السلام عليكم
مسألة التنمية الزراعية من الأولويات التنموية الأساسية لدى صانعي القرار السياسي والاقتصادي وهي موضع عناية الباحثين والمفكرين في العديد من مناطق العالم وبالذات عالمنا العربي. ورغم أهمية الإمكانات العربية المتاحة وخاصة في مجالي الأراضي والمياه فإن العجز الغذائي في الوطن العربي ظل في تفاقم مستمر.
ومن الضروري الوقوف على ما هو متاح عربيا في المجال الطبيعي أي الموارد الأرضية والمائية لنعرف أبعاد المشاكل المتصلة بأزمة الغذاء على مستوى العالم العربي.
تقدر المساحة الإجمالية للوطن العربي بحوالي 1402 مليون هكتار (أي ما يعادل حوالي 14 مليون كيلومتر مربع)، وهي تمثل حوالي 10.2% من مساحة العالم. كما لا تتجاوز مساحة الأراضي القابلة للزراعة منها سوى 197 مليون هكتار وهو ما يعادل نسبة 14.1% من المساحة الكلية للوطن العربي. وتشير الإحصائيات إلى أن المساحة الزراعية الكلية في المنطقة العربية وصلت عام 2000 حوالي 70 مليون هكتار فقط, ويعني ذلك أن حوالي ثلثي الرقعة الأرضية القابلة للزراعة في الوطن العربي لا يزالان غير مستغلين، كما يعكس ذلك الطاقات الكامنة العربية للتوسع الأفقي في الأراضي المزروعة عندما تتوافر شروط ومقومات يفتقر إليها حاليا الواقع الزراعي العربي.
ويمكن تصنيف الموارد الطبيعية الزراعية إلى: أراض وموارد مائية وغابات ومراع.
”لا بد من ترشيد استخدام الموارد المائية المتاحة عربيا وهذا يعني تكافل الجهود العربية وتكاملها من أجل الحد من سوء استغلال المياه المتاحة اللازمة لإنتاج زراعي يقابل الطلب على الغذاء في وطننا العربي.”
أولا- الأراضي الزراعية
إذا كانت المساحة الزراعية الكلية للوطن العربي قد شهدت تطورا ملحوظا خلال عقد التسعينات لتصل إلى حوالي 70 مليون هكتار, فإن الاستفادة من هذا التطور لا تزال دون المستوى المأمول واللازم لمواجهة المستوى المتنامي للطلب على الغذاء في الدول العربية.
وقد شهدت الأراضي المستديمة تذبذبا في حصتها من الأراضي المزروعة لتصل إلى 7.1 ملايين هكتار عام 2000 مقابل 5.6 ملايين عام 1990. كما سجلت مساحة الأراضي الزراعية الموسمية تطورا بارزا لتبلغ 62.9 مليون هكتار عام 2000 مقارنة بـ 53.3 مليونا عام 1990. وسجلت مساحة الأراضي المروية في هذا الإطار نموا ملحوظا لتصل إلى 11.1 مليون هكتار عام 2000 مقابل 10 ملايين عام 1990. هذا وقد انخفضت مساحة الزراعة المطرية من 35 مليون هكتار عام 1990 إلى 33.2 مليونا عام 2000 نظرا -ربما- لتذبذب مواسم الأمطار واعتماد مثل هذا النوع من الزراعة على الظروف المناخية.
وقد تضاعفت الرقعة الأرضية المتروكة وغير المستغلة (الأراضي البور) من مجمل الأراضي المصنفة على أنها أراض زراعية لتصل إلى أكثر من 18.6 مليون هكتار عام 2000 مقابل 9.2 ملايين عام 1990 كما يوضحه الجدول التالي:
جدول
الأراضي الزراعية في الوطن العربي (ألف هكتار)
المعطيات
1991
1995
1998
1999
2000*
أولا- المساحة الزراعية الكلية:
58.942
67.301
66.882
67.131
70.023
الأراضي المستديمة
5.632
6.492
6.737
6.961
7.082
الأراضي الموسمية
53.310
60.809
60.145
60.170
62.941
الزراعة المطرية
35.037
35.265
33.009
10.330
11.063
الزراعة المروية
8.998
10.280
10.663
10.330
10.063
الأراضي البور
9.275
1.5264
15.082
16.831
18.623
ثانيا- الغابات
64.960
90.013
93.256
92.127
100.499
ثالثا- المراعي
324.13
358.53
337.53
341.00
350.39
المصدر: المنظمة العربية للتنمية الزراعية, قطاع الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية في الوطن العربي عام 2000.
* بالنسبة لعام 2000 المذكور تقديرات وليس إحصائيات.
