرب تبارك و تعالى: استجار عبدي بالصوم من عبدي أجيروه من ناري و أدخلوه جنتي .الوصية السابعة: التنبيه حول حقيقة الصيام
- عن الرضا عليه السلام قال: اعلم يرحمك الله أن الصوم حجاب ضربه الله جل و عز على الألسن والأسماع و الأبصار و سائر الجوارح لما له في عادة من سره و طهارة تلك الحقيقة حتى يستر به من النار و قد جعل الله على كل جارحة حقا للصيام فمن أدى حقها كان صائما ومن ترك شيئا منها نقص من فضل صومه بحسب ما ترك منها - عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال إن الصيام ليس من الطعام و الشراب وحده إنما للصوم شرط يحتاج أن يحفظ حتى يتم الصوم و هو: صمت الداخل: أما تسمع ما قالت مريم بنت عمران (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا) يعني صمت ، فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم عن الكذب و غضوا أبصاركم و لا تنازعوا و لا تحاسدوا و لا تغتابوا و لا تماروا و لا تكذبوا و لا تباشروا و لا تخالفوا و لا تغاضبوا و لا تسابوا و لا تشاتموا و لا تفاتروا و لا تجادلوا و لا تتأذوا و لا تظلموا و لا تسافهوا و لا تضاجروا و لا تغفلوا عن ذكر الله و عن الصلاة و الزموا الصمت و السكوت و الحلم و الصبر و الصدق و مجانبة أهل الشر واجتنبوا قول الزور و الكذب و الفري و الخصومة و ظن السوء و الغيبة و النميمة وكونوا مشرفين على الآخرة منتظرين لأيامكم منتظرين لما وعدكم الله متزودين للقاء الله و عليكم السكينة و الوقار و الخشوع و الخضوع و ذل العبيد الخيف من مولاه خيرين خائفين راجين مرعوبين مرهوبين راغبين راهبين قد طهرت القلب من العيوب و تقدست سرائركم من الخبث و نظفت الجسم من القاذورات و تبرأت إلى الله من عداه و واليت الله في صومك بالصمت من جميع الجهات مما قد نهاك الله عنه في السر و العلانية و خشيت الله حق خشيته في سرك و علانيتك و وهبت نفسك لله في أيام صومك و فرغت قلبك له و نصبت نفسك له فيما أمرك و دعاك إليه فإذا فعلت ذلك كله فأنت صائم لله بحقيقة صومه صانع له لما أمرك و كلما نقصت منها شيئا فيما بينت لك فقد نقص من صومك بمقدار ذلك