لليوم الثاني على التوالي تواصلت ردود الفعل المختلفة بشأن قرار مجلس محافظة صلاح الدين الخاص باعتبار المحافظة اقليما مستقلا، ففيما ايد بعض السياسيين القرار، رفضها نواب ومسؤولون محليون، عادين اياها خطوة باتجاه “تقسيم العراق”.
في غضون ذلك، اكد خبير قانوني ان القرار يبقى معلقا لحين صدور قانون يشرعه البرلمان.
رؤية قانونية
وقال الخبير القانوني طارق حرب: انه “على الرغم من ان الطلب متضمن في المواد الدستورية، الا ان المادة القانونية رقم 13 لسنة 2008 التي تبين تكوين الاقاليم حددت آلية تنظيم المحافظة باقليم بينما اغفلت ذكر آلية الاستفتاء في حال تحول المحافظة الى اقليم”.
واضاف حرب في تصريح لـ”الصباح” انه “وبأثره لابد من ذكر او صدور قانون ينظم طريقة الاستفتاء الخاص لاعلان المحافظة اقليما وبخلافه لا يمكن للمفوضية ان تقوم باي اجراء ما لم يصدر قانون يبين آلية الاستفتاء لاهالي المحافظة في مسألة اعلان المحافظة اقليما”.
يشار الى ان مجلس محافظة صلاح الدين اعلن المحافظة اقليما اداريا واقتصاديا في جلسة استثنائية عقدها الخميس الماضي، حيث صوت المجلس بالاجماع في الجلسة التي حضرها 20 عضوا من اصل 28 بجعل المحافظة اقليما، فيما لم يحضر عضوا ائتلاف دولة القانون جلسة التصويت من دون معرفة الاسباب.
الظرف غير مناسب
من جانبه، قال النائب عن التحالف الوطني عامر ثامر: ان “الدستور يسمح باقامة الاقاليم على اساس جغرافي واداري، ولكن نعتقد ان الظرف الحالي ومطالب مجلس محافظة صلاح الدين باعلان المحافظة اقليما لم تتهيأ الارضية المناسبة لها، حيث ان حداثة التجرية لا تجعلها مقبولة لدى المواطن العراقي”.واضاف ثامر لـ”الصباح” ان “الظروف والاجواء الحالية لا تسمح باعلان المحافظة اقليما في الوقت الراهن والامر بحاجة الى مراجعة، اضافة الى اهمية ان تستوفي المسألة الشروط من حيث الدراسة والتخطيط الاداري والمالي وتهيئة الارضية المناسبة بما يسمح بنجاح المشروع وانسجامه مع الدستور”.واوضح ثامر ان “مثل هذا التوجه لا يمكن ان يبنى على ردة فعل غير محسوبة او عن شعور بالغبن او خلافات سياسية كما اظهر القائمون عليها، رغم انه دستوري ولا يمكن ان نختلف عليه، لكن ربما باستيفائه لشروط انجاح المشروع وتحديد آلية تصويت الناخبين ورفع الطلب الى الجهات المعنية لتستعد المفوضية لاجراء الاستفتاء لاهالي المحافظة”.واشار ثامر الى ان المبادرة والتجربة يمكن ان تشمل المحافظات التي تتمتع بموارد اقتصادية وادارية جيدة مثل البصرة او غيرها من المحافظات على ان لا تكون المطالبات مبنية على اساس عرقي او طائفي او اهدافه سياسية.
فكرة لن تحظى بالقبول
بدوره، اكد النائب عن ائتلاف دولة القانون سلام المالكي احقية المحافظة الدستورية في المطالبة باقليم، لكن نعتقد ان المطالية في الوقت الراهن تقف في طريق نجاح مشروع الاقاليم لان الارضية غير مهيأة في الوقت الراهن لتنفيذ مثل هكذا مشاريع.وافاد المالكي لـ”الصباح” بان “الفكرة لن تحظى بالمقبولية من اهالي المحافظة”، داعيا الى التريث في طرح المسألة لاعداد ما يلزم لانجاح المشروع لانه حق دستوري وهذا امر لا نختلف عليه.. انما الدعوة لاقامة اقليم بدافع التهميش او الاقصاء لتبنى هذه الافكار والدعوة الى الفيدراليات امر سيجعل العراق عبارة عن دول صغيرة. ونحن مقبلون على مرحلة حرجة وبحاجة الى الوحدة الوطنية والتكاتف لمواجهة التحديات الخارجية مع الانسحاب الاميركي.
