كعك السيد في شارع الرشيد.. ذاع شهرته في انحاء العراق
فيْ سنة 1906 قرر المغفور له السيد حسين علي السامرائي من مواليد بغداد 1869 ان تكون هذه سنة بداية له ليصبح «جركجي» بعد ان ترك مهنته السابقة «البزازة» بائع اقمشة، فتعلم المهنة من الذين سبقوه، وخاصة الاتراك الذين لهم الخبرة الاولى في عمل الكعك. فبعد ان اتقن المهنة بشكل كامل شيد الفرن الاول في بغداد بمنطقة «راس القرية» قرب ساحة الغريري حاليا. وبعد ذلك انتقل الفرن الى الموقع الثاني في منطقة «العاقولية» قرب ساحة الرصافي حاليا.
واخيرا انتقل الفرن الى الموقع الثالث اوائل العشرينيات، هذا الموقع الحالي في منطقة «الحيدر خانه» قرب جامع الحيدر خانه الذي انشا في عهد خلافة السلطان محمود عبد الحميد سنة 1826.كان بناء الواجهة الامامية لهذا الفرن الحالي انذاك مسقفا بـ «مراوي الخشب» و «الحصران» وبقي هذا الحال حتى اعيد بناؤه سنة 1937 بالشكل الحالي من الطابوق والشيلمان.
ان عدة العمل وتحضير مواد الانتاج كانت انذاك جميعها بدائية حيث كانوا يحصلون على مادة الطحين بشراء «الحنطة» وتنظف وتغسل ثم تطحن باليد بواسطة «الرحاية» اما العجين فكان يعجن في «المعجن» المصنوع من الخشب وبعد ان يختمر العجين ينقل الى «الطشت» المصنوع من النحاس ويضاف اليه الدهن الحر والسكر وكاربونات الصوديوم اما الفرن فكان الوقود من الحطب «الطرفة» وبعد ان يكمل الانتاج يوضع في «الكواشر» والاطباق المصنوعة من خوص النخل «الجريد» اما ميزان كعك السيد فكان مصنوعا من الخوص والحبال معلقة بخشبة. وكان عيارات الميزان عبارة عن (حصو) كبير ولا يزال يحتفظ بها السيد الى يومنا هذا حيث كان وزن «الحصوة» «7,500» سبع كيلو ونصف حصل عليها من على ظهور الحيوانات التي كانت تنقل الحصو لتبليط شارع الرشيد سنة 1924 وبعد وفاة الاب رحمه الله سنة 1963 واصر ولداه «مزاحم» و «محمد علي» في الحفاظ على هذا التراث العريق، وجودة الانتاج.
اما عدة العمل في الوقت الحاضر فقد اصبحت من الطراز الحديث، حيث كان بعض الشعراء الذين يشترون «الكعك» من السيد يبدؤون بقراءة بعض القصائد داخل المحل انذاك حيث انشد شاعر ليقول في كعك السيد..
كلما فكرت بالكعك اشتريت …
كعك السيد احلى ما اشتهيت
طيب النكهة، حلو طعمه …
ولذا لم يخلو منه قط بيت
ولقد ذاع صيت كعك السيد ارجاء العراق، وحتى الدول المجاورة وخاصة دول الخليج، لانه ينفرد في طعمه اللذيذ المميز.
ومن زبائن كعك السيد العائلة المالكة.. والزعيم عبد الكريم قاسم.. ونوري سعيد باشا.. وعائلة بيت الدفتري، والتاتار، وبيت الشالجي والمتولي، وملا حمادي والسهروردي وعائلة بابان، والسلوم، والضروفي، والبزركان. حيث ان بيوتهم وبيت المرحوم «السيد» قائمة حتى هذا اليوم، الا انها شبه مهجورة.
والى جانب كعك السيد انتاج «الجرك والبقصم» الذي يقدم مع الشاي للعائلة والضيوف. وفي الافراح ومولد الرسول الاعظم (صلى الله عليه وسلم) ومجالس عزاء سيدنا الحسين (عليه السلام) ويوزع خلال شهر رجب حيث يضاف للجرك والبقصم خليط من الهيل، كبابه، جوز بوه، كزبره، وحبة حلوة.
وقد قام اولاد كعك السيد منذ سنة 1980 وحتى الان بانتاج البقلاوة البغدادية الاصيلة واضاف الحلويات والمعجنات الى جانب الكعك ونبقى نقول:ـ
يا لذتي تجددي ... باكل كعك السيد
لنكهة تعرضها ... كل بيوت البلد
كاردينيا