صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 13
الموضوع:

الإضاءة الطبيعية والعمارة قديماً وحديثاً

الزوار من محركات البحث: 418 المشاهدات : 3059 الردود: 12
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من اهل الدار
    شذى الربيع
    تاريخ التسجيل: September-2013
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 54,573 المواضيع: 8,723
    صوتيات: 72 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 30559
    مزاجي: Optimistic
    موبايلي: Note 4

    الإضاءة الطبيعية والعمارة قديماً وحديثاً

    الإضاءة الطبيعية والعمارة قديماً وحديثاً
    أ.د/ وجيه فوزي يوسف


    نشأت الحاجة إلى عمل بيئة صناعية لحماية الإنسان من العوامل البيئية المحيطة بالإنسان والتي تؤثر على نشاطه وإنتاجه، وعندما بدأ في بناء أول مسكن له ولأسرته ولم يخطر على باله فكرة عمل شباك للإضاءة فلقد كانت مواد الإنشاء المتاحة له وهي جذوع الأشجار وسعف النخيل تسمح للضوء بالنفاذ من بينها.
    كذلك فإن فتحة المدخل التي كانت تغطى بجلود الحيوانات كانت كافية للإضاءة.
    ومما هو جدير بالذكر أن كوة السقف أو الشباك السماوي نشأ قبل الشباك وهذا لم يكن لغرض الإضاءة من أعلى ولكن كضرورة لتصريف الدخان المتصاعد نتيجة طهي الطعام أو تدفئة الداخل.
    ولذلك فإن فتحات العصور المبكرة لم يكن المقصود بها الإضاءة ولكن كانت أساساً للتهوية.
    وعندما أستُعمل الطين في البناء فيما بعد، لم يكن من السهل فتح شباك في الحائط الحامل للسقف ولكنه فُتح عند نهاية الحائط بالقرب من السقف.
    كانت كمية الضوء بالداخل كما هي الآن تتوقف على حالة الإضاءة بالخارج ومساحة فتحة الشباك.
    وقد فكر القدماء في التحكم في كمية الضوء الداخل طبقاً للوظيفة المطلوبة، فمثلاً في عمارة المعابد المصرية القديمة كان الهدف من الإضاءة هو إضفاء جو من الغموض والأسرار على المكان ولذلك كانت الفتحات تعمل ضيقة ورفيعة مثل ما هو موجود في معابد مدينة هابو.
    وعندما نشأت الحاجة إلى إضاءة المعابد في العمارة وضعت فتحات الإنارة في المسافة الرأسية بين منسوب السقف كما هو موجود في معبد الكرنك (1530 ق.م.) أما في معبد خونس (1198 ق.م.) فلقد عملت فتحات للإضاءة في سقف الحجرة الشرقية بجوار الهيكل وذلك حتى تسقط أشعة الضوء على تماثيل الآلهة فيؤثر ذلك على من يشاهده خلال ثقب مقام بالحائط. أما في معبدي هاتور (110 ق.م.) ومعبد خونس فلقد لجأ الفراعنة إلى تركيب حجاب من الحجر بين أعمدة رواق المدخل لحجب أشعة الشمس المنعكسة من الصحراء وفي ونفس الوقت تسمح بمرور الضوء السماوي من أعلاها.
    وكان الإغريق مثل بقية شعوب البحر الأبيض المتوسط يميلون إلى الخصوصية في منازلهم ولذلك كانت حجرات المنزل تستمد إضاءتها من فناء سماوي يتوسطها. وكانت شبابيك بعض هذه البيوت ضيقة من فوق ومتسعة من أسفل وذلك لتوزيع الضوء بالتساوي إلى الداخل إذ أن المعروف أن الإضاءة الآتية من السماء أكثر شدة.
    وفي العصر الروماني كانت المباني ضخمة لتستوعب أعداداً كبيرة من الجمهور، وقد أمكن تغطية مثل هذه المساحات الكبيرة بالقبوات نتيجة استخدام مادة البوتسلانة التي ابتكرها الرومان. ولقد وضعت الشبابيك في المساحات نصف الدائرية الموجودة في نهايات القبوات أعلى الحوائط.
    ففي بازيليكا مكسينتوس استخدم الرومان الضوء لشد انتباه الناس في معابدهم وذلك بتركيز الضوء في الجزء المراد التركيز عليه وخفضه في باقي أرجاء المعبد. ففي سانت فيتال فُتحت الشبابيك في المثمن الحامل للقبة المركزية لإضاءة صحن الكنيسة بينما خفضت الإضاءة في الأروقة المحيطة به بدرجة ملحوظة بواسطة شبابيك مُركب عليها مشربيات.
    أما في العصر البيزنطي المبكر فلقد عمد البناءون إلى وضع ألواح من الألابستر المثقوبة بكامل مساحة الشبابيك للتقليل من حدة الضوء الداخل بدون إظلام المكان.
    وأمتاز العصر الرومانسكي بثقل الحوائط وضخامتها ولذلك عمد البناءون إلى التخفيف من سمك الحائط على جوانب الشبابيك ولقد أدى ذلك إلى زيادة كمية الضوء الداخل إلى هذه الأماكن.
