سيد أمين شيخ الإسلام الموكري،
الملقب (هيمن).
ولد في ربيع 1921في قرية (لاجين) القريبة من (مهاباد) في كوردستان إيران.
وأمه سيد أمين شيخ الإسلام الموكري، الملقب (هيمن).
ولد في ربيع 1921في قرية (لاجين) القريبة من (مهاباد) في كوردستان إيران. وأمه (زينب شيخ برهان) سليلة عائلة معروفة في موكريان. تربى (هيمن) في كنف عائلة غنية، تلقى تعليمه الأولي على يد(سعيد ناكام)، ومن ثم درس في مدرسة (السعادة) و(بهلوي) في (مهاباد)، وبطلب من والده ترك المدراس الحكومية، و دخل(خانقاه) ودرس فيها أربع سنوات. وقد درس في هذه المدرسة كبار المتنورين والادباء الكورد مثل( الزعيم قاضي محمد)، والاستاذ (فوزي)، و(سيف القاضي)، و(حاجي ملا محمود شرفكندي).
درس(هيمن) قصائد الشعراء الكورد العظام أمثال: (حاجي قادر كويي)، و(نالي)، و(كوردي)، و(سالم)، و(مولوي)، و(حريق)، و(محوي)، و(أدب)، و(فايي) وقصائد الشعراء الفرس الثوريين على يد (ملا أحمد فوزي)، وهو أحد كبار علماء ومؤرخي كوردستان،إذ كان من أبرز تلامذته رئيس جمهورية كوردستان الديمقراطية، الزعيم (قاضي محمد).
يقول (هيمن) في مقدمة ديوانه (الظلام والنور) (أنا من صُنـْع فوزي، فهو الذي بعثرني وعجنني وصنعني من جديد، فتح لي أبواب العلم والمعرفة، ودلـّني على دروب الحياة، وعلـّمني كيف أهذب ذوقي الأدبي، من خلال ملاحظاته حول كيفية الكتابة وقول الشعر، والأهم من ذلك تعلمت منه كيف أحب وطني ولغتي)).
نظم (هيمن) الشعر باللغة الكوردية في سن مبكرة، و كان ينشره بأسم مستعار خوفاً من والده الذي كان يرغب أن يكون ولده فقيهاً وليس شاعراً. إلى جانب نشاطه الأدبي و الثقافي إهتم الشاعر بالحياة السياسية، فحينما تشكلت جمعية (الإحياء الكوردي) في (مهاباد) في العام 1942، أصبح عضواً فيها، وكان إسمه السري (هيمن). وفي العام 1945 كان الوضع السياسي والدولي غير مؤات لتنفيذ برنامج الجمعية، لذا قرر أعضاؤها عقد أول مؤتمر في مهاباد، وإعلان برنامج جديد، تمخض عنه تأسيس الحزب الديمقراطي برئاسة (قاضي محمد). وفي ذلك المؤتمر ووسط إنبهار الجماهير والأعضاء قرأ هيمن قصائده، لأول مرة، على الملأ. وبذلك تغيرت ملامح حياته السياسية والأدبية والإجتماعية.
إستمر (هيمن) في عمله عضواً في الحزب، ورشح سكرتيراً(للهيئة الشعبية الرئيسة)، وبعد فترة وجيزة ترك عمله في السكرتارية وعمل في قسم (التبليغات الحزبية)، فأصبح المجال مفتوحاً أمامه أكثر للعمل في الصحافة. كتب ونشر المقالات والقصائد في جميع مطبوعات الحزب، منها (جريدة كوردستان)، و(مجلة كوردستان)، و(نداء الكورد)، و(نداء الوطن)، و(مجلة الأطفال). كما كان عضواً في هيئة المناهج لوضع الكتب لمدارس كوردستان إيران.
