الدولة والمجتمعأطلق بن نبي فكرة القابلية للاستعمار, والعبارة وان كانت مصدرة لتغرقنا في لجة يم الجدل العقيم الا ان بعض زواياها لا تخلو من فائدة, ففي حال مرّ المجتمع أي- مجتمع - بتراجع قيمي وترهل اخلاقي ورخاوة في قبضة الدولة فأنه يغدو بيئة خصبة لكل الملوثات الفكرية والثقافية حيث تتهيأ فرص الأنا التي تعني سياسيا إنحياز كل مكون الى جهة خارجية للاستعانة بها في تمرير بعض إراداته وحينها يقع المجتمع فريسة صراعات مريرة لا حدود لها,
وتقبل الفكر الداعشي
و كل ذلك يقع على عاتق الدولة التي تتعدى مسؤليتها من مجرد الادارة الى تحمل مسؤولية تسويق القيم الضابطة للسلوك بما يتناسب وهوية كل امة، وقطعا لا يخلو ذلك التسويق القيمي من اكراه -بحسب مانذهب اليه -.
ولما كانت المنظومة التي حكمت العراق طيلة السنوات الماضية لا تعي ذلك ولا تتوفر على رؤية حكم واضحة حيث عبّرت الاحزاب السياسية المتصدية عن تخيلات طوباوية لا تمت الى الواقع بصلة، لا سيما اولئك الذين عاشوا اجواء التنظير ,وحين تدفقوا الى البلد على بسط احلام الوصول الى الكرسي اصطدموا بعقبة كئود تمثلت بعدم معرفتهم لغة شعبهم، ويؤيد هذا تلك الخطابات الفجة الاولى بعد زوال صنم بغداد حيث تبدوا تلك العجمة المثيرة للشفقة وذلك التخبط وعدم القدرة على صياغة الجمل المفيدة..
نعم استثني السيد الحكيم حيث جاء متحدثا بلغة شعبه معبرا عن واقعهم, وما ينبغي ان يعمل بأبلغ عبارة استقرت في وجدان بسطاء الناس فحاربه السياسيون المتحذلقون بينما احتضنته طبقات الفقراء والمعدمين، إلا انه غاب عنا مما اتاح الفرصة لكل اغبياء السياسة ان يتقمصوا دور اللعوب السياسي المتخيل وما دروا ان الغباء السياسي والاداري عقبة كأداء تحول بينهم وبين ما يرومون فاستدرجوا حتى سجدوا حقيقة امام الغير خضوعا وذلا ظنا منهم انهم دهاة سياسة حيث انفقوا مليارات الدولارات على الاعداء تحت يافطة المصالحة الوطنية بينما تركوا شعبهم الذي يحمل السلاح صادقا عند الملمات والذي لاينتخبهم غيره يسكن في اكواخ الطين يعاني الجوع والبطالة والحرمان فضلا عن القتل اليومي بمفخخات التكفير ..
وكمثال لا يخلو من تشابه: فقد روى المؤرخون والمفسرون الامويون : ان النبي صلى الله عليه واله عندما قرأ قوله تعالى : ((أفرأيتم اللاة والعزى ومناة الثالثة الاخرى)) القى الشيطان في وجدانه ما كان يتمناه –حاشاه- تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى ثم سجد وسجد معه المسلمون والمشركون واعلنت المصالحة الوطنية, لكن تلك كذبة ومصالحة متخيلة الا انها صدّرت كثقافة صدّق بها سياسيونا فسجدوا حقيقة على حساب الثوابت والخطوط الحمراء ومهدوا بذلك لداعش ان تدخل البلد لتخرب وتعيث باسم الاسلام فسادا .
وداعش مجاميع وهابية كرعت من الفكر الاموي البغيض الى حد الثمالة ثم صبّ هذا في مجرى العقد النفسية المكبوتة التي اقلها الشعور بالمهانة والذل والحرمان الجنسي حتى تمردت هذه الميول والغرائز وانتجت هذا المستوى من العدوان والوحشية لسد نقص الهزيمة امام الصهيونية العالمية
وقد هيأ سياسيونا المجتمع لداعش حين اعطوا السلطة للبعثيين – التوابين – واحتفظوا بالادارة فقط الا ترى الغباء ..؟ وأي غباء ..
وحين اهملوا شعبهم المخلص, واغدقوا المال على تجار الدماء، وحين .. وحين.. الخ
وقد برزت علامات استغفال الاخر لهم في مواقف عديدة لعل ابرزها حينما جاء رئيس الوزراء الاردني الى بغداد قبل اشهر قليلة فقال مخاطبا رئيسنا : انك ياسيادة الرئيس صادق, اذا وعدت وفيت..!!
وكان يريد انشاء مشروع انابيب نقل النفط الى الاردن عوض نقله بالشاحنات, فانتفخت اوداج السيد الرئيس وكاد ان يخرج من ثيابه.. ومن حينها علمت اننا نسير الى هاوية داعشية,
ولقد بحّت اصواتنا من النداء بحييهم الاخضر ولكن لا رأي لمن لا يطاع حتى وصل الامر الى ان نجل احد المراجع يتصل بالمسؤولين طالبا منهم ارسال طائرات الى مطارات الموصل واربيل لنقل المهجرين النازحين فاعتذروا بعدم وجود وقود _ بانزين_ للطائرات.. حتى نعرف مستوى المهزلة التي وصلنا اليها ..
والان والحمد لله نعيش مرحلة العز والنصر تحت ظل الفتوى التأريخية للمرجعية العليا التي حالت دون سقوط بغداد واذكت فينا روح الانتماء الى قيم علي بن ابي طالب عليه السلام وايقظتنا – كشعب – من غفلة المصالحات الوطنية حيث علمنا اننا امة مستهدفة بالذبح واستباحة الحرمات من كل اصناف الدواعش ولذا هبت الملايين ملبية نداء المرجعية واستعدنا والحمد لله وخلال ايام زمام المبادرة على الارض ..
وتطالب الجماهير الان المرجعية ان تصول في ميدان السياسة ايضا لنستعيد زمام المبادرة السياسية واننا على ثقة بانه قد تبين الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر ولاحت في افاقنا بشائر النصر فالحمد لله الذي اعز جنده ونصر عبده وهزم الاحزاب وحده وصلى الله على محمد واله الطاهرين
.
.
سماحة العلامة السيد محمد الحسني