    ولما كانت الرغبة في حماية الكاتدرائيات من الحريق فلقد أدى ذلك إلى التخلي عن تغطية المبنى بالعروق والألواح الخشبية واستبدلت بالتغطية بأسقف (مقببة) بأعصاب إنشائية واستخدموا قمريات علوية لإضاءة هذه الأسقف فأعطت ظلالا وأضواء زادت مظهر الكاتدرائية جمالاً من الداخل.
    وشكلوا الأعمدة بحليات على هيئة حلزونية ووضعوا شباك دائرة أعلى المدخل المواجه للهيكل فزاد المنظر روعة مثل كاتدرائية دور هام عام 1093م.
    ضوء رمادي
    ولما كان الضوء في شمال أوروبا رمادي اللون نتيجة لتكاثر الغيوم وانخفاض زاوية الشمس، فلقد تميزت كاتدرائيات القرون الوسطى بسعة فتحات الشبابيك التي استخدمت فيها الزجاج الملون لاستبدال الضوء الرمادي بالضوء الملون.هذا بعكس كاتدرائيات إيطاليا التي جاءت فتحات شبابيكها ضيقة كانعكاس لظروف شدة الضوء هناك. وفي جنوب إيطاليا عُملت الشبابيك أضيق من شبابيك الكاتدرائيات بالشمال، مثال ذلك نجده في سانتا ماريا دونارجينا 1307 وسانتا ماريا ييرا دالجرميني 1370.
    وعندما بُنيت الكاتدرائيات في أسبانيا بدون مراعاة لظروف الإضاءة بها نقلاً عن أوروبا، كانت النتيجة إضاءة شديدة تصحبها حرارة عالية، ولذلك فلقد قاموا بسد معظم هذه الشبابيك كما حدث في أمريكا فيما بعد عندما نقلوا تصميمات الكاتدرائيات عن أوروبا فلقد وجدوا أن الإضاءة بالداخل ليست بالجمال الذي وجدوه في أوروبا، وبدلاً من أن يسدوا هذه الشبابيك لجئوا إلى وسائل للتخفيف من حدة الضوء منها إضافة اللون السماوي إلى الزجاج الملون، وقد نتج عن ذلك ضوء خافت إلا أنه في الأيام الملبدة بالغيوم وجدوا أن المظهر بالداخل يخيم عليه الظلام والكآبة.
    ولحل هذا الإشكال لجأ الفنانون إلى ترتيب الزجاج الملون بدرجات مختلفة والاستفادة من خاصية الإشعاع لبعض الألوان ذات البريق الخاص. وفي أماكن أخرى قاموا بدهان الزجاج الملون ليس بكامل المساحة ولكن على هيئة بقع وخطوط.
    عصر النهضة
    ومع اختراع الطباعة في عصر النهضة وازدياد الإقبال على القراءة والمعرفة، نشأت الحاجة إلى استخدام الشبابيك الواسعة وظهرت الشبابيك المستطيلة ذات الأعتاب المرتفعة.وكان من وراء هذه الحركة ليون ألبرتي الذي لم يعتنق نظريات أفلاطون وفيثاغورس ولكنه كان يؤمن بنظرية الجسيمات وتعامل مع الضوء على أنه يسير في خطوط مستقيمة من السماء إلى الجسم وأنه ينقطع إذا اعترضه جسم معتم.
    وكان من نصائحه أن الشبابيك يجب أن تكون مستطيلة بأعتاب عالية حتى تنفذ الإضاءة الآتية من السماء داخل المبنى، ويقول أن ذلك هو الوضع المنطقي للشباك لأننا على حد تعبيره «…نرى السماء بأعيننا وليس بكعوب أرجلنا» ولقد ظهر انعكاس ذلك على مبانيه المشهورة في فلورنسا ومنها قصر روكيلي عام 1446.
    وبعكس ألبرتي فإن بالاديو وهو أيضاً من رواد عصر النهضة قد اعتمد في إضاءة مبانيه على الإضاءة الناتجة من انعكاسات البيئة المحيطة بمبانيه أكثر من اعتماده على ضوء السماء مباشرة ولذا ظهرت في مبانيه البواكي والأروقة المقنطرة والبروزات والكرانيش لحماية المباني من أشعة السماء المباشرة.
    ترى أمثلة لذلك في فيلا سراسينو في فيتالي وفيلا ساريجو في بلدة القديسة صوفيا دي باديمنتو وأيضاً في قصر شيريكاتي بفينسيا.
    وفي جميع الحالات سواء بالنسبة لألبرتي أو بالاديو أو غيره فلقد كان للتمسك بنظرية التماثل أثرة على مباني هذا العصر.
    فلقد نتج عن ذلك أن أصبحت حجرات صغيرة تحتوي على شبابيك مثل الحجرات الكبيرة إن لم تكن لها شبابيك أكثر عدداً ومثل ذلك قصر فارنيز بروما الذي بناه أنطونيو دي سان جالوا الصغير سنة 1534 وقصر ماسيمى الذي بناه بلدسار بيرونزي وأيضاً مبنى المكاتب الذي بناه فازاري سنة 1560 في فلورنسا.
    ففي قصر فارنيز توجد حجرات صغيرة تحتوي على شبابيك أكثر عددا من حجرات تكبرها في المساحة، ولما قام مايكل أنجلو بتعلية هذا المبنى قام بعمل الشبابيك أطول من الموجودة بالأدوار السفلية.
    وفي قصر ماسيمي الذي بناه بيروتزي فإنه جعل شبابيك الدور الأرضي يحميها الظل ولم يقابل ذلك توازن في شبابيك الأدوار العلوية مع أن وظيفتها لم تتغير.
    وفازاري فعل نفس الشيء في مبنى المكاتب ولو أنه أبقى على تعبير القوة والمتانة التي تميزت بها مباني عصر النهضة منذ بدايته.
    يتضح من الأمثلة السابقة أن الاهتمام لم يكن بتحديد كمية الإضاءة بالمبنى بقدر الاهتمام بالمظهر الخارجي للواجهات.