وفي (18) ابريل 1986، توقف قلب الشاعر المرهف ذي الحياة الرسالية المفعمة بالجهد والكد والتضحية في سبيل تحرير شعبه المضطهد. استطاع (هيمن) تفعيل اقواله وقصائده المنبثقة من اعماقه في حياته العملية. وتميز شعره بالفطرة والبساطة في الأداء ورقة العبارة، وطبعت قصائده بحب الانسانية، وهذه هي النقطة التي يلتقي فيها فحول الشعراء والمفكرين. زيّن قصائده بالمفردات الكوردية الخالصة، و نادراً مانرى فيها مفردات دخيلة. فحينما تـُقرأ اشعاره يمكن الاحساس بنكهة الطبيعية الكوردستانية الخلابة في موسيقاها. فقد كانت حياة القرى المتواضعة مصدراً خصباً لالهامه الشعري، وعندما نقرأ قصائده نرى روعة تلك المناظر الساحرة في صورتها الحقيقية، ويكاد ديوانه يتحول الى معرض للفنون التشكيلية المكتظة باللوحات الفنية الجميلة. يقول في قصيدة (أنا فلاح):
أنا فلاح، أنا فلاح
أنا صديقُ الشمس
أنا بعَرَقي
وهي بطاقتـِها
نصوغ ُ ونبني أساس الحياة،
بساعدي وشعاعها
نأخذ ُ القوتَ من الأرض ِ،
إن لَم يتصبب الفلاح عرقاً
وإذا لم تشع الشمس نوراً
ساكنو القصرو القلعة، هل سيأكلونَ الخبز؟؟
كان الشاعر (هيمن) ثائراً بعقله وضميره على المعاناة التي تعانيها المرأة الكوردية في مجتمعها، إذ كثيراً ما يدافع عن حقوقها ويحثها على أن تناضل في سبيل تحقيق ذاتها لتتحرر من قيود العادات و التقاليد الرجعية، يقول في قصيدة (وجه حلو):
كيف تتحرر أمة إذا كانت البنت أسيرة !
الا يكفي هذا الأسر، الى متى القيد
والدكِ يغلق عليكِ الباب
إلا انه لا يدرك
بأن صد الباب في وجهك
هو غلق الباب على الأمل
إرمي الخمار الاسود
ليظهر خدّكِ المُـشع..
ونحن في القرن العشرين
عيب أن تلبسي هذا النقاب..!
ومع عشقه الكبير للمرأة، ومع ما يكن لها في أعماقه من تقدير وإعجاب و تثمين لدورها في المجتمع،إلا ان الحرية أعز عنده منها:
نعم البُـعد عن المرأة
قضية صعبة،
صعبة للغاية..
ولكن الأحب عندي من المرأة
و أعز..
أنتِ يا حرية..!
هزت قصائده مشاعر الكورد من الاعماق و الهبتهم للنضال والمثابرة:
منذ زمان سُـلِب الكورد حقوقهم
منذ زمان يعيش الكورد في النواح ِ والعويل
ففي ميدان الاعداء
كان رأس القائد الكوردي مثل الكرة
يتقاتل حولَ جثته شبه الميتة
الف ذئبٍ والف غراب..
يرى هيمن ان وظيفة الشاعر ليست فقط كتابة الشعر و القائه على الجماهير، بل عليه ان ينخرط في ساحة الحياة الشاقة معهم، مدافعاً عن حقوقهم ويقاسمهم همومهم ومعاناتهم:
أنا ابن الكورد
ألفتُ الدروبَ الوعرة
وكلما مشيتُ أكثر،
وإزداد عرقي إنصباباً،
أختصر طريقي الطويل..
أسير نحو الأفق، نحو الافق المنير
أمشي وأمشي حتى ذروة التحرير
تربيت في ظلال الكهف
وكثيراً ما وقعت في أخاديد سوداء
ولكن خرجت منها، ولم انكسر..
أسير نحو الأفق، نحو الافق المنير
أمشي وأمشي حتى ذروة التحرير
..
إن (هيمن) عاشق لوطنه ومتفانً في حبه لشعبه الكوردي، ولكن مع ذلك لم يكن حاقداً على أي قوم ٍمن الاقوام، و لانجد في ديوانه كلمة يطعن بها قوماً أو يرفع بها الكورد على أمة أخرى، يقول في قصيدة(كوردي أنا):
كورديٌّ أنا
رغم إمتلائي بالهموم والآلام والحسرات
لن أستسلم لهذا العصر الناكر أبداً
شجاعٌ أنا..
لستُ عاشقاً للعيون الدعجاء
ولا للجيد المرصع بالشامات
بل للجبال والتلال والصخور
عاشقٌ أنا..
وإن تجمدتُ اليوم من الجوع ِ والبرد
إلا أني لن أكون عميلاً للإستعمار
مادمتُ حياً ،
لا أبالي بالسلاسل والقيود
وأعواد المشانق والسجون..
قطعوني إرباً إرباً
إقتلوني
لكني سأظل أردد:
كورديٌ أنا
كورديٌ أنا