October 29 _ 2011
غرف علميات انشئت بمبالغ طائلة يجلس فيها المسؤولون لمشاهدة حادث سيدة النجاة ويتحكمون بالمظاهرات
الاميركان يتركون في بغداد شبكة مناطيد وطائرات تزود العراقيين بأخطر المعلومات خلال 10 ثوان

قاسم عطا - عمليات بغداد ... لويد اوستن - قائد الجيش الامريكي ... عدنان الاسدي - وزارة الداخلية

بغداد – العالم
قال ضابط عراقي رفيع ان الجيش الاميركي الذي يستعد للانسحاب من البلاد بعد نحو شهرين، ترك في بغداد غرفة عمليات مزودة بأحدث تكنولوجيا المراقبة الامنية، مبينا ان القادة الكبار صاروا لا يحتاجون اكثر من 10 ثوان، لتبادل اخطر المعلومات. وذكر ان شبكة من المناطيد العملاقة والطيارات بدون طيار، والكاميرات، تغطي معظم انحاء العاصمة، وتبث الصور مباشرة الى كبار مسؤولي الملف الامني.
وذكر المصدر ان غرف العمليات المتطورة هذه، ساعدت الحكومة في التحكم بالمظاهرات الشعبية، كما اتاحت للقادة الاطلاع بالصورة المباشرة، على حركة الارهابيين داخل كنيسة النجاة في الاعتداء الرهيب الذي تضمن اخذ 80 رهينة العام الماضي، مبينا ان مسؤولي الامن كبار السن يحاولون تعلم التكنولوجيا ببطء، ويستعينون بالضباط الشباب لتحريك المناطيد والطائرات والكاميرات.
وأضاف الضابط الذي طلب من "العالم" عدم الكشف عن اسمه، ان واشنطن انفقت مبالغ طائلة على إنشاء غرف عمليات أمنية متطورة، ساعدت العراقيين على استلام المعلومات وإرسالها، واصفا هذه الغرف بأنها قاعات كبيرة تحوي شاشات عملاقة، وتستلم المعلومات من الكاميرات والمتحسسات الموزعة على جميع مفاصل بغداد، فضلا عن المناطيد والطائرات المسيّرة التي تغطي سماء العاصمة.
ويقول الضابط الذي يعمل في غرفة قيادة عمليات بغداد، إن "غرف قيادة العمليات التابعة للأجهزة الأمنية شهدت طفرة نوعية في مجال استخدام التكنولوجيا المتطورة من أجهزة اتصالات وشاشات عرض إلكترونية عملاقة، وأصبح بإمكان المشرفين على هذه الغرف تمرير المعلومة بثوان معدودة الى القادة الميدانيين على الارض، فضلا عن مشاركتها مع باقي الأجهزة الأمنية، في وقت كانت المعلومات تتداول بالهاتف المحمول حتى قبل 3 أعوام".
واضاف "اليوم هناك جهاز إرسال واستقبال متوافر داخل غرف العمليات، يشارك المعلومات الموجودة دون الخوف من اختراقه، ودون الخشية من تأخر الإرسال او الاستقبال للمعلومات، وبالإمكان تعميم المعلومات الى أصغر مفصل أمني في أقل من 10 ثوان"، موضحا "في قيادة عمليات بغداد، هناك حاليا اتصال مباشر بين طائرة الاستطلاع المسيّرة من دون طيار والمناطيد المنتشرة في عموم العاصمة، ويتم معالجة المعلومات بشكل سريع حال توفرها، وبالإمكان متابعة أي هدف ثابت أو متحرك على الأرض".
ويتابع المصدر "تم الاستفادة من هذه الوسائل في السيطرة على المجموعة الارهابية التي اقتحمت كنيسة (سيدة النجاة)، حيث كانت الطائرات المسيّرة تنقل صورا كثيرة بشكل مباشر للمجموعة الإرهابية واماكن اختبائها، الى القادة الميدانيين على الارض، وتمكن القادة الكبار من إدارة المعركة من الجو، الأمر الذي قلل الخسائر ومنح القادة الأمنيين فرصة للتعامل مع الموقف رغم تعقيده".
