أهالي الموصل يصومون في أجواء رعب وموت مجاني29/06/2014 05:59
لم يمر على مدينة الموصل العريقة ونبع الحضارة شهر صوم في رمضان كما يمر عليهم في هذا العام، اذ خلت المناطق من ساكنيها بينما اغلق من بقي بابه على عائلته بسبب الخوف من بطش عصابات “داعش” وتابعيها الاذلاء الذين يطبقون قانون شريعة الغاب ويقتلون الناس بدماء باردة ويشردون العائلات، فضلاً عن فقدان الكثير من مستلزمات الحياة التي كانت تزخر بها المدينة، وباتوا يصومون كمن يعيش في صومعة ظلماء.
الموت المجاني
بين ليلة وضحاها اصبحت الموصل اسيرة بيد عتاة القتلة ما دعا اهلها الى الانزواء في بيوتها خشية القتل من مجرمين لا يقيمون وزنا لشيء، ويؤكد المعلم المتقاعد بشير عبد الغني ان العائلات الموصلية تلزم بيوتها ويساورها الرعب مع كل حركة او صوت سيارة او اطلاق نار في الشارع لان الارهابيين لم يراعوا حرمة لاحد لا كبير ولا امرأة ولا طفل صغير.وتابع: ان “شهر رمضان الحالي يعد من اصعب الشهور التي تمر على اهل الموصل فلا كهرباء ولا ماء وحر شديد وتنظيم رعديد يدخل الموت المجاني الى كل بيت”، مستدركاً بالقول: ان اهل الموصل سيصومون ليدعو الله بالخلاص من هذه العصابة المجرمة التي عاثت في الارض فسادا وليخلص العراق من جميع الارهابيين.
نار وأسعار
اسواق الموصل التي كانت عامرة بجميع السلع اصبحت خاوية وتذروها الرياح، وتشير (ام رشاد) الموظفة التي لزمت بيتها منذ سقوط المدينة بيد التنظيمات الارهابية ان اهالي الموصل عاجزون عن توفير مستلزمات الصوم بسبب فقدان الكثير من السلع والبضائع من الاسواق، كما انهم باتوا يتسوقون من الاسواق القريبة من سكنهم ولا يجازفون بالابتعاد عن محلاتهم السكنية خشية ايقافهم ومحاسبتهم من قبل الارهابيين او قتلهم في عمليات اجرامية تتكرر يومياً وتصيب نيرانها جميع الطوائف.واشارت الى ان الامر لا يتوقف عند فقدان الكثير من المواد بل الغلاء الفاحش لاسعار المواد الغذائية التي ارهقت ميزانيات العائلات التي تعاني اصلا من شح بتوفير الاموال لايام سود تمر بها المدينة، مبينة ان اهالي الموصل اصبحوا بين نارين نار الارهاب ونار الاسعار الملتهبة، فضلاً عن انقطاع الكهرباء المستمر وغلاء اسعار الوقود والمولدات التي سيطر عليها الارهابيون.
الطعمة
تعود اهالي الموصل على تقاليد خاصة في شهر رمضان تتعلق باعداد مختلف انواع الاطعمة والعصائر الشهية، كما دأبوا على تبادل اطباق الاطعمة فيما بينهم بما يسمونه (الطعمة) اي ارسال الذ ما طبخوه الى عدد من بيوت جيرانهم لان رمضان شهر المحبة والمودة واشاعة السلام بين الناس، الا ان الحاجة (ام نشوان) من حي الضباط تتأسف على الايام الخوالي لمدينة الموصل واهلها بقولها:”كنا نتسوق مختلف السلع والبضائع لاعداد انواع الكبة البرغل والحلبية وعمل الدولمة والبرياني والحلويات وقبل اي يطلق مدفع الافطار قذيفته ترى الصبية يتقاطعون في سيرهم داخل الازقة لتسليم الاطباق الشهية الى الجيران في اجواء رحمانية لا مثيل لها”.واشار الى ان الموصليين ادركوا تماما ان المؤامرة كبيرة عليهم، وان “داعش” ومجرميها يريدون محو مدينة بحضارتها وتعايش اهلها السلمي والقضاء على تقاليد الكرم والايثار لدى ابنائها الذين تربوا جيلاً بعد جيل على ذلك.
المساجد خاوية
تشتهر مدينة الموصل بمساجدها العامرة بالصلوات والذكر والدعاء وتتسابق المآذن الى اطلاق الآذان والابلاغ عن حلول شهر رمضان او ايام الاعياد، الا انها اندثرت بعد سيطرة رعاع الارض وشذاذ الشعوب من مجرمي “داعش” والخانعين تحت خيمتها، فيقول خلدون عبد الحافظ ان المساجد اصبحت خاوية الا من المجرمين وبعض كبار السن بعدما عزف الكثير من الشباب والرجال والنساء عن الذهاب الى المساجد خشية بطش الارهابيين الذين يجبرون الناس على التطوع في صفوفهم لقتل ابناء جلدتهم او دفع الاموال تبرعاً لتنفيذ جرائمهم او تنفيذ الاحكام الباطلة الجائرة عليهم.وقال: “لا اظن اننا سنتمكن من اقامة صلاة التراويح او الحضور في الصلوات اليومية او صلاة العيد لان الناس مرعوبون من بطش عصابات “داعش” وجرائمها وقتلها للكثير من ابناء الموصل واغتصاب النساء وفرض الجزية على اخوتنا المسيحيين، مؤكداً انها ايام سوداء لم تمر بها الموصل من قبل”.