داعش والقانونلايمكن لاي امة ان تبني نظاما خاصا بها من دون قانون اما سماوي او ينبثق من المنظومة الثقافية السائدة التي تكون السبب في تشكيل وصياغة مجموع العلائق الاجتماعية، واجلى منافع القانون هي الخروج بالانسان من حالة التوحش والبدائية الى حالة التحضر، وكنكتة معرفية نشير ولو اجمالا الى ان الصورة الشائعة عن المتوحش بانه انسان لا قانون له خاطئة تماما, فالمتوحش له قوانينه الخاصة وتمسكه بتلك القوانين لا نهائي, نعم الصعلوك والرجل الذي تبرزه ازمنة الاضطراب والجماعات المنبوذة هؤلاء لا قانون لهم, ذلك لان المتوحش يتبع قانونا بدائيا يضفي عليه هالة من التقديس الساذج, وما يمكن ان تصنعه القوانين الالهية او تلك التي التي مرت بمراحل من التحضر هو إخراجه من بدائيته بطريقة ترويض تدريجي حتى يغرق في عالم معرفي يكسبه معنىَ لحياته،
لكن لا يمكن البتة ترويض الجماعات المنبوذة التي تجنح بطبيعتها الى العدوان نتيجة هيجان الغرائز المقموعة بحيث تجعل من الانسان في حال توتر دائم غير قابل للاندماج او التعايش مع الاخر.
ومن هنا لا نجد بديلا عن عقوبة الاعدام لمثل هذه الجماعات في حال اراد المجتمع ان يصنع دولة قوية تحميه من الفوضى التي يسببها هؤلاء، وهو ما يؤيده العقل والنقل وقد اكد القرآن الكريم على القصاص كتطبيق قانوني متحضر وصارم يهدف الى الحفاظ على ديمومة الحياة الخالية من العبث لتتوفر اجواء الابداع العلمي والمعرفي تدريجيا .
والا كيف يمكن التخلص من مجاميع _ كمجاميع القاعدة_ تعيش حالة الحرمان والاقصاء والهزيمة النفسية امام الصهاينة وتسعى جاهدة الى خلق فوضى لتسقط من خلالها كل تلك الامراض على الاخرين؟؟؟
لاسبيل البتة الا المواجهة الشرسة مع هؤلاء واسيادهم والعمل الجاد ليل نهار لمطاردتهم واستاصال شأفتهم وقطع دبر حماقاتهم،
وهو السبب الذي يجعل الامم تهتم اهتماما كبيرا بجيوشها وتطور قوانينها وتضع العقوبات التي تتناسب ومستوى المخالفة القانونية, وتبتكر انظمة حكم ناجحة..الخ
ولا يخفى على اللبيب الفرق بين الجماعات الفوضوية والحركات الثورية فالثوري هو اكثر الناس صدقا وبساطةً واحساسا بالظلم الذي يقع على الاخرين, اكثر الناس التزاما بالرقي القانوني الذي يقود الى تغيير الواقع المتخلف، ولايمكن ان تسمى الثورة ثورة مالم يتصف قادتها بذلك, فالامام الخميني(قده) كان عالما فقيها فيلسوفا حائزا على اعلى درجات التخصص العلمي لينخرط بعد ذلك في العمل الثوري عن وعي ودراية,فبنى مجدا لامة طالما عاشت خلف اسوار التقية نتيجة الظلم المزمن، ومن قبله المنظر الكبير للدولة الصفوية المباركة العلامة المجلسي (قده) صاحب البحار، والافغاني..
