مشروع نابوكو وتأثيره على احتلال العراق و الأحداث في سوريا
مشروع نابوكو وتأثيره على الأحداث في سوريا
بعد سقوط الاتحاد السوفيتي و حلف وارسو , لم يعد هناك اي سبب لوجود حلف الناتو و لكن الولايات المتحدة الأمريكية لم يكن صراعها فقط مع الشيوعية بل مع كل قوة قد تشكل عثرة بطريقها فكان لابد من تدمير ماتبقى من قوة بيد روسيا من بقايا الاتحاد السوفيتي, خوفا من عودة الشيوعية, و محاصرة الصين التي لازالت شيوعية, ليصبح العالم بين يدي الولايات المتحدة, و لكن سياسة القطب الواحد خلقت ردود فعل و كانت صراعات متنوعه بدأت من محيط روسيا (يوغسلافيا, جورجيا, أوكرانيا, قرغيزستان…) , و في آسيا كان إحتلال أفغانستان و العراق , و الى جانب الصراع على الموارد و المعابر البرية كان هناك صراع على المعابر البحرية و خصوصا مضيق عدن حيث كان التوتر سيد الموقف في اليمن و الصومال, و إنتقل الصراع الى أفريقيا و خصوصا في السودان حيث وجدت المصالح الصينية و عدة بلدان أخرى خصوصا شمال إفريقيا.
و الى جانب الصراع على الموارد و الاسواق و المعابر كان هناك صراع آخر و هو تحديداً الاتحاد الاوروبي, فما نفع أمريكيا أن تكسب العالم و تخسر آوروبا, و قد شعرت الولايات المتحدة بزيادة النفوذ الروسي في آوروبا خصوصا مع سعي موسكو الى رفع حصتها في سوق الغاز الآوروبية الى الربع , فأدركت واشنطن هذا الخطر مبكرا قبل أن تنتهي من تقسيم يوغسلافيا كانت قد قررت تنفيذ خط للغاز يغذي آوروبا و لا يمر بالأراضي الروسية و هو خط نابوكو الشهير الذي قرر إنشاءه في عام 2002 و ليس بعد حرب الغاز بين روسيا و أوكرانيا بل قبل حرب الغاز بسنوات
تسمية خط الغاز بإسم نابوكو
تسمية نابوكو هي أوبرا فيردي التي يتكلم فيها عن ما يسمى (محنة اليهود في عهد نبوخذ نصر) فحتى الإسم له دلالات و خصوصا ان هناك من يتنبأ بتقسيم العراق لأجل نابوكو حيث يصبح من الضروري إعلان إنفاصل إقليم كردستان لأجل غاز الإقليم.
أرتبط اسم (نابوكو Nabucco) بالأفكار الصهيونية السرية، فالاسم مشتق من أوبرا (نابوكو)، التي تتمحور حكايتها حول الصراع الأزلي على مدينة أورشليم (القدس). وتدعو للتمسك بالديانة اليهودية، والتضحية من اجلها، والقصة برمتها مستوحاة من العهد القديم (كتاب النبي دانيال)، الذي يعكس صورة التاريخ اليهودي إبان حكم الملك (نابوكود الثاني)، ملك بابل العظيمة (العراق) من عام 605 إلى عام 562 قبل الميلاد.
و(نابوكو) صيغة تصغير و(تحقير) باللغة العبرية لملك السبي البابلي، تحاكي اسمه الصحيح (نابوخذ نصر Nebuchad nezzar)، ويبدو أن الأطراف التي خططت لهذا المشروع، تعمدت استعمال اسم الملك البابلي بعد تصغيره، ثم قامت بإلصاقه على مشروع القناطر الكونية، التي ستنسف اقتصاد البلدان العربية ، وتتلاعب بمصيرها، ويبدو أن التسمية جاءت بهذا الشكل لإنعاش الأحقاد اليهودية القديمة، والانتقام من نبوخذ نصر، فضلا عن الاستخفاف بالحضارة البابلية التي سحقت اليهود في أورشليم واستعبدتهم في الأزمنة الغابرة. .
من هنا يتضح لنا أن اللافتة التعريفية للقناطر النابوكوية تحمل أكثر من دلالة رمزية، وتستبطن الشر كله، فالكتاب يُعرف من عنوانه. .
خط عرض 33 شمالا
تؤكد الوقائع السياسية أن خط العرض (33)، شمال خط الاستواء، صار بديلا لطريق الحرير، وان هذا الخط نفسه هو الذي سيحقق الأهداف الامريكية، ويساعدها على فرض هيمنتها على ما يسمى (المنطقة الأمريكية الوسطى)، المتمثلة بأقطار الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، فخط العرض (33) لا يمثل بالضرورة درباً لقوافل الحرير، لكنه يماثله من حيث القوة والأهمية، في كونه شريان الطاقة الرئيس في العالم، وهو أيضا شريان النفوذ والسلطة. .
