رسالة خاصة ..
إلى كل ولد آدم
يا ابن آدم
عملك عملك
فإنما هو لحمك و دمك
فانظر على أي حال تلقى عملك
إن لأهل التقوى علامات يعرفون بها
صدق الحديث
ووفاء بالعهد
و صلة الرحم
و رحمة الضعفاء
وقلة المباهاة للناس
و حسن الخلق
وسعة الخلق فيما يقرب إلى الله
يا ابن آدم إنك ناظر إلى عملك غدا
يوزن خيره وشره
فلا تحقرن من الخير شيئا و إن صغر
فإنك إذا رأيته سرك مكانه.
ولا تحقرن من الشر شيئا
فإنك إذا رأيته ساءك مكانه.
فإياك و محقرات الذنوب.
رحم الله رجلا كسب طيبا
و أنفق قصدا
و قدم فضلا ليوم فقره و فاقته.
هيهات .. هيهات
ذهبت الدنيا بحال بالها
وبقيت الأعمال قلائد في أعناقكم
أنتم تسوقون الناس
والساعة تسوقكم
و قد أسرع بخياركم
فماذا تنتظرون ؟!!
يا ابن آدم بع دنياك بآخرتك ..
تربحهما جميعا
و لا تبيعن آخرتك بدنياك ..
فتخسرهما جميعا ..
يا ابن آدم إنما أنت أيام !
كلما ذهب يوم ذهب بعضك
فكيف البقاء ؟!
لقد أدركت أقواما ..
ما كانوا يفرحون بشئ من الدنيا أقبل
و لا يتأسفون على شئ منها أدبر
لهي كانت أهون في أعينهم من التراب
فأين نحن منها الآن ؟!
إن المؤمن لا تراه إلا يلوم نفسه
يقول : ما أردت بكلمتي ؟
يقول : ما أردت بأكلتي ؟
يقول : ما أردت بحديث نفسي ؟
فلا تراه إلا يعاتبها
أما الفاجر
نعوذ بالله من حال الفاجر.
فإنه يمضي قدما
و لا يعاتب نفسه ..
حتى يقع في حفرته
وعندها يقول :
يا ويلتى
يا ليتني ..
يا ليتني ..
و لات حين مندم !!!
يا ابن آدم
إياك و الظلم
فإن الظلم ظلمات يوم القيامة
و ليأتين أناس يوم القيامة
بحسنات أمثال الجبال
فما يزال يؤخذ منهم
حتى يبقى الواحد منهم مفلساً
ثم يسحب إلى النار ؟
يا ابن آدم
إذا رأيت الرجل ينافس في الدنيا..
فنافسه في الآخرة
يا ابن آدم
نزّه نفسك
فإنك لا تزال كريما على الناس
و لا يزال الناس يكرمونك ..
ما لم تتعاط ما في أيديهم
فإذا فعلت ذلك :
استخفّوا بك
و كرهوا حديثك
و أبغضوك
أيها الناس
أحبّوا هونا
و أبغضوا هونا
فقد أفرط أقوام في الحب..
حتى هلكوا
و أفرط أقوام في البغض ..
حتى هلكوا .
أيها الناس
لو لم يكون لنا ذنوب إلا حب الدنيا
لخشينا على أنفسنا منها
إن الله عز وجل يقول :
( تريدون عرض الدنيا و الله يريد الآخرة )
**( الأنفال : 67 )
فرحم الله امرءاً ..
أراد ما أراد الله عزّ و جلّ .
أيها الناس
لقد كان الرجل إذا طلب العلم :
يرى ذلك في بصره
و تخشّعه
و لسانه
ويده
وصلاته
و صلته
وزهده
أما الآن .. !!
فقد أصبح العلم ( مصيدة )
و الكل يصيد أو يتصيد
إلا من رحم ربك
و قليل ما هم.
توشك العين تغيض و البحيرات تجفّ.
بعضنا يصطاد بعضاً و الشباك تختلف.
ذا يجئ الأمر رأسا ذا يدور أو يلف.
و الصغير قد يعف و الكبير لا يعف.
و الإمام قد يسف والصغير لا يسف.
و الثياب قد تصون و الثياب قد تشف .