والى حد ما غاندي وان اهان شعبه حين وافق على مشاركة مئات الالاف من الهنود ليقتلوا الى جانب المحتل البريطاني في الحربين العالميتين الاولى والثانية، وحين قبل يد الملكة ماري زوجة الملك البريطاني جورج الخامس في قصر بوكينغهام بحسب البعض، و المناظل تشي جيفارا, ولعلنا لا نجافي الصواب اذا قلنا : ان المدرسة الشيوعية لم تخرج ثوريا كتشي جيفارا, نعم كان شابا مندفعا عاطفيا قليل الحكمة ارتضى لنفسه الاسر بيد اعدائه دون مقاتلتهم مع انه كان بامكانه ان يفعل ذلك، الا انه اختط لنفسه طريقا خاصا في مكافحة الامبريالية، و لسنا بصدد التقييم بقدر الاشارة الى الفرق بين الثوري والفوضوي،ومن هذه المقاربة الاولية ننفذ الى القاعدة ومشتقاتها، داعش, النصرة..الخ
حيث نلاحظ ان هذه الحركات الفوضوية المنبوذة قد فرضت نفسها بواسطة الامبريالية العالمية في جغرافيتنا العربية والاسلامية وبالتالي تحتاج الى توصيف موضوعي دقيق، ليتم التعامل معها وفقا لعلاج ثوري علمي يقطع منابتها ويجتث حواضنها النائمة..
فنقول : ان حركة القاعدة ومشتقاتها تتكأ على الفكر الوهابي التيمي وتستقي منه كل ادبياتها ومنظومتها الفكرية والعقائدية، ومعلوم ان هذا الفكر الوبيل ولد في زمن الاضطراب والغفلة، ليقع في حضن الصهيونية العالمية فتشحذه كاداة قتل فعالة متجاوزة به حالة التوحش الى حالة زرع ثقافة دموية في قلب الامة الجغرافي لتؤسس بواسطتها مجاميع الرايات السود العاتية والمتطرفة والتي لا رابط بينها ولا جذور لها الا لغة السلاح والذبح على اساس فكر تكفيري همجي, فالقوي في هذه الجماعة هو صاحب السكين الحادة، والزعيم _ الامير_ هو الاكثر شرا و ذبحا..
وداعش خاصة هي عصارة الفكر الوهابي التيمي والبعثية المعروفة عند العراقيين قبل غيرهم باستباحتها للدماء والاعراض فجاء هذا الهجين المريض والمشوه ليجسد الفساد في الارض باوضح صوره المقيتة مستمدا من الموسوعات التاريخية التي صنعت على اعين السلطات الانقلابية المستبدة كموسوعة الطبري التاريخية وامثاله لغة الذبح والتخريب والعبث بكل اشكاله الفجة، وكمثال سريع: فقد ذكر الطبري عند حديثه عن القتال بين المسلمين والفرس قائلا : وجرت مياه دجلة بلون الدم ثلاثة ايام لكثرة ما القي فيها من الجثث..
هذه المبالغة في الكذب هي ثقافة السلف للخلف التي غرزت في نفوس الدواعش وغيرهم هذا الشر المستطير،
وقد اشارت الايات المباركة والاحاديث الشريفة الى هذا الوهم المرضي الذي عشعش في قلوبهم وعقولهم حيث قال تعالى : ((فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ 10 وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُون11 أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ)) .
وقوله (صلى الله عليه واله) :
سيكون في امتي اختلاف وفرقة قوم يحسنون القيل ويسيئون الفعل يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لايعودون اليه شر الخلق والخليقة طوبى لمن قتلهم وقتلوه ..
وهي اشارات الى جذور هذا الفكر المنحرف وامتداداته التي نعيشها الان حيث تهدف الحركة الداعشية ومن وراءها ال سعود والصهيونية العالمية الى تعطيل التنمية والمشاريع النهضوية في دول المنطقة وتبديد طاقات ابنائها وثرواتها ومن ثم ايجاد ما اسماه دك تشيني نائب الرئيس الامريكي الاسبق بالطوق النظيف لحماية دويلة الصهاينة..
ولذا فانه لاحل مع هؤلاء الا بمواجهتهم بمزيد من القوة والعنف الثوري المدمر الذي من شأنه ان يقتلع جذورهم اذا تهيأ له جيش عقائدي رديف وقيادات نظيفة واعية لا تنتمي البتة الى الجيش العراقي القديم بل تكون رديفا له..
وليعلم الجميع ان مقاتلة هؤلاء واجب شرعي ووطني لايجوز التهاون به او تاجيله ولو للحظة واحدة والله المستعان
والحمد لله رب العالمين
سماحة السيد محمد الحسني