    معركة بين الكتلة والضوء
    لقد قمت بدراسة واستكشاف مباني مايكل أنجلو وجواريني لمعرفة كيف كانا يعالجان مشكلة إضاءة مبانيهما.لقد تبين من الدراسة أن مايكل أنجلو استخدم الإضاءة كما يفعل المصور الفوتوجرافي. فكان يهدف إلى توزيع معين للإضاءة بحيث يُظهر تماثيله والأعمال الفنية داخل المكان. فاستخدام الإضاءة ليس لأغراض وظيفية ولكن لإضاءة المباني لتستعمل خلفية لتماثيله.
    أما جواريني فلقد كان منهمكاً في اختراع مساقط ذات أشكال هندسية جديدة، واتخذ المستطيل أساساً لها. ولما لم يبلغ مراده بهذه الوسيلة ترك الخطوط المستقيمة ولجأ إلى عالم المنحنيات ولقد استطاع أن يبتكر مساقط أفقية قلبت أوضاع العمارة رأساً على عقب حتى لقد وُصِف الطراز الناتج عن هذا التصميم «الطراز الباروك» أي الطراز غريب الشكل.
    فالمعروف أن الإضاءة المنعكسة من أسطح مستوية تختلف عن الإضاءة التي تنعكس حسب تسليط الضوء عليها ويمكن بواسطة التحكم في مصادر الضوء جعل المكان يظهر على غير حقيقته. فالأسطح المنحنية في مباني جواريني التي هي في الواقع متصلة ظهرت منفصلة تحت وطأة التباين الضوئي الشديد.
    والضوء الذي كان من المفروض أن ينعكس على أجزاء المبنى أنعكس على الوجوه. والخطوط والمستويات التي كان من المفروض أن يحددها الضوء ظهرت متآكلة بسبب فوضى الإضاءة هذه.
    وباختصار بقد نشبت معركة بين الكتلة والضوء. ولقد نجح جواريني في تغيير مفهوم المكان من كونه هندسي محدد إلى مكان تخيلي يسمح للناظر بأن ينتقل بنظره بعيداً عن حدود المبنى ولكنه تحكم في حركة الناس داخل المبنى بواسطة إيقاع متكرر لعناصر المبنى نحو اتجاه محسوب.
    الإضاءة والعمق
    استخدم مهندسو الباروك الإضاءة لإعطاء الإحساس بالبعد الرابع وهو العمق.فعندما أكمل بروميني وبرنيني قصر باراباريني الذي بدأه مادرنا سنة 1628 جعلوا الأكتاف المحيطة بالشباك تنفرج إلى الخارج فتعطي الإحساس بالعمق المنظوري.
    وتوجد أمثلة أخرى لبرنيني في هذا الإتجاه مثل السلالم الملكية بقصر الفاتيكان بروما سنة 1663 وفي تصميم الممرات المسقوفة بميدان القديس بطرس سنة 1656.
    ومن الابتكارات في عالم الإضاءة قديماً هي فكرة عمل ملاقف للضوء. فلقد ابتكر نارقيسو توما طريقة نقل الضوء من مستوى رأسي إلى مستوى أفقي عن طريق ملاقف صممها مثل ملاقف الهواء، ففي كاتدرائية توليدو التي كانت أصلا كاتدرائية قوطية من القرن الثالث عشر، أزال نصف القبو المغطي لرواق الهيكل وأقام عليه ملقف الضوء هذا.
    غرام خرائب روما
    وفي منتصف القرن الثامن عشر حوالي 1760 ظهرت في إنجلترا الحركة الرومانتيكية ووقعوا في غرام خرائب روما.وكان الشعراء وراء هذه الحركة وكذلك بإيعاز من المهندس الإيطالي جيوفاني. وأكثر من انجذبوا إلى هذا الاتجاه هم التجار أغنياء الحرب الذين أرادوا بواسطة إقامة مثل هذه المباني الإيماء بأنهم من أسر عريقة وأصيلة، وأندفع المعماريون الذين لم يسبق أن ذهبوا إلى روما إلى إقامة أبنية لها طابع كلاسيكي على أنها تقليد دقيق لما كانت عليه العمارة في روما.
    وبالرغم من ذلك فلقد ظهر في إنجلترا الشباك الخرجة أو البارز والذي استخدم بصفة عامة في القرن الثامن والتاسع عشر.
    ومن فائدة هذا الشباك أنه يعطي كمية ضوء كبيرة في المساحة القريبة من الشباك وهذا مطلوب بالنسبة لطبيعة الضوء بإنجلترا. أما في فرنسا فلقد ابتكروا الشبابيك الشيش والزجاج وكانت هذه الشبابيك تفتح على بلكونات لها كوبيستات من الحديد المشغول حتى لا تحجز الضوء عن الداخل.
    أما الشيش أو الحصيرة فلقد كان الغرض منه التحكم في شدة الضوء ومنع الشمس عند اللزوم.
    وهذا الابتكار ما زال يستعمل إلى يومنا هذا في منطقة الشرق الأوسط بعد أن ثبت فائدته في تكييف الإضاءة.
    وفي بداية القرن العشرين اتجهت العمارة إلى نظرية تداخل الخارج بالداخل وقد بدأها فرانك لويد رايت بواسطة عمل التراسات والكوابيل وفتح الحجرات على بعضها وتبعه في هذا الإتجاه والتر جروبيس الذي صمم مصانع فاجوس في الفلد بالقرب من هانوفر عام 1911. فلقد وضع على أركان المبنى شبابيك زجاجية بدون عوارض. وفي مبنى المكاتب الذي أنشأه في كولونيا سنة 1914 أخذ الزجاج وظيفة الحائط وتراجعت السلالم الحلزونية وراء أبراجها الزجاجية.