يشار إلى أن التوزيع القطري للأراضي الزراعية الكلية يتميز بالتباين والأهمية من بلد لآخر.
ثانيا- الموارد المائية
توزيع الموارد المائية في الوطن العربي:
يقع حوالي 80% من المساحة الكلية للوطن العربي في المناطق المناخية الجافة وشبه الجافة التي تتسم بسقوط متذبذب للأمطار على مدار السنة، وبالتغير في كمياته من سنة إلى أخرى. وإذا كانت مساحة الوطن العربي تمثل 10.2% من مساحة العالم فإن موارده المائية لا تمثل سوى 0.5% من الموارد المائية المتجددة العالمية، كما لا يتجاوز معدل حصة الفرد العربي حاليا من الموارد المائية المتاحة, حدود 1000 متر مكعب سنويا, مقابل 7000 متر مكعب للفرد كمتوسط عالمي.
وتشير بعض المصادر إلى أن جملة الموارد المائية المتاحة (المتجددة) في الوطن العربي تقدر بما يقارب 265 مليار متر مكعب في السنة، تتوزع بين 230 مليارا كمياه سطحية و35 مليارا كمياه جوفية، بالإضافة إلى بعض المياه الناجمة عن إعادة استخدام المياه العادمة من الصناعة والصرف الصحي وتلك المتأتية من تحلية المياه المالحة.
ورغم ضعف مستوى حصة الفرد العربي من الماء في الوقت الحاضر فإن التنبؤات المستقبلية تشير إلى أن هذا المستوى سوف ينخفض إلى حدود 460م2 في السنة بحلول عام 2025، وأنه سيصبح أكثر من نصف الوطن العربي تحت خط الفقر المائي (التقرير الاقتصادي العربي الموحد، 2001, ص 38). تضاف إلى ذلك احتمالات تناقص كميات المياه التي ترد من الخارج بسبب بعض الخلافات مع دول الجوار المشتركة معها في مصادر هذه المياه, والتي تمثل 50% من المياه المتاحة عربيا والواردة أساسا من نهر النيل ونهري دجلة والفرات ونهر السنغال.
وتتوزع المياه السطحية المتاحة في الوطن العربي كما يلي (حسب التقرير الموحد، 2001):
38.5% من مجموع المياه السطحية المتاحة عربيا في الإقليم الأوسط (مصر والسودان والصومال وجيبوتي).
37% منها في إقليم المشرق الغربي (الأردن وسوريا ولبنان والعراق وفلسطين).
19.7% في دول المغرب العربي (ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا).
4.8% في شبه الجزيرة العربية (اليمن ودول مجلس التعاون الخليجي).
استخدامات الموارد المائية:
تقدر استخدامات المياه في الدول العربية بما يناهز 190.7 مليار متر مكعب سنويا وهو ما يمثل نسبة 72% من مجموع الموارد المائية المتاحة. وتتوزع هذه الاستخدامات بين قطاع الزراعة بنسبة 87% والاستخدام المنزلي بنسبة 8% والاستخدامات الصناعية بنسبة 5%. وتعكس أهمية النسبة التي يستحوذ عليها قطاع الزراعة من جملة استخدامات المياه, ضرورة استعمال التقنيات المتطورة من أجل عقلنة وترشيد استخدام المياه في هذا القطاع.
وتعادل جملة الاستخدامات المائية في الزراعة في الوطن العربي 166.5 مليار متر مكعب في السنة, منها حوالي 157 مليارا تستخدم سنويا في الري السطحي. وتقدر كفاءة هذا النظام بـ 38% في السنة، مما يعكس أن نسبة هامة من الموارد المائية تضيع هدرا وتسربا وتبخرا وتلوثا. ويعزى الهدر في الموارد المائية إلى عدة عوامل من بينها تدني مستوى كفاءة إدارة الموارد المائية، وتدني مستوى أو حتى فقدان الوعي المائي وما يرتبط به من إسراف وتبذير وتلويث للمياه، وتخلف مستوى التجهيزات والبنية التحتية في مجال استخدام المياه في أغلب الدول العربية بصورة عامة, واستخداماتها في الري بصورة خاصة.
وهنا نشير إلى ضرورة ترشيد استخدام الموارد المائية المتاحة عربيا والحاجة الملحة إلى العمل على توفير المزيد من هذه الموارد، وهو ما يستوجب تكافل الجهود العربية وتكاملها من أجل الحد من سوء استغلال المياه المتاحة اللازمة لإنتاج زراعي يقابل الطلب على الغذاء في وطننا العربي
اتمنى ان يعجبكم