مسألة مقلقة
وفي السياق نفسه، عد النائب عن كتلة الاحرار التابعة للتيار الصدري جواد الجبوري اعلان محافظة صلاح الدين اقليماً بالامر المقلق.وقال الجبوري في تصريح صحفي:”رغم ما نص عليه الدستور بإن تشكيل الاقاليم استحقاق لكل من يرى في نفسه قدرة وامكانية على تشكيل اقليم، الا ان هذا الامر في الوقت الحاضر غير مرحب به من اغلب النواب والسياسيين، وقد يشكك به”.وأضاف الجبوري ان “العراق بإمس الحاجة في الوقت الحاضر الى وحدة وطنية مشتركة وعمل موحد، خاصة في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها العراق حالياً”.واشار الى ان “الوقت الحالي يستدعي تضافر جميع الجهود ، خاصة تعاون الحكومات المحلية مع الحكومة المركزية، مبيناً ان “اعلان محافظة صلاح الدين لم يحظ بإي ترحيب سياسي وبرلماني”.
الحاجة الى اتفاقات
وحمّل النائب عن حزب الفضيلة محمد الهنداوي، مجلس محافظة صلاح الدين وبعض الاطراف السياسية مسؤولية اعلان المحافظة اقليما.
ورأى في تصريح نقلته وكالة نينا للانباء ان مجلس محافظة صلاح ليس لديه بعد نظر وحكمة، فيما تستغل بعض الاطراف السياسية ملفات سياسية للكسب الجماهيري، على حد قوله.وتابع الهنداوي:”يبدو ان هناك محافظات اخرى في طريقها لاعلان نفسها كاقليم، وهذا الامر يحتاج الى اتفاقات وهي لم تحصل، ما يعني اننا مقبلون على ازمة جديدة في البلاد “.
امر دستوري
بالمقابل، عدّ النائب عن القائمة العراقية /تحالف الوسط/ سليم الجبوري، قرار مجلس محافظة صلاح الدين باعلان المحافظة اقليماً بانه “حق من حقوق المحافظة وفق ما نص عليه الدستور”.
وقال في بيان صحفي: ان “القرار جاء نتيجة سياسة التهميش والقرارات والإجراءات الأخيرة من جانب الحكومة ضد أبناء المحافظة، الأمر الذي أعطى دافعاً قوياً للتحفيز على انشاء اقليم”.واشار الجبوري الى انه حتى في حال عدلت الحكومة عن اجراءاتها ضد أبناء المحافظة، فأنهم لن يعدلوا عن قرارهم “لان الأمر اتخذ باتجاه قرار معين وليس لغرض سياسي آني”.
حل ايجابي
كما وصفت النائبة عن التحالف الكردستاني اشواق الجاف فكرة انشاء الاقاليم بانها دستورية وجاءت وفقا للمادة /119/ من الدستور.وقالت في تصريح صحفي: ان “اقامة الاقاليم حل ايجابي في ظل الوضع السياسي المتردي، وانتهاك حقوق الانسان المتمثلة بعدم توفير فرص العمل وسوء الخدمات”.واضافت الجاف ان “عدم تمكن الحكومة المركزية من تلبية طموحات المواطن وكذلك شعور البعض بالتهميش شجع على نشوء فكرة اقامة الاقاليم”.
وتابعت: ان “انشاء الاقاليم مادة دستورية وحق مشروع، اضافة الى انها توفر الخدمات بصورة مباشرة للمواطن، وان نموذج اقليم كردستان خير مثال على ذلك”.
واوضحت ان “الاقليم الاداري والاقتصادي يستطيع ان يوفر الامن وكذلك النهوض باقتصاد المحافظة ضمن العراق الواحد”، مبينة ان من يرى في اقامة الاقاليم تقسيما للعراق مخطئ لانها ستكون ضمن العراق الواحد وترتبط بالمركز كما في اقليم كردستان الذي يمتلك استقلالية واسعة الا انه ضمن حدود المركز.واستطردت قائلة: “ان الاقليم له صلاحيات لكنه يخضع لتوجيهات المركز والدستور ومثلما له حقوق فان عليه واجبات”، مشيرة الى انه لا يوجد مبرر للتخوف من انشاء الاقاليم.
الانبار تدرس الفكرة
وفي الانبار، أكد زعيم صحوة العراق أحمد أبو ريشة أن الأنبار ستدرس إمكانية إقامة إقليم دون التصويت عليه.