ويذهب المصدر إلى أن "غرف العمليات ساعدت هؤلاء القادة على إدارة التظاهرات التي حصلت خلال الأشهر الماضية، وتوجيه القوات الأمنية في الميدان حسب ما تقتضيه الحاجة، وأشرفوا على ضمان عدم الاعتداء على المتظاهرين، وتم إقصاء بعض عناصر الأجهزة الأمنية الذين بثت كاميرات المراقبة صورا حية لهم، وهم يتعاملون مع بعض المتظاهرين بقسوة، وصدرت الأوامر الفورية من القادة الامنيين بإحالتهم الى الجهات المختصة"، لافتا إلى أن "جميع كاميرات المراقبة المنتشرة في بغداد، مرتبطة بالقيادة المركزية في قيادة عمليات بغداد".
ويرى المصدر أن "الانسحاب الأميركي لن يؤثر على عمل غرف العمليات، من حيث الاجهزة والبرامجيات المتوفرة داخلها، فضلا عن زج العاملين على إدارة هذه الغرف في دورات احترافية، أهّلتهم لتولي مهمة صيانتها إذا ما تعطلت، فهم في تعاون مشترك مع الأميركان منذ 2006 حتى الآن".
ويكشف أن "الإنفاق على متطلبات غرف العمليات، يتم بعيدا عن الإجراءات البيروقراطية البطيئة المتبعة في مؤسسات الدولة الأخرى، وهذا يشمل أذرع هذه الغرف من كاميرات المراقبة والمتحسسات المنتشرة في عموم بغداد، إذ يتم استبدال المعطوب منها بسرعة فائقة، حرصا على عدم فقدان المعلومات"، مبينا "واجهنا في أحد الأيام العاصفة سقوط عدد من كاميرات المراقبة، وتم استبدالها خلال 24 ساعة وإعادتها الى الخدمة".
وعن التنسيق بين أذرع غرف العمليات، يؤكد أن "هناك شراكة بين غرف العمليات في قيادة عمليات بغداد، ومركز السيطرة الموجود في مجلس محافظة بغداد، إذ ترتبط به مجموعة كبيرة من كاميرات المراقبة المنتشرة في عموم الشوارع الرئيسية، والتقاطعات والعُقد المهمة".
ويذكر أن "غرفة عمليات قيادة عمليات بغداد هي الأكبر في العراق، وتضم ممثلين عن وزارات الدفاع والداخلية والأمن الوطني ومديريات النجدة والمرور والدفاع المدني وجهاز المخابرات الوطني ومديرية الاستخبارات وقيادة القوة الجوية وطيران الجيش، وهي المكان الوحيد الذي من غير الممكن أن يحصل فيه خلاف بين المؤسسات الامنية، كالتي يشهدها الميدان في بعض الاحيان"، مشددا على أن "العمل في غرف العمليات يستمر على مدار الساعة، وبواقع 3 وجبات عمل متكاملة". ويصف المصدر غرفة العمليات بأنها "قاعة كبيرة تحوي شاشات عملاقة وأجهزة حاسوب متطورة، والقوات الأميركية مولت إنشاءها بالكامل بمبالغ طائلة، فضلا عن أن الاميركان مولوا إنشاء غرف عمليات أخرى في وزارتي الدفاع والداخلية، وهناك أقسام ملحقة بقاعة السيطرة الرئيسية، يتم من خلالها تداول العمل الاستخباري".
ويستطرد المصدر بالقول "بإمكان القادة الأمنيين في قيادة القوات البرية وفي قيادة الشرطة الاتحادية الآن، التراسل فيديويا عبر منظومة الدائرة التلفزيونية المغلقة، والاشتراك في قيادة أي اجتماع أو خلية أزمة في أي محافظة عن بعد، وبهذا تم تذليل عقبة اجتماع القادة في مكان واحد، هم وأرتالهم ومعاونوهم، وصار بإمكانهم اللقاء عبر هذه الدائرة وهم في مكاتبهم".
وبشأن فرق العمل داخل غرف العمليات، يختم المصدر بالقول "القادة الأمنيون يستعينون بخبراء لإدارة العمل في هذه الغرف، وبحكم أعمارهم الكبيرة فإن خبرتهم قليلة بالتعاطي مع التكنولوجيا الحديثة، لذا يكتفون بالشاشة العملاقة التي يديرون العمليات من خلالها، وهي مقسمة الى عدة اقسام، ويتم تحريكها وفقا لأوامر القادة الكبار، ولكنهم حريصون على تعلم البعض من هذه التقنيات"، ممثلا لذلك بأن "القادة الكبار إذا أرادوا تغيير مسار أي كاميرا مراقبة، يكتفون بإصدار الأمر للخبراء، لينفذوا ذلك"