    مبنى مصنع فاجوس، أقيم عام 1911 من تصميم والتر جروبيس وأدولف مائير، الوجهات من الزجاج للإضاءة الطبيعية.
    لقد كان هدف هؤلاء الرواد هو قطع الصلة بالماضي والاستعداد للدخول في عصر التكنولوجيا الحديثة.
    لقد زحف إلى المدن أعداداً كبيرة من العمال وكبرت، لذلك فكر المهندسون في تسكين هذه الأعداد بطريقة عملية ورخيصة. كذلك فإن مواد جديدة استحدثت ودخلت العمارة فأصبحت الحوائط خالية من الزخارف واستعمل الزجاج بكثرة.
    وكان فرانك لويد رايت ينظر إلى الضوء على أنه مصحوب بحرارة ولذلك جاءت معظم فتحات مبانيه مظللة ببروازات وبلكونات.
    ومع أنه عمل قبة زجاجية في متحف جوجنهايم بنيويورك إلا أنه لم يستخدمها لإضاءة المعروضات. ولما صمم مبنى شركة جونسون للشمع وأضاء الصالة الرئيسية من فوق فإنه زودها بكاسرات للضوء بواسطة الأعمدة الحاملة للسقف إذ عملها على شكل نبات عش الغراب وجعلها تتلامس من أعلى لتحمي الداخل من بريق السماء.