و البغي قد تداري سمها و تلتحف.
و الشتات لا يزال .. يأتلف و يختلف .
و الخطيب لا يزال .. بالعقول يستخف .
و القلوب لا تزال.. للشمال تنحرف .
و الصغير بات يدري.. كيف تؤكل الكتف .
لا تخادع يا صديقي بالحقيقة اعترف.
• لقد رأيت أقواما..
كانت الدنيا أهون عليهم من التراب
و رأيت أقواما ..
يمسي أحدهم و ما يجد إلا قوتا
فيقول :
لا أجعل هذا كله في بطني !
لأجعلن بعضه لله عز وجل !
فيتصدق ببعضه
وهو أحوج ممن يتصدق به عليه !
يا قوم
إن الدنيا دار عمل
من صحبها بالنقص لها و الزهادة فيها
سعد بها و نفعته صحبتها .
ومن صحبها على الرغبة فيها و المحبة لها
شقي بها .
و لكن أين القلوب التي تفقه ؟
و العيون التي تبصر ؟
والآذان التي تسمع ؟
• أين منكم من سمع ؟!!
لم أسمع الله عزّ و جلّ..
فيما عهد إلى عباده
و أنزل عليهم في كتابه :
رغب في الدنيا أحدا من خلقه
و لا رضي له بالطمأنينة فيها
و لا الركون إليها
بل صرّف الآيات
و ضرب الأمثال :
بالعيب لها
و الترغيب في غيرها
أفق يا مغرور
تنشط للقبيح
و تنام عن الحسن
و تتكاسل إذا جدّ الجد !!!
• القلب ينشط للقبيح .. وكم ينام عن الحسن
يا نفس ويحك ما الذي .. يرضيك في دنيا العفن ؟!
أولى بنا سفح الدموع .. و أن يجلببنا الحزن
أولى بنا أن نرعوي أولى بنا لبس ( الكفن)
أولى بنا قتل ( الهوى ) في الصدر أصبح كالوثن
فأمامنا سفر طويل .. بعده يأتي السكن
إما إلى ( نار الجحيم ) .. أو الجنان : ( جنان عدن )
أقسمت ما هذي الحياة.. بها المقام أو ( الوطن)
فلم التلوّن و الخداع ؟ لم الدخول على ( الفتن ) ؟!
يكفي مصانعة الرعاع .. مع التقلب في المحن
تبا لهم من معشر ألفوا معاقرة ( النتن)
بينا يدبّر للأمين أخو الخيانة ( مؤتمن ) !
تبا لمن يتملقون و ينطوون على ( دخن )
تبا لهم فنفاقهم قد لطّخ ( الوجه الحسن)
تبا لمن باع ( الجنان ) لأجل ( خضراء الدمن)
أفيقوا يأهل الغفلة
فالقافلة قد تحركت ,,
و عند الصباح .. يحمد القوم السّرى
{ أفأمن أهل القرى أن يأتيها بأسنا بياتاّ وهم نائمون أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ** ( الأعراف : 97-99)
لا يزداد المؤمن صلاحا..إلا ازداد خوفا
حتى يقول : لا أنجو !
أما الفاسق فيقول : الناس مثلي كثير
و سيغفر لي ، و لا بأس علي ، فرحمة الله واسعة
والله غفور رحيم !
أكمل يا مغرور
ولا تقل : فويل للمصلين !
{ قال عذابي أصيب به من أشاء و رحمتي وسعت كل شئ فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة و الذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة و الإنجيل يأمرهم بالمعروف و ينهاهم عن المنكر و يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث و يضع عنهم إصرهم و الأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه و اتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ** ( الأعراف : 156-157)
واقرأ يا مغرور !
( إن رحمة الله قريب من المحسنين )
** ( الأعراف : 56 )
واقرأ يا مغرور !
{ و إني لغفار لمن تاب و آمن و عمل صالحاً ثم اهتدى ) ** ( طه : 82 )
واقرأ يا مغرور !
{ فاغفر للذين تابوا و اتبعوا سبيلك و قهم عذاب الجحيم ) ** ( غافر : 7 )
و لكن الفاسق المغرور
يخدع نفسه ..