لقد جاءت قناطر خط (نابوكو) لتضع حدا للصراع القديم بين المعسكر الروسي وأنصاره والمعسكر الغربي وحاشيته، وتحقق الحلم بنقل الغاز (أهم مصادر الطاقة) من آسيا الوسطى والمنطقة العربية إلى قلب الاتحاد الأوربي مرورا بتركيا، بدعم مطلق من البيت الأبيض وإسرائيل. .
ان الصراع على مكامن الغاز في بحر قزوين، والمحاولات الروسية الجارية لمنع تركمانستان من تصدير غازها إلى أوربا، ووقوف إيران في صف موسكو، والصراع الجورجي الروسي، والمناوشات الروسية الأرمينية على حقول الغاز، وضع القوى الغربية أمام حالة مصيرية لا تحتمل التأجيل، حالة تستدعي السيطرة على خط عرض (33) بشكل كامل. فإذا كانت الحروب التي شنتها أمريكا وحلفائها في الشرق كانت بدافع السيطرة على حقول النفط، فان الخط (33) المار بأغنى منابع النفط والغاز صار هو الخندق الأمامي للمواجهات الجديدة، وهو البديل الأمثل للصراع القديم على طريق الحرير، لكنه أكثر بطشاً وشراسة منه، وستكون خسائره ببليارات الدولارات، سيما أن اللاعبين في مسارح النظام العالمي هم اليوم أكثر عدوانية ووقاحة، وأكثر عددا وعدة. .
وعلى الرغم من هذا التفوق اختار أنصار النظام العالمي الجديد الحرب الناعمة كغطاء لاحتفالاتهم التنكرية في ملاهي الربيع العربي، فاستهدفوا العواصم العربية الواقعة عند مقتربات الخط (33)، وهم في طريقهم الآن لتخريبه تماما تمهيدا لتعبيده بحجارة حائط المبكى، وإزاحة الأنظمة غير المنسجمة مع تركيبته الإستراتيجية، فالعواصم العربية هي الضحية، بيد أن أقطار الشرق الأقصى تبقى هي المتضرر الأكبر بالمقارنة مع أضرار الفوضى العارمة في الشرق الأوسط.
لمحة
كون هذا الإنبوب الذي يوصف بأغرب مشروع بالعالم كونه تم التوقيع على إنشائه و لم يوقع على اي عقد إمداد له حيث سيبنى الخط, ثم يبحث عن الإمدادات له, و حتى الآن مجهولة منابع الغاز التي ستغذيه بما يراد له, فهو سيصنع أزمات من الشرق الأوسط الى آسيا الوسطى, بحثا عن موارد للغاز.
فمع توقيع اتفاقية خط نابوكو رسميا , و هذا الخط قادر على تحويل تركيا الى عقدة إستراتيجية للعالم حتى أن أردوغان دعا إيران الى المشاركة في الخط , و طبعا هذا حلم و لكن كذلك أردوغان الحالم بأن تسبح تركيا بلد إستراتيجي يجب ضمه للاتحاد الاوروبي دعا روسيا التي تنافس هذا الخط الى الإنظمام إليه, و كما نعلم ان الولايات المتحدة بعد أن قررت هذا المشروع عام 2002 بسنة قامت باحتلال العراق
عواصم اصطفت على الخط الأحمر
تعد سوريا والعراق وإيران ولبنان من الأقطار الواقعة على حافات الخط (33)، وهو الخط الذي شاءت الأقدار أن يمر ببكين وكابل وطهران وبغداد ودمشق وبيروت، ويغذي الأطماع الامريكية منذ اليوم الذي فكرت فيه واشنطن باحتلال أفغانستان والعراق، وفرضت فيه الحصار على إيران، وخلقت الأزمات في باكستان، وحركت الفتن والقلاقل في سوريا، فكل من يقع على هذا الخط الأحمر أو بجواره، ولم يلتحق بالركب الأمريكي، يعد من البلدان المارقة، والأقطار المتمردة، فجاء الدور اليوم على سوريا الواقعة في بوابة البلدان المحاذية لقناطر (نابوكو)، وهذا يفسر إصرار الإدارة الامريكية على إزاحة النظام السوري بالطرق المتاحة وغير المتاحة. .
ومما زاد الطين بلة ان سوريا نفسها أبرمت مع العراق وإيران ولبنان اتفاقاً مبدئيا على مد حزمة جديدة للغاز الطبيعي لمنافسة أنابيب (نابوكو)، تبدأ من بحر قزوين وتنتهي عند السواحل اللبنانية، يزيد طولها على خمسة آلاف كيلومتر، لذا فأن المرحلة الراهنة تقضي بوجوب قيام أمريكا باكتساح النظام السوري، بحيث تضمن الاستحواذ على خطوط الغاز القادمة من مصر وفلسطين ولبنان، وتتمكن من ربطها بخطوط (نابوكو) عبر سوريا الواقعة الآن تحت الضغط التركي النابوكي، واستكمالا لهذه الخطوة وافقت حكومة إقليم كردستان العراق على ربط أنابيب تصدير الغاز في شمال العراق بقناطر (نابوكو)، من دون الرجوع إلى الحكومة المركزية في بغداد، ما يعني فرض العزل التام على الغاز الإيراني، ووأد المشروع السوري الإيراني العراقي في مهده. .