وقال أبو ريشة في تصريح نقلته وكالة “السومرية نيوز”: ان “مجلس محافظة الأنبار سيعقد اليوم اجتماعا طارئا لمناقشة إمكانية اتخاذ قرار بشأن الفدرالية الإدارية ومنح الصلاحيات الواسعة للمحافظة”، مبينا أن “المجلس سيدرس إمكانية إقامة إقليم فدرالي كما نص عليه الدستور دون أن يصوت عليه”. وأضاف أبو ريشة ان “الفدرالية ليست تقسيما، وإنما ممارسة لصلاحيات واسعة تتيح للمحافظة البناء والإعمار وفقا للدستور الذي وضعه من هو موجود الآن في رئاسة الحكومة والجمهورية”، مؤكدا أن “محافظة الأنبار ومجلس صحوات العراق يقف بشدة ضد مشاريع تقسيم العراق”. وأوضح أن “المجلس سيناقش أيضا موضوع اعتقالات ضباط الجيش العراقي من قبل قوات أمنية واقتيادهم الى بغداد”، معتبرا أن “هذا الأمر تجاوز من الحكومة المركزية على صلاحيات المحافظة التي تمتلك قوات أمنية ومحاكم ومجلس قضاء”. وأشار زعيم صحوة العراق الى أن “مجلس المحافظة أصابه الملل من الذهاب إلى العاصمة بغداد ولقاء كبار المسؤولين في الحكومة المركزية دون جدوى أو إي استجابة”، لافتا إلى أن “الأمور تسير بطريق مسدود مع المركز”.
وكان محافظ الأنبار قاسم الفهداوي أكد امس، أن وزارة الداخلية تعهدت بإطلاق سراح المعتقلين من أهالي المحافظة خلال 48 ساعة، وأشار إلى وجود اعتصامات في مدن المحافظة وغضب شديد في الشارع تجاه الحكومة، كما طالب الأخيرة بالتعقل وعدم اتخاذ إجراءات تخلق أزمات بينها وبين المحافظات. وكان نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار سعدون الشعلان أكد امس الاول أن الوضع في محافظة الأنبار تأزم بعد حملة الاعتقالات ونقل المعتقلين إلى بغداد، لافتا إلى أن المجلس دعا لعقد جلسة طارئة امس لمناقشة الرد المناسب على التجاوزات الحاصلة على الأنبار من قبل الحكومة الاتحادية وملف المعتقلين.
واسط ترفض الاقاليم
اما في واسط، فقد اعلن مجلس محافظة واسط رفضه المطلق لتشكيل اقاليم على اساس طائفي.
وقال رئيس مجلس واسط محمود عبد الرضا خلال مؤتمر صحفي حضرته “الصباح” امس: ان “مجلس واسط يرفض تشكيل اقاليم على اساس طائفي وفئوي, كما يتم الترويج لهذه الفكرة من قبل بعض مجالس المحافظات”.
وتابع: “اننا لا نؤيد فكرة تشكيل الاقاليم في ظل هذه الظروف والتحديات التي يواجهها العراق والمحاولات الرامية من قبل بعض الاجندات الى عرقلة مسيرة البناء والاعمار والوحدة الوطنية”.واضاف “اننا ندعو الحكومة المركزية الى ضرورة منح مجالس المحافظات العراقية صلاحيات اوسع للتعاقد مع الشركات الاجنبية والمحلية وتنفيذ مشاريع الاعمار”.
العراقية ترفض
في تلك الاثناء، أعلنت القائمة العراقية رفضها لقرار مجلس محافظة صلاح الدين بإعلان المحافظة إقليما إداريا.
وقال مسؤول الهيئة التنسيقية للقائمة العراقية عضو حركة الوفاق الوطني عبد الكريم الجبوري في مؤتمر صحفي امس نشرته وكالات انباء: ان “القائمة العراقية تقف بالضد من قرار مجلس محافظة صلاح الدين باعلانها إقليما وانها مع الوحدة وضد أية محاولة للانشقاقات داخل المجتمع العراقي”.وأضاف الجبوري ان “هذا الرفض جاء بعد أن عقدت الهيئة التنسيقية امس اجتماعها الدوري وتمت فيه مناقشة قرار مجلس محافظة صلاح الدين بتشكيل إقليم فيها وكذلك الاعتقالات والانتهاكات والتهميش التي تعاني منه المحافظة”.