بقلم: الشيخ علي الفتلاوي
تحذير القران الكريم من فتن الشيطان وعدوتهمنذ أن خلق الله تعالى الخليقة حذر من الاغترار بمخادع الشيطان ومكره وبيّن عداوة الشيطان وحسده للإنسان، وتكبره عليه وهذا ما توضحه الآيات الكريمة التي تسرد لنا أسباب تكبر إبليس وحسده وانتقامه من الإنسان وإيقاعه في المعاصي كما في قوله تعالى:
( وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ * قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ * قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ * قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ * وَيَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ). (سورة الأعراف، الآيات: 11 إلى 22).
هل نفع تحذير القران من كيد الشيطان وتسويلاته؟إلا أن هذا التحذير لم يلق الأذن الصاغية عند كثير من البشر فلذا نجدهم سقطوا في براثن الشيطان ومكائده وتلوثوا بالمعاصي والذنوب وهذا ما أكدته الآيات الكريمة التالية:
1ــ آية تشير إلى وقوع البشر في الزلل كما في قوله تعالى: ( فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ). (سورة البقرة، الآية: 36).
2ــ آية تشير إلى اغترار البشر بتسويل الشيطان فوقعوا في الردة كما في قوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ). (سورة محمد، الآية: 25).
3ــ آية تشير إلى تزيين الشيطان للإنسان أعماله السيئة فابتعد بسبب ذلك عن الطريق الصحيح كما في قوله تعالى: ( وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ). (سورة النمل، الآية: 24).
4ــ آية تشير إلى سيطرة الشيطان على عقول بعض الناس إلى درجة أنهم نسوا ربهم الذي خلقهم وأنهم عليهم كما في قوله تعالى: (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ). (سورة المجادلة، الآية: 19).
صفات اتباع الشيطانفصار هؤلاء من حزب الشيطان وأتباعه الذين اتصفوا بصفات قبيحة ذكرها القرآن الكريم وأهل بيت العصمة عليهم السلام في أحاديثهم الشريفة نذكر منها:
ألف ــ أنهم شركاء الشيطان في أعمالهاتصف هؤلاء بأنهم شركاء الشيطان في أفعاله القبيحة إذ قاموا بتطبيق ما أمرهم به من سلوكيات قذرة وأقوال بذيئة فاحشة ونظرات خائفة، فلذا يذمهم أمير المؤمنين عليه السلام فيقول: «اتَّخَذُوا الشَّيْطانَ لأَِمَرِهِمْ مِلاَكاً، واتَّخَذَهُمْ لَهُ أشْراكاً، فَباضَ وَفَرَّخَ في صُدُورِهِمْ، ودَبَّ ودَرَجَ في حُجُورِهِمْ، فَنَظَرَ بِأعْيُنِهِمْ، ونَطَقَ بِألْسِنَتِهِمْ، فَرَكِبَ بِهِمُ الزَّلَلَ، وَزَيَّنَ لَهُمُ الخَطَلَ، فِعْلَ، مَنْ قَدْ شَرِكَهُ الشَّيِطانُ في سُلْطانِهِ، وَنَطَقَ بِالباطِلِ عَلى لِسانِهِ». (نهج البلاغة: الخطبة 7).
ب ــأنهم من أهل الترف الباطل اتصف أتباع الشيطان بالترف الباطل المذموم الذي يبعد صاحبه عن الله تعالى وهو لا يشعر بقباحة ما يفعل لما أصابه من الشيطان بل تحول هذا المترف إلى شيطان من شياطين الإنس كما أكد ذلك قول الإمام علي عليه السلام في كتابه إلى معاوية إذ يقول: «فَإنَّكَ مُتْرَفٌ قَدْ أخَذَ الشَّيْطانُ مِنْكَ مَأخَذَهُ، وَبَلَغَ فيكَ أمَلَهُ، وَجَرى مِنْكَ مَجْرَى الرُّوحِ وَالدَّمِ». (نهج البلاغة: الكتاب 10).
جيم ــ أنهم ممن ابتعدوا عن العقل والبصيرة اتصف أتباع الشيطان باتباع الهوى والابتعاد عن العقل والبصيرة والانكباب على الدنيا ونسيان ذكر الله تعالى وهذا ما أكده أمير المؤمنين عليه السلام بقوله: «إنّما بَدءُ وُقُوعِ الفِتَنِ أهْواءٌ تُتَّبَعُ... فَهُنالِكَ يَسْتَوْلي الشَّيْطانُ عَلى أوْلِيائِهِ، وَيَنْجُو الذينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللهِ الحُسْنَى». (نهج البلاغة: الخطبة 50).
4ــ أنهم من المجادلين والمتكبرين اتصف أتباع الشيطان بأنهم يجادلون بجهل ومكابرة كما في قوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ).(سورة الحج، الآية: 3).
5ــ أنهم من أهل الفحشاء والمنكراتصف أتباع الشيطان بأنهم يروجون للفحشاء ويأمرون بالمنكر كما في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ). (سورة النور، الآية: 21).
ولكي نجمع صفاتهم فنقول: أتباع الشيطان هم أهل الرذائل والمنكرات.