فيؤجل العمل
و يتمنى على الله تعالى.
• تباً لطلاب الدنيا
وهي دنيا !!!
و الله لقد عبدت بنو إسرائيل الأصنام
بعد عبادتهم للرحمن
و ذلك بحبهم للدنيا
• و الله ما صدّق عبد بالنار..
إلا ضاقت عليه الأرض بما رحبت
و إن المنافق المخدوع :
لو كانت النار خلف هذا الحائط
لم يصدق بها ..
حتى يتهجم عليها فيراها !
القلوب .. القلوب
إن القلوب تموت و تحيا
فإذا ماتت :
فاحملوها على الفرائض
فإذا هي أحييت :
فأدبوها بالتطوع .
المؤمن !!! ما المؤمن ؟
و الله ما المؤمن بالذي يعمل شهراً
أو شهرين
أو عاماً
أو عامين
لا و الله
ما جعل الله لمؤمن أجلا ..
.. ( دون الموت )
الذنوب
و هل تتساوى الذنوب؟
إن الرجل ليذنب الذنب فما ينساه
وما يزال متخوفا منه أبدا
حتى يدخل الجنة
الدنيا .. وهموم الدنيا
و التحسر على ما فات
يجعل الحسرة حسرات.
• إن المؤمن إذا طلب حاجة فتيسرت ..
قبلها بميسور الله عزّ و جلّ
و حمد الله تعالى عليها
و إن لم تتيسر .. تركها
و لم يتبعها نفسه
( عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير و ليس ذلك لأحد إلا المؤمن إن أصابته سراء شكر: فكان خيرا له
و إن أصابته ضراء صبر : فكان خيرا له ) .
• نعمت الدار كانت ( الدنيا ) للمؤمن
و ذلك أنه عمل قليلاً
و أخذ زاده منها إلى ( الجنة ) .
و بئست الدار كانت للكافر و المنافق
ذلك أنه تمتع ( ليالي )
و كان زاده منها إلى ( النار ) .
( فمن زحزح عن النار و أدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور )
** ( آل عمران : 185 )
إن المؤمن قوّام على نفسه
يحاسب نفسه لله عزّ و جلّ
و إنما خفّ الحساب يوم الحساب ..
على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا
و إنما شق الحساب ..
على قوم أخذوها من غير محاسبة .
يا قوم
تصبروا و تشددوا
فإنما هي ليالٍ تعد
و إنما أنتم ركب وقوف
يوشك أن يدعى أحدكم فيجيب
فيذهب به و لا يلتفت
فانقلبوا بصالح الأعمال .
إن هذا الحق قد أجهد الناس
و حال بينهم وبين شهواتهم
و إنما صبر على الحق :
من عرف فضله و رجا عاقبته.
أفق يا مغرور من غفلتك
و ابك على خطيئتك.
إذا خاف ( الخليل ) ..
و خاف ( موسى ) ..
كذا خاف ( المسيح ) ..
و خاف ( نوح ) ..
وخاف ( محمد) خير البرايا
فمالي لا أخاف و لا أنوح ؟!
• و يحك يا ابن آدم
هل لك بمحاربة الله طاقة ؟!
إنه من عصى ربه فقد حاربه !
يا هذا
أدم الحزن على خير الآخرة
لعله يوصلك إليك .
وابك في ساعات الخلوة
لعل مولاك يطلع عليك فيرحم عبرتك
فتكون من الفائزين .
يا هذا
رطّب لسانك بذكر الله
وندّ جفونك بالدموع ..
من خشية الله
فوالله ما هو إلا حلول القرار :
في الجنة أو النار
ليس هناك منزل ثالث
من أخطأته الرحمة
صار و الله إلى العذاب .
السنة .. السنة
وطّنوا النفوس على حبها
وتعظيمها
و الحنين إليها
فقد جاء في الأثر :
لما اتخذ النبي صل الله عليه و آله و سلم المنبر ..
حنّت الجذع ..
كما يحنّ الفصيل إلى أمه
و بكت بكاء الصبي !!
يا عباد الله !
الخشبة تحنّ إلى رسول الله صل الله عليه و آله و سلم
شوقاً إليه !
فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى لقائه
- منقول -