    متحف جوجنهايم بنيويورك عام 1956 من تصميم فرانك لويد رايت، وترى فتحات مظللة لإضاءة المعروضات تعلوها قبة في الوسط تضيء صالة الجمهور في الدور الأرضي.


    صالة شركة جونسون للشمع. تصميم فرانك لويد رايت.
    ولقد فسر رايت سبب وضعه للمظلات فوق الشبابيك بأن ذلك يزيد من الإضاءة الداخلية حيث ينعكس الضوء من (بطنية) المظلة ويوجهها إلى الشباك.
    وفي الواقع إن التحليل العلمي أثبت أن رايت على حق في بعض ما ذكره ومخطئ في بعض منه. فالشباك بدون مظلة يعطي ضوء شديد عند المساحة القريبة من الشباك وأقل بكثير في نهاية الحجرة المواجهة للشباك، ولذلك يشعر الإنسان أن الضوء غير كاف. وعند وضع المظلة على الشباك فإن الإضاءة القريبة من الشباك تقل عن الحالة الأولى وتعمل المظلة على انعكاس بعض الضوء الخارجي تجاه نهاية الغرفة فيتحسن توزيع الضوء بالمكان ويشعر الإنسان أن الضوء تحسن فعلاً.
    أما لوكوربوزييه فإنه استخدم الضوء لإظهار عناصر المبنى التي تتكون من أشكال هندسية بسيطة مثل المكعب والاسطوانة والمخروط والكرة، وكان يدرس تأثير حركة الشمس على هذه الأشكال. كذلك الألوان وتأثيرها على الإنسان حسب ثقافته وقدراته الذهنية لفهمها.
    لذلك جاءت مبانيه غريبة الأشكال عما كان سائداً في عصره.
    وابتكر الشباك الشريطي الأفقي وقال أنه يعطي إضاءة مقدارها ثماني أضعاف الإضاءة التي يعطيها شباك مستطيل له نفس المساحة إلا أن الأبحاث التي قمت بها بجامعة بنسلفانيا بأمريكا أثبتت خلاف ما ذكره.
    لقد ثبت بما لا يدعو مجالاً للشك أن الشباك المستطيل يعطي إضاءة أفضل كثيراً من الشباك الأفقي الشريطي الذي يساويه في المساحة.


    عمارة سكنية من تصميم لوكوربوزييه في مرسيليا عام 1947، وقد درس المبنى بالنسبة لحركة الشمس وتعاملها مع الواجهات.
    وبعكس لوكوربوزييه فإن ميس فان درروه لم يكن يهتم بالشكل التصويري للمبنى بقدر اهتمامه بقدرة الضوء على إظهار المكان وإيضاح عناصره الموزعة بنظام صارم.
    لقد كان ينظر إلى الضوء على أنه مصدر عالمي ليس له علاقة بمكان أو طراز معين. وكان المبنى بالنسبة له شيء يعيش أطول من الإنسان. وأن مبانيه سوف تشهد للتاريخ عما كانت عليه التكنولوجيا في عصره.
    وكان مما قاله إلى تلاميذه في معهد إلينوي للتكنولوجيا «أن الغرض الذي يخدمه المبنى يتغير باستمرار وليس بوسعنا هدم المبنى ولذلك فنحن نقلب شعار لويس سوليفان – صاحب العبارة المشهورة الشكل يتبع الوظيفة- رأساً على عقب ونبني فراغاً مناسباً اقتصادياً لإمكانية تلائم الوظيفة فيه إذا تغيرت.»
    والنتيجة أن مبانيه تقف بهياكلها لا تتغير بينما الوظيفة فيه تتغير. هذه الهياكل يغلفها الزجاج من جميع الجهات، أي حوائط أقل وإضاءة أكثر.


    مبنى سيجرام من تصميم ميس فان درروه بنيويورك عام 1958 ومبدأه أن العمارة تعيش أكثر من الإنسان وهي التي تحكي للتاريخ تطور تكنولوجيا البناء.


    مساكن على شاطئ البحيرة في شيكاجو عام 1950 من تصميم ميس فان درروه. ونلاحظ أن الحوائط أقل لتعطي إضاءة أكثر.


    صالة التاج بمعهد إلينوي للتكنولوجيا بشيكاجو من تصميم ميس فان درروه عام 1952 وهي صالة من الزجاج للرسم ولكن يمكن أن تتغير الوظيفة داخلها وبناء الشكل لا يتغير.
    أما لويس كان فإنه ينظر إلى الضوء على أنه يعطي المبنى طابعاً معيناً يميزه عن أي شيء آخر وأن على المبنى أن يتفتح لاستقبال هذا الضوء الذي سوف يميزه.
    لقد قال أن الإضاءة الطبيعية تعطي أجواءاً مختلفة للحجرات. فالحجرة التي تستقبل الإضاءة من الشمال والغرب لها طابع يختلف عن الحجرة التي تستقبل الشمس من الشرق والجنوب. وبذلك فإن الشباك الذي يستقبل ضوء من توجيه معين يجب أن يختلف تصميمه عن شباك يستقبل ضوء من توجيه مختلف.
    ويجب أن يكون لكل حجرة الإضاءة الخاصة بها حتى إذا ما توجه الشخص إلى هذه الحجرة في ساعة معينة من النهار فإن ذاكرته سوف تدله على ما سوف يقابله من تأثيرات هناك. ولقد قال أن حجب المنشأ عن الضوء هو إضاعة فرصة للاستفادة من مميزات الإضاءة الطبيعية.
    لقد كان ضد فكرة استخدام الإضاءة الصناعية في المباني وقال إن أي حجرة تضاء صناعياً لا تستحق أن تسمى حجرة. إننا نعيش فيها كأننا دائماً في ظلام الليل.
    أما بالنسبة للأماكن العميقة بالمبنى فمن رأيه أن تستمد إضاءتها من السقف ولقد فعل ذلك في مبنى مساكن الطلبة في برين ماور وكنيسة روكستر واستخدم الأكتاف العريضة على جانبي الشبابيك للتخفيف من حدة الزغللة عند النظر إلى الشباك وقال: أنه أحس بأن هذه هي رغبة الشباك نفسه.


    مبنى مساكن الطلبة في برين ماور.


    كنيسة روكستر.
    ومن وجهة نظر «كان» إن على المعماري أن ينظر إلى مساقطه الأفقية كما ينظر الموسيقي إلى نوتته الموسيقية. أي على أنها فراغات تتوافق ضوئياً.
    وحتى إذا كان المكان مصمم ليكون مظلماً فيجب عمل فتحة ما في مكان ما لتعطي فكرة عن مقدار ظلمتها.
    يقول «كان» إن كل شباك يجب أن يواجهه حائط ويجب أن يكون هذا الشباك مفتوح ليستقبل أكبر قدراً من الضوء. فالحائط المواجه للشباك سيضاء من الشباك وإضاءته هذه سوف تقلل من الزغللة في الحجرة.
    ولقد عارض «كان» عمل البرجولات ويقول أسوأ شيء هو تقطيع السماء إلى قطع صغيرة تنفر الإنسان من المكان نفسه.
    وهكذا قد رأينا كيف تأثرت العمارة خلال مراحل تطورها بالإضاءة الطبيعة التي لعبت دوراً كبيراً في تصميماتها وفي الشعور النفسي لشاغليها. وكيف كان لتطور التكنولوجيا أثرها الكبير على حل المشاكل التي كان يواجهها المهندسون لإضاءة الأماكن بدون الإخلال بسلامة المنشأ.
    كذلك تغير الضوء من قطر إلى قطر على تصميم الفتحات وعلى كمية الضوء والحرارة الداخلة إلى عناصر المبنى.
    ورأينا كيف كان للعوامل الاجتماعية من عادات وتقاليد والظروف الاقتصادية التي دفعت بالناس إلى المدن أثرها على على نوعية الإضاءة وكميتها ولعل الجزء الخاص بتأثير الإضاءة الطبيعية على سعادة الإنسان السيكولوجية والصحية لم يُعطى العناية الكافية بسبب الضغط على الإسكان وقلة الموارد المالية.

    المراجع
    - مقال من مجلة المهندسين، السنة 37، أكتوبر 1981، ص 64 - 69.
    - تمت إضافة بعض الصور غير موجودة بالمقال الأصلي.

    منقووول

  2. #2
    من أهل الدار
    ★l̃̾σ̃̾я̃̾d̃̾★
    تاريخ التسجيل: September-2012
    الدولة: Iraq - Wasit - AL Kut
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 16,719 المواضيع: 1,713
    صوتيات: 53 سوالف عراقية: 2
    التقييم: 11280
    مزاجي: كـ{مَــوؤـج الــبَحَـر}
    المهنة: Biological
    أكلتي المفضلة: Pizza
    موبايلي: I phone
    آخر نشاط: 26/April/2021
    مقالات المدونة: 28
    تقرير مميز
    شكرا لجمال موضوعاتكِ الراقية
    نترقب جديدكِ بشوق اختي الغالية
    تحياتي العطرة بالمودة و الاحترام

  3. #3
    من المشرفين القدامى
    تاريخ التسجيل: October-2013
    الدولة: عراقي الهويه --- جنوبي الهوىے ›› ❤️العراق❤️
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 15,948 المواضيع: 3,667
    صوتيات: 32 سوالف عراقية: 1
    التقييم: 7241
    المهنة: موظف
    أكلتي المفضلة: الفاصوليا
    موبايلي: +SAMSUNG S8
    آخر نشاط: 17/July/2023
    مقالات المدونة: 5
    شكرا لك

  4. #4
    من اهل الدار
    شذى الربيع
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كبريائي قاهرهم مشاهدة المشاركة
    تقرير مميز
    شكرا لجمال موضوعاتكِ الراقية
    نترقب جديدكِ بشوق اختي الغالية
    تحياتي العطرة بالمودة و الاحترام
    يسعدني كثيرا مرورك الراقي وردودك الرائعة
    جزيل الشكر والامتنان للتقييم
    دمتم بود اخي الكريم ..

  5. #5
    من اهل الدار
    شذى الربيع
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حيدر الغديري مشاهدة المشاركة
    شكرا لك
    نورت حيدر تشرفت بمرورك

  6. #6
    من المشرفين القدامى
    تاريخ التسجيل: June-2014
    الدولة: العراق
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 5,184 المواضيع: 343
    التقييم: 1702
    مزاجي: عادي
    أكلتي المفضلة: السمك الشوي
    موبايلي: دوز كور
    آخر نشاط: 23/October/2016
    شكرا للطرح

  7. #7
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: June-2014
    الدولة: واَنـتـه شـعـلـيـك
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 987 المواضيع: 4
    صوتيات: 1 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 40
    مزاجي: ضــايجــه
    آخر نشاط: 30/August/2014
    شؤؤكرا لك

  8. #8
    من المشرفين القدامى
    qamar
    تاريخ التسجيل: February-2014
    الدولة: Nasiriyah
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 27,507 المواضيع: 3,131
    التقييم: 7377
    مزاجي: الحمدالله
    المهنة: Student
    أكلتي المفضلة: ڊوُلُمْة
    موبايلي: x1 + note3
    آخر نشاط: 4/March/2024
    مقالات المدونة: 5
    شكرا عزيزتي

  9. #9
    من اهل الدار
    شذى الربيع
    شكرا لتواصلكم احبتي
    دمتم بخير ..

  10. #10
    الموسويه
    تاريخ التسجيل: April-2014
    الدولة: ذي قار
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 2,768 المواضيع: 236
    صوتيات: 8 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 607
    مزاجي: حـــــزيـــــنــــــه
    المهنة: طالبه جامعيه
    أكلتي المفضلة: دولمه
    موبايلي: IPhone
    آخر نشاط: 22/September/2016
    مقالات المدونة: 3
    